ما زال العرض الدامي بكل تفاصيله المؤلمة ساريًا في المشهد السوري، شعب يعيش تحت القصف والإبادة الجماعية والمذابح وسط صمت دولي مزرٍ، وتواطؤ إقليمي مفضوح، المشهد هذه المرة من درعا البلد؛ حيث أعلنت لجنة التفاوض عن أهالي درعا البلد انهيار الاتفاق الذي أبرم مع الروس والنظام السوري، الذي أعلن عنه قبل يومين، وطالبت بالخروج الآمن للأهالي خارج البلاد.
.ففي درعا مهد الثورة السورية عاد صوت الرصاص ليواجه صوت الحرية وخفقات الأمل والسلام، بعد أن أعاد نظام الأسد تشغيل آلته الحربية ضد الأهالي في المحافظة الجنوبية.
الاتفاق المنهار
في الأول من الشهر الجاري، أعلنت لجنة التفاوض التوصل لاتفاق مع النظام والجانب الروسي يقضي بدخول دوريات تابعة للشرطة الروسية إلى درعا البلد، وفتح مركز لتسوية أوضاع المطلوبين وأسلحتهم، ونشر 4 نقاط أمنية، ومعاينة هويات الموجودين في المنطقة، وإعادة مخفر الشرطة إليها، وذلك مقابل الوقف الفوري لإطلاق النار، وفك الطوق عن محيطها، وإدخال الخدمات إليها، وإطلاق سراح المعتقلين وبيان مصير المفقودين.
التيار الإيراني أفشل التفاوض
وذكرت لجنة التفاوض في درعا البلد، أن النظام انقلب على الاتفاق المبرم برعاية روسية، ونقل تجمع أحرار حوران، عن الناطق باسم لجنة التفاوض في مدينة درعا المحامي عدنان المسالمة، أن التيار الإيراني أفشل الاتفاق المعلن منذ يومين بخصوص الأحياء المحاصرة في مدينة درعا.
وأضاف المسالمة أن لجنة التفاوض أبلغت اللجنة الأمنية التابعة للنظام، أمس الجمعة، بأن أهالي الأحياء المحاصرة غير قادرين على تقبل مطالب ضباط النظام بتسليم السلاح بشكل كامل، وشن حملات تفتيش للمنازل كافة في أحياء مدينة درعا، إضافة إلى عدم قدرتهم على التعايش مع الحواجز العسكرية داخل أحيائهم، وخصوصاً عقب تقديم اللجنة الأمنية طلبات جديدة خلال اجتماع جرى، الخميس الماضي، بحضور الوفد الروسي، أبرزها زيادة النقاط العسكرية إلى 9 بدلاً من 4 وفق الاتفاق الأخير.
وطالبت لجنة التفاوض خلال اجتماع مع وفدي النظام وروسيا بتأمين طريق لخروج الأهالي بشكل آمن من المناطق المحاصرة إلى الأردن أو تركيا، بسبب زيادة الضغط بحصر الاتفاق في درعا البلد فقط دون حيي مخيم درعا وطريق السد.
مناشدات مستمرة من الأهالي
في الوقت نفسه، ومع استمرار الحصار، ناشد أهالي وفعاليات مدينة درعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش، والمبعوث الخاص لها غير بيدرسون، ووزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وسفراء دول أصدقاء سورية، بالتدخل السريع لإنقاذ حياة الأهالي في المنطقة، وذلك في بيان صدر عنهم الجمعة.
150 تحت خطر الإبادة
وتحدث البيان عن ضرورة إنقاذ أكثر من 50 ألف إنسان من المدنيين، المهددين بإبادة جماعية بعد الحصار القاسي الذي فرضه نظام الأسد على درعا منذ 75 يوماً، في ظل الهجمات العسكرية الهمجية والقصف المدفعي العشوائي على منازل وأحياء المدنيين، بمشاركة من المليشيات الإيرانية التي تهدف إلى فرض سيطرة إيران على الجنوب السوري.
ولفت الأهالي في بيانهم إلى أن تعنت النظام السوري، وإصراره على إخضاع المواطنين بالقوة والعنف، وتهديده بالتهجير القسري لكل من يطالب بحقه، وفق مضمون الاتفاقية التي تم عقدها برعاية روسية عام 2018، مما جعل المفاوضات تصل إلى طريق مسدود.
تفاقم الأوضاع الإنسانية
ومنذ نهاية يوليو الماضي، شهدت مدينة درعا هجوماً من قبل النظام على المدينة، بعد 3 سنوات من تسوية استثنائية رعتها روسيا، وتفاقمت الأوضاع الإنسانية مع حصار فرضته قوات النظام على درعا البلد، الأحياء الجنوبية لمدينة درعا حيث يقيم مقاتلون معارضون.
لأنها مهد الثورة
يرى الكثير من المراقبين أنه هذا التعنت مع أهالي درعا البلد سببه أنها كانت مهد الثورة السورية عام 2011، وهي المنطقة الوحيدة التي لم يخرج منها كل مقاتلي الفصائل بعد استعادة قوات النظام السيطرة عليها في يوليو 2018، إذ وضع اتفاق تسوية رعته موسكو حدّاً للعمليات العسكرية، وأبقى وجود مقاتلين معارضين احتفظوا بأسلحة خفيفة، فيما لم تنتشر قوات النظام في كل أنحاء المحافظة.
ماذا يعني فشل الانهيار؟
أشار أهالي درعا البلد إلى أن انهيار الاتفاق صاحبه تصاعد التهديدات من قبل النظام الآن، باقتحام أحياء درعا، وهذا يعني وقوع إبادة جماعية لسكان درعا الذين يصرون على حقهم في التمسك بأرضهم، وعدم الاستسلام والخضوع لنظام الأسد الطائفي والقوى الإيرانية التي تشاركه الهجوم والقتل.