على طريقة فيلمي “الهروب الكبير”، و”شاوشنك”، نجح 6 من كبار الأسرى الفلسطينيين في الهروب من أكثر سجون “إسرائيل” حراسة عبر حفر نفق أسفل “مغسلة” المرحاض، وتمكنوا من الخروج عبر بئر الصرف الصحي للسجن.
لأنه حدث غير عادي على الإطلاق بل “عملية هروب” تاريخية من السجن الأشد حراسة في دولة الاحتلال وفي ظل عرقلة الاحتلال الإفراج عن الأسرى، فقد هزت العملية كيان الاحتلال وصدمت جنوده وضباطه لأنها أظهرت الفشل الكبير لمنظومة الأمن “الإسرائيلية”.
رئيس الوزراء “الإسرائيلي” نفتالي بينيت، أشار لهذا بوصفه فرار 6 معتقلين فلسطينيين عبر نفق حفروه أسفل مغسلة بأنه “حدث خطير يلزم جميع الأجهزة الأمنية بالتحرك”.
تحدث بينيت مع وزير الأمن الداخلي عومر بار ليف في أعقاب فرار السجناء، قائلًا، بحسب بيان نشره ديوانه: إن “هذا حدث خطير يلزم جميع الأجهزة الأمنية بالتحرك”.
زاد من قوة الضربة الفلسطينية للاحتلال أن 5 من الهاربين ينتمون لحركة “الجهاد”، والسادس قائد سابق لجماعة مسلحة تنتمي لحركة “فتح”، بحسب السجون “الإسرائيلية”.
قناة “كان” العبرية أشارت إلى أنّ من بين الفارين زكريا الزبيدي، القائد السابق في “كتائب شهداء الأقصى” عضو المجلس الثوري لحركة “فتح”، وقالت القناة: إنّ الخمسة الباقين ينتمون لحركة “الجهاد الإسلامي”.
والأسرى الذي يوضعون في سجن جلبوع في غالبيتهم من الأسرى الذين حُكم عليهم بالسجن لفترات طويلة جداً، ويحتوي أيضاً على أقسام لمعتقلين جنائيين، وزنازين فردية.
وقال قائد مصلحة السجون “الإسرائيلية” في المنطقة الشمالية أريك يعقوب: إن الستة فلسطينيين الذين هربوا من سجن “إسرائيلي” شديد الحراسة حفروا نفقاً في أرضية مرحاض زنزانتهم للوصول إلى السراديب التي تكونت نتيجة إنشاء السجن.
بسبب الصدمة “الإسرائيلية”، أكدت صحف “إسرائيل” أن السلطات “الإسرائيلية” تعتزم نقل 400 أسير فلسطيني من سجن “جلبوع” إلى سجون أخرى خلال الساعات المقبلة خوفاً من وجود أنفاق أخرى، بعد فرار 6 أسرى اليوم الإثنين.
حرب عقول
وتحدثت صحف “تل أبيب” عما أسمته “حرب عقول” وثغرات استغلها الأسرى الفلسطينيون للهرب من سجن جلبوع “الإسرائيلي” وسط ذهول من كيفية تنفيذ هذا الهروب.
حيث تشير معطيات “إسرائيلية” أولية إلى أن الأسرى الفلسطينيين الستة الذين فروّا من سجن جلبوع درسوا مبنى السجن، وتغلبوا على ثغرات فيه، كما أجروا مكالمات هاتفية رغم وجود أجهزة تشويش.
وزعم قائد المنطقة الشمالية في مصلحة السجون “الإسرائيلية” غوندير إريك يعكوف، الإثنين، أن الأسرى الفلسطينيين الستة الذين نجحوا في الفرار من سجن “جلبوع” شديد الحراسة، لم يحفروا النفق كلّه بأنفسهم!
وأضاف لموقع “واللا” العبري: الأسرى لم يحفروا النفق حتى آخره من أجل الهروب، ثمّة معطيات تفيد بأنهم استطاعوا معرفة طبيعة المنطقة بشكل عام وتطويعها من أجل الهروب.
وقال: الحديث لا يدور عن نفق تم حفره كله، الأسرى استغلوا شيئاً اكتشفوه في مبنى الزنازين نفسها.
مسؤول أمني صهيوني قال لموقع “واللا” العبري: إن الحديث يدور عن تقصير خطير جداً، وأضاف: كيف حفر الأسرى هذا النفق تحت أعين السجّانين في السجن الذي يخضع لحراسة أمنية مشددة للغاية؟
وتساءل: لا يمكن أن يحمل أي أسير أي شيء معه إلى غرفته حتى لو كانت ملعقة، فكيف إذن حفروا النفق؟ وأين اختفت الرمال التي أخرجوها من الحفرة؟ وكيف أدار هؤلاء الأسرى مكالمات هاتفية إلى الخارج من خلال غرفتهم التي يقف على أبوابها حُراس؟
ولفتت صحيفة “يديعوت” إلى أن أكثر ما يحيّر إدارة السجون “الإسرائيلية” حتى اللحظة هو “اختفاء الرمال” التي أخرجت من النفق الذي هرب الأسرى من خلاله، إذ لم يعثر على أي مكن تجمع فيه هذه الكمية من الرمال حتى اللحظة داخل السجن أو خارجه.
تشير صحيفة “هاآرتس” العبرية في السياق ذاته إلى أن المعلومات الأولية تؤكد أن الأسرى أجروا مكالمات هاتفية من داخل غرفتهم التي يحتجزون فيها، فكيف حصل الأسرى على هاتف داخل سجن مشدد الحراسة؟
وتضيف أن إدارة سجن جلبوع بالذات تضع أجهزة كثيرة للتشويش على أي محاولة لإجراء مكالمات هاتفية، لكن الأسرى رغم ذلك نجحوا في إجرائها.
وتبقى مسألة “الرمال” هي المسألة الأكثر تعقيداً بالنسبة إلى إدارة السجون بـ”إسرائيل”، تقول “هاآرتس”: إن الأجهزة “الإسرائيلية” كافة تبحث عن الرمال التي استخرجها الأسرى من النفق الذي قاموا بحفره والفرار من السجن بواسطته، “وحتى الآن لا يُعرف أين ذهبت كمية كبيرة من الرمال، وأين كان الأسرى يفرغونها وسط كل هذه الحراسة؟!”.
وبحسب موقع قناة “12” العبرية، تشير التقديرات إلى أن حفر النفق استغرق عدة سنوات، وتقف خلفه حرب عقول بين المحتل والفلسطينيين، وأنه كانت تنتظر الأسرى 6 سيارات للهروب، لنقلهم مباشرة إلى الضفة الغربية، وتم حفر النفق أسفل “مغسلة” المرحاض، وتمكنوا من الخروج عبر بئر الصرف الصحي للسجن.
وقالت القناة: يبقى السؤال حول كيفية تمكن الأسرى من حفر نفق من هذا النوع داخل السجن، الذي يعتبر من أحد أفضل السجون في “إسرائيل”! معتبرة ما جرى بأنه فشل كبير لمصلحة السجون.
ووصف مصدر أمني ما جرى بأنها حادثة محرجة للغاية بالنسبة لمصلحة السجون، وأن التخطيط لها كان معداً منذ فترة طويلة دون وجود أي معلومات استخباراتية حول ذلك.
أفلام هروب عالمية
وتتشابه الواقعة مع فيلم “الهروب الكبير”، وهو فيلم أمريكي أنتج عام 1963 مبني على قصة حقيقية وقعت خلال الحرب العالمية الثانية لهروب مجموعة من الجنود من ضباط دول التحالف والمعتقلين كسجناء من أحد المعتقلات النازية (شتالاج لوفت) حيث ابتكروا خطة للهروب من هذا المعتقل الحصين وتهريب 250 معتقلاً عبر فتحة نفق في مرحاض.
كما يتشابه مع فيلم “الخلاص من شاوشنك”، وهو سجن أمريكي هرب منه أمريكي بنفس الطريقة عبر حفر نفق يصل لبالوعة صرف صحي لخارج السجن.
وطبقاً لإذاعة “كان” العبرية، وصحيفة “هاآرتس”، فإن الستة كانوا معاً في نفس الزنزانة، وحفروا نفقاً إلى خارج السجن طوله يصل إلى عشرات الأمتار، وتم اكتشاف فتحة النفق على بُعد أمتار قليلة خارج أسوار السجن.
وأفادت وسائل إعلام عبرية بأن السلطات “الإسرائيلية” تعتزم نقل 400 أسير فلسطيني من سجن “جلبوع” إلى سجون أخرى خلال الساعات المقبلة خوفاً من وجود أنفاق أخرى، بعد فرار 6 أسرى اليوم الإثنين.
وضجت منصات التواصل الاجتماعي بالتعليق على “هذا الإنجاز العظيم” وركّز النشطاء على أهمية عملية الفرار و”عبقرية” الأسرى و”عزيمتهم” وكيف أنها تعني التغلب على منظومة أمن من عدة طبقات (بشرية وإلكترونية وكلاب حراسة) مع إجراءات فحص وتعقب وكاميرات على مدار الساعة، إضافة إلى قدرة على إبقاء العملية سرية، رغم أن التحضير لها يستغرق عدة أشهر أو سنوات.
وأضافوا أنها تعني أيضاً حفر الأرضية المصنوعة من أسمنت مقوى، وشبكات حديد ضخمة، وأنظمة جس حساسة، بأدوات بدائية؛ ربما ملعقة أو مسمار، لافتاً إلى أن كتمان صوت الحفر وإخفاء التربة ومعرفة الاتجاهات والمخارج؛ تحتاج عبقرية وإرادة وحساً أمنياً نادراً جداً.
لذلك شبّه اللواء المتقاعد رامي عفوديا، الذي شغل في السابق منصباً رفيعاً في مصلحة السجون، في مقابلة مع الإذاعة العبرية الرسمية، تمكن الأسرى الستة من الفرار، بفشل الجيش “الإسرائيلي” في حرب عام 1973، محذراً من أن بعض الأسرى الذين تمكنوا من الفرار أدينوا بقتل جنود ومستوطنين.