تتمنى كل أم أن ترى ابنتها ملتزمة بالحجاب الذي فرضه الله تعالى عليها، إلا أن الواقع يؤكد أن بعض الفتيات يرفضن ذلك، فما المطلوب فعله من الأم حتى لا تتفاجأ بمثل هذا الرفض؟
هذا ما يجيب عليه التقرير التالي الذي أعدته الأخت الفاضلة حياة الجاسم والأخت الفاضلة أمل سالمين، ونشرته المجتمع في العدد 1018 بتاريخ 29/9/1992.
ابنتي والحجاب
الحجاب عنوان المرأة المسلمة والأمر الرباني لبنات ونساء المسلمين وكم من مسلمة تخلت عنه وارتضت لنفسها السفور والتبرج؟؟ وإذا كان الأمر عقديا لا جدال بوجوبه على المرأة المسلمة حتى عند الكثيرات من السافرات اللاتي يعترفن بعصيانهن وتقصيرهن ممن بلغن سن الرشد بل وتجاوزنه وسرن في مراحل العمر إلا أن مغريات الحياة الدنيا وحب الزينة كان أقوى من إيمانهن رغم اعترافهن، فكيف الحال بالبراعم الصغيرة من الفتيات المسلمات وكيف تصرفت الأم المسلمة الملتزمة بدينها الحريصة على طاعة ربها في نفسها وابنتها؟؟ كيف هیأت لابنتها أمر ارتدائها له وما هي الصعوبات التي واجهتها في ذلك؟ وهل لقيت سرعة الاستجابة والقبول من ابنتها الصغيرة أم عكس ذلك وهل أحبت المتحجبة الصغيرة واعتزت به أم نفرت منه في هذا العصر الذي يزين المنكرات ويصد عن الستر والاحتشام بكل وسيلة؟
حول هذا الموضوع كان لنا هذا التحقيق مع أمهات وبنات حرصن على تنفيذ أمر الله حتى قبل وجوبه فماذا قالت لنا أخواتنا الفاضلات؟؟
السيدة هيفاء الخضري زوجة الدكتور نجيب الرفاعي
وكان لقاؤنا الأول مع الأخت هيفاء الخضري زوجة الدكتور نجيب الرفاعي وابنتها ميساء ذات الخمسة عشر ربيعا والطالبة في الصف الأول الثانوي في مدرسة النجاة الخاصة، تقول السيدة هيفاء: تحجبت ابنتي منذ أن كانت في الصف الأول المتوسط والحمد الله لم أواجه أية صعوبات في هذا الأمر إذ هیأتها لذلك منذ صغرها والابنة تجد دوما في الأم مثالا لها وقدوة تقتدي بها، كما أنني كنت أدعوها للذهاب معي إلى المسجد في الجمع وصلاة العيدين وكانت أثناءها ترتدي الحجاب، كما أني قد عودتها على اللباس الساتر منذ الصغر، ولما سألناها إن كانت تحدثها عن فرضية الحجاب أم أنها تركت ذلك للظروف قالت: طبعا، منذ الصغر كنت أحدث بناتي عن الحجاب وعندي كذلك ابنتي نسيبة التي تحجبت منذ دخولها المتوسط فقد كان بيني وبين والدهن تفاهم حول مسألة ارتدائهن الحجاب عند دخولهن المرحلة المتوسطة وحتى قبل البلوغ، فالطفلة يجب أن تهيأ منذ الصغر ولا تترك للظروف لأني أرى كثيرا من الأخوات ممن تركن الأمر للظروف لكنهن الآن يجدن صعوبة شديدة في تقبل بناتهن لأمر الحجاب، كذلك البيئة التي تعيش فيها البنت يجب أن تكون فيها دعوة لفرضية الحجاب وتوضيح أهميته لها، وبالنسبة لابنتي ميساء درست المرحلة المتوسطة في مدرسة النجاة الخاصة لكن بالنسبة لنسيبة حرصت على إدخالها مدرسة النجاة الإسلامية منذ المرحلة الابتدائية حتى تشب على حب الحجاب وأخيرا لا أنسى أثر الدعاء لأطفالنا بالصلاح والهداية، والثبات وأن يكون الوالدان قدوة لهم في كل شيء.
الابنة ميساء الرفاعي تضيف إلى كلام أمها قائلة: «الحمد لله أنا سعيدة بحجابي ومقتنعة به وبفرضيته وليس لإرضاء أمي وأبي فقط، وإن كنت لا أنكر دور الوالدين في تبیان أهميته لي وتشجيعي على ارتدائه، وأنا دوما أنصح صاحباتي السافرات بارتدائه وأبين لهن أهمية طاعة الله عز وجل في ارتداء الحجاب والثبات عليه.
السيدة مني السالم حرم المهندس الشيخ عبد الحميد البلالي
أما السيدة مني السالم حرم المهندس الشيخ عبد الحميد البلالي فتتحدث عن تجربتها في الحجاب مع ابنتها ايمان البالغة من العمر خمسة عشر عاما والطالبة في السنة الأولى من المرحلة الثانوية (نظام المقررات) فتقول:
تحجبت ابنتي منذ أربع سنوات أي منذ كانت في الحادية عشرة ولله الحمد لم تواجهني أية صعوبات في إقناعها بارتداء الحجاب فقد كانت محبة للحجاب منذ الصغر وهي التي طالما طلبت ارتداءه، وأنا عن نفسي كنت أرغبها فيه منذ طفولتها فأقول لها إن الحجاب زينة المرأة وأنه يزيدها جمالا، وهي ولله الحمد تلبس العباءة أيضا منذ الصف الرابع المتوسط.
تشارك الابنة إيمان البلالي بالإدلاء برأيها في الموضوع فتقول: «أنا سعيدة جدا بحجابي، وليس الأمر متوقفا بالاقتناع به بقدر الإيمان بفرضيته بالدرجة الأولى وأنه أمر من رب العالمين، ولا أنكر دور الأهل الهام في غرس حب الحجاب في نفوس بناتهن، وأنا عن نفسي أدعو زميلاتي وصاحباتي دوما لارتدائه.
السيدة عواطف الربيع
السيدة عواطف الربيع والدة الشابة شريفة عبد الرزاق تحكي عن تجربتها مع ابنتها في هذا المجال فتقول: «تحجبت ابنتي بعد أدائنا للعمرة في محنة الكويت وكنت أكرر عليها منذ الصغر الآيات والأحاديث الدالة على فرضية الحجاب، وأنا أنصح الأمهات بأن يهيئن لبناتهن الجو الطاهر الطيب وأن يقمن بتربيتهن تربية إسلامية مبنية على الطاعة ومجاهدة النفس المحبة للزينة المحرمة كاللباس العاري والمساحيق الفاتنة، والألفاظ المبتذلة.
الابنة شريفة تتحدث عن تجربتها قائلة: کان ارتداء الحجاب أمنية بالنسبة لي والحمد لله تحققت أمنيتي بعد أدائي للعمرة، وقد ارتديته عن إيمان به وليس إرضاء للوالدين كما تفعل بعض الفتيات.
الكاتبة الاسلامية بدرية العزاز
الكاتبة الاسلامية بدرية العزاز تتحدث عن تجربتها كأم مع ابنتها شامة التمار ذات الأحد عشر ربيعا فتقول:
ربيت ابنتي منذ الصغر تربية إسلامية، وهيأتها للحجاب منذ طفولتها، وكنت أحرص على توفر الصحبة الصالحة لها، وكذلك الاقتداء بمن هن أكبر منها شقيقتها فاطمة، وابنة خالتها، وأنا أنصح الأمهات بغرس معاني الإيمان في نفوس الأبناء منذ الصغر وربطهم بكتاب الله تعالى، كذلك استخدام الحوار والمناقشة بدل مفاجأة الابنة بالحجاب، وهناك امر هام هو استخدام أسلوب الحزم والجدية في طرح أمور الدين.
المحجبة الصغيرة شاهة التمار حدثتنا عن تجربتها فقالت إنها تحجبت عن قناعة وإيمان كما كان لحجاب صديقاتها من حولها الأثر الكبير في مبادرتها لارتدائه.
* بعد لقائنا بتلك التجارب الناجحة لأولئك الأمهات كان لنا لقاء مع السيدة (ف. الحسين) والتي فشلت في حمل ابنتها على الالتزام بالحجاب أو الاقتناع به
تحدثنا السيدة ف، عن تجربتها الفاشلة في هذا المجال بصوت تخنقه العبرات: عندما أرى الفتيات اللواتي في سن ابنتي وقد ارتدين الحجاب ويتباهين به، يصيبني ألم دفين على ابنتي وحسرة على ماهي فيه من تبرج وسفور، وأعترف أنني كأم قد فشلت معها في هذا المجال، ولست بلائمة لها بقدر ما ألوم نفسي فقد كنت غافلة عنها منذ صغرها، لا أذكر أنني جلست معها يوما لأحدثها عن الحجاب وفرضيته أو لأحببها فيه، لا أذكر أنني بدأت بالتدريج في تعويدها على ارتداء الملابس المحتشمة بل كنت أترك لها الحرية في هذا الأمر، وكنت لسذاجتي أتصور أنها سترتدي الحجاب طواعية متى ما بلغت، لكنني فوجئت برفضها الشديد له عندما أمرتها بارتدائه وهي في سن الثانية عشر، والآن وقد تجاوزت الخامسة عشر لازالت ترفضه بإصرار شديد، وأعترف أيضا بأنني لم أتنبه لأهمية الصحبة الصالحة من حولها فقد تركت لها مصاحبة من تشاء من فتيات سافرات يختلف منهج حياتهن عنا اختلافا كليا وقد تأثرت بهن أكثر من تأثرها بنا أنا ووالدها.
وأنا لازلت أحاول إقناعها بالنقاش وتوفير الصحبة الصالحة من حولها وإبعادها عن صحبتها السابقة تدريجيا ولن أيأس فأنا أدعو الله عز وجل أن يشرح قلبها للحجاب دائما وأنصح الأمهات ألا يقعن في الخطأ الذي وقعت فيه وأن ينتبهن لأهمية التربية الاسلامية منذ الصغر.
وبعد. عزيزتي الأم.. لا شك أن العاقل هو من يستفيد من تجارب الآخرين ويتعظ بما يحدث لهم ولحرصنا على استفادتك في هذا الأمر الذي لا شك أنه يهمك ويشغل بالك إن كان لديك بنات أو أخوات صغيرات أو حتى بنیات جارك أو أقاربك فإننا حرصنا على تقديم هذه التجارب الناجحة أو السلبية لأجل أن تعم الفائدة فنهيئ فتياتنا الصغيرات منذ الآن حتى لا نتعب معهن غدا أو نصدم برفضهن لما فيه مصلحتهن ومنفعتهن.