“صدمنا عندما بلغ ابننا 15 سنة، وبدأ يحاورنا بأفكار غريبة عنا”.. هذا ما قاله لي الوالدان عندما دخلا علي، والحزن ظاهر عليهما، وأضافت الأم قائلة بأننا “تعبنا على تربيته، وأدخلناه أفضل وأغلى المدارس”، وقال الأب: “لقد علمناه عاداتنا وتقاليدنا، ولكننا نشعر بأن هذا الولد ليس ولدنا كأنه ولد أجنبي عنا”!
قلت: هل تعرفون ما الفرق بين تربيتنا والتربية الأجنبية؟
قالوا: لا.
قلت: نحن –المسلمين- ننظر للإنسان على أنه خليفة بالأرض، وأن الله حمله الأمانة، وهي الرسالة السماوية، وهو مكلف بنشر هذه الرسالة وهو مسؤول عنها، بينما هم يرون أن الإنسان هو أصل الحياة وله حرية التصرف كما يشاء، وهو المرجع لكل شيء.
والفرق الثاني: عندنا أن الهدف من وجود الإنسان في الحياة العبادة، كما قال تعالى {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}، بينما هم يرون أن هدف وجود الإنسان بالحياة المتعة والترفيه والتسلية؛ فالمهم أنه يسعد نفسه.
والفرق الثالث عندنا أننا نرى أن الإنسان عبد لله وليس حرا في كل ما يفعل، بينما هم يرون أن الإنسان حر؛ فهو يختار ما يريد بكل جوانب الحياة حتى أنه يمكنه أن يختار أن يكون ذكرا أو أنثى.
الفرق الرابع أننا نرى أهمية الارتباط بالدين والإيمان، وأن تكون علاقتنا بكتاب ربنا قوية، وأن ديننا مرتبط بدنيانا وليس بين الدين والدنيا فصل، أما هم فيرون أن الدين شيء قديم ويدرسونه على أنه تاريخ وليس له علاقة بالحياة أو الدنيا؛ فالدين عندهم قضية شخصية، ويمكن للإنسان أن يختار الدين أو أي بديل له مثل الكارما واليوغا والتأمل وغيرها.
والفرق الخامس نحن نرى أهمية تعلم اللغة العربية لأنها لغة القرآن ومن لم يتعلم العربية فإنه لا يحسن قراءة القرآن، أما هم فيرون الحرية في تعلم أي لغة كانت لأن تعليم اللغة من باب الثقافة والعلم.
والفرق السادس أننا ننظر للأخلاق والأعمال نظرة تختلف عنهم؛ فنحن نرى أن الثواب والعقاب على الأعمال سواء كانت حسنة أم سيئة في الدنيا والآخرة، أما هم فموضوع الآخرة لا يدخل في حسابهم؛ فالمهم عندهم الدنيا فهي الحياة الأساسية.
والفرق السابع أنه عندنا أن الأخلاق الاجتماعية مثل بر الوالدين وصلة الرحم وحسن الجوار من الأمور المهمة والأساسية التي لا نتنازل عنها، بينما هم يرونها من الأمور الثانوية والإنسان غير ملزم بها.
والفرق الثامن نحن نهتم كثيرا بالجانب الروحي وتنمية الجانب الإيماني من خلال العبادات والمعاملات، بينما هم لا يرون هذه مسألة مهمة وإنما يركزون على الرياضات الروحية وهي قضية اختيارية.
والفرق التاسع نحن عندنا الشذوذ مرفوض ومجرم، والأسرة عندنا تتكون من رجل وامرأة، بينما هم الموضوع خاضع عندهم للحرية الشخصية، وقد تتكون الأسرة من رجلين أو امرأتين.
والفرق العاشر نحن هدفنا من التربية الإنسان الصالح وهم هدفهم المواطن الصالح.
والفرق الحادي عشر عندنا ضوابط لعلاقة الرجل بالمرأة، بينما عندهم المسألة مفتوحة من غير ضوابط وهي حرية شخصية.
والفرق الثاني عشر أن الدين والعقل له أهمية عندنا ونحن نؤمن أنه فوق كل ذي علم عليم، وبنفس الوقت نعطي العقل حريته بالتفكير مع احترام الحدود، هم عندهم العقل أهم من الدين، وغرورهم العلمي جعلهم ينظرون للإنسان وكأنه هو القوة المطلقة بالكون.
والفرق الثالث عشر نحن لدينا ولاية للوالدين على الطفل، بينما هم لا يعترفون بالولاية التربوية، ويعلمون الطفل الشكوى على والديه لو تم تربيته بأسلوب وطريقة لا تعجبه.
فقال الوالدان: “إذن نحن أخطأنا عندما اعتمدنا على غيرنا في تربية ابننا”.
وانتهى اللقاء.
—-
* منقول من الصفحة الشخصية للكاتب على “فيسبوك”.