تمر اليوم ذكرى لحظة تاريخية مؤلمة بلا شك، تلك التي اغتيل فيها الرئيس المصري السابق محمد أنور السادات وسط وزرائه وقادة الجيش، خلال عرض عسكري سنوي في 6 أكتوبر 1981.
وعلى الرغم من كون خطة الاغتيال في حد ذاتها تدل على أنّها صممت بطريقة ساذجة، مصحوبة بدرجة عالية من المصادفة -بحسب محللين عسكريين- فإن المجموعة التي نفذت العملية استفادت من الهفوات الأمنية بالغة الخطورة التي صاحبت العرض العسكري منذ بدايته؛ مما أفضى إلى اختراق كل العوائق الأمنية، والتمكن في نهاية المطاف من تنفيذ “عملية ظافر” على مرأى ومسمع من العالم كله، فكان أول اغتيالٍ لحاكم مصري على يد أفراد شعبه.
استمرت فترة ولاية الرئيس الراحل السادات لمصر 11 عاماً، اتخذ خلالها العديد من القرارات التاريخية الخطيرة التي هزت العالم، منها قرار الحرب ضد “إسرائيل”، وتمكن بخطة محكمة وشاملة للخداع الإستراتيجي من هزيمة “إسرائيل” في حرب أكتوبر 1973 بعد 3 سنوات فقط من بداية حكمه، وبهذا قاد السادات مصر إلى أول انتصار عسكري في العصر الحديث، ثم القرار المشؤوم بزيارته لـ”إسرائيل” عام 1977 وتوقيع اتفاقية “كامب ديفيد”.
وقد كشفت وثائق سرية بريطانية النقاب عن أن السادات كان ينوي فعلاً التخلي بإرادته عن الرئاسة، غير أن اغتياله عجل بالنهاية الدرامية له ولحكمه.
كما تكشف الوثائق، التي حصلت “بي بي سي” عليها حصرياً، عن أن المشير محمد عبدالحليم أبو غزالة، وزير الدفاع حينها، قد ضلل الأمريكيين بشأن مصير السادات بعد حادث المنصة الشهير.
اتهامات لنائبه
ولا يزال بعض أفراد أسرة الرئيس الراحل يحمّلون الجيش والرئيس المخلوع حسني مبارك، نائب الرئيس الذي أصبح لاحقاً رئيساً، المسؤولية عن مقتله.
وحكم على طلعت السادات، ابن شقيق الرئيس الراحل، في عام 2006، بالسجن لمدة سنة لوصفه اغتيال السادات بأنه كان مؤامرة دولية شارك فيها حرسه الخاص وبعض قادة القوات المسلحة.
وحوكم طلعت، الذي توفي أواخر عام 2011، أمام محكمة عسكرية بتهمة ترويج شائعات كاذبة وإهانة القوات المسلحة المصرية.
وبعد ثورة 25 يناير 2011، التي أطاحت بالرئيس مبارك، اتهمت رقية، ابنة السادات، الرئيس المخلوع بالمسؤولية عن اغتيال أبيها قائلة: إنه كان نائبه والمسؤول عن أمنه.
هل كان ينوي التقاعد؟
وكان السادات قد تحدث مراراً، في الشهور السابقة على الحادث، عن رغبته في التقاعد، غير أن حديثه لم يُكن يؤخذ، سياسياً وشعبياً، على محمل الجد، وتشاء تصاريف القدر أن يُغتال قبل أن يتضح مدى جدية هذه الفرضية.
من وراء العملية؟
وفضلاً عن مصير السادات، كان التساؤل الأهم حينها هو: من وراء العملية؟ وثارت تكهنات أولية بشأن دور محتمل للجيش.
غير أن البريطانيين استبعدوا من البداية أي ضلوع للجيش.
واستند هذا التقييم إلى تقدير موقف أولي سريع كان قد بعث به السفير البريطاني في القاهرة إلى لندن عقب الحادث مباشرة، قال فيه: “بشكل عام، تعتبر مسألة وجود مؤامرة من داخل القوات المسلحة أحد أقل التهديدات للسادات احتمالاً”.
وكانت التكهنات بشأن موقف الجيش قد انتشرت بعد أن تبين أن عدداً من الضباط العاملين والسابقين شارك في العملية، وهم خالد الإسلامبولي، الضابط بسلاح المدفعية الذي كان أخوه من بين المعتقلين في حملة سبتمبر، وعبود الزمر، الضابط بإحدى الوحدات الفنية في إدارة الاستخبارات والاستطلاع بالجيش، وحسين عباس، القناص بالجيش، وعطا طايل، وهو ضابط احتياط، وعبدالحميد عبدالسلام، الضابط السابق بالسلاح الجوي.
من نفذ العملية؟
نفذ عملية اغتيال السادات الملازم أول بالقوات المسلحة خالد الإسلامبولي، والضابط السابق بالجيش عبدالحميد عبدالسلام، والملازم أول احتياط عطا طايل حميدة، والرقيب متطوع قناص حسين عباس محمد، وهو الذي أطلق الرصاصة الأولى القاتلة، ولاحقاً نسب للجماعة الإسلامية (التي شكلها قادة تنظيم الجهاد آنذاك) الإعداد لخطة استيلاء على الحكم.
وتم تنفيذ حكم الإعدام بحق من أطلقوا الرصاص على السادات، في حين مكث متهمون بالمشاركة في العملية داخل السجون عشرات السنين، وبات بعضهم حالياً من رموز المعارضة في الخارج، وهناك آخرون فضلوا الصمت والابتعاد عن السياسة.
لحظة جديدة بدون منصة
جدير بالذكر أن أحد الأسباب التي قتل على إثرها السادات كانت اتفاقية “كامب ديفيد” مع الكيان الصهيوني المحتل، وهذا العام وقبيل ساعات من انطلاق احتفالات ذكرى عبور الجيش المصري “خط بارليف” لتحرير سيناء من الاحتلال “الإسرائيلي” خلال حرب أكتوبر 1973، عبرت طائرة تابعة لخطوط شركة مصر للطيران الحكومية السماء لتهبط في مطار بن غوريون “الإسرائيلي” قادمة من القاهرة.
صدمة
وأعرب مغردون عن الصدمة من الخبر، خصوصاً بالنظر إلى توقيته، حيث اعتبروا أن تزامن الحدث مع احتفالات مصر بذكرى الانتصار على “إسرائيل”، في أكتوبر 1973، لا يخلو من دلالة، بحسب نشطاء.
__________________
مصادر ذات صلة:
1- وثائق سرية بريطانية: لولا الاغتيال لتخلى السادات بإرادته عن رئاسة مصر، https://bbc.in/305kVut
2- تفاصيل عملية اغتيال السادات يرويها مرافقه،
3- في ذكرى اغتياله: محمد أنور السادات.. في الطريق نحو منصة الاغتيال، حين ينقلب الوحش على مروضه، 5/5،
4- بين الإعدام والسجن والمطاردة.. أين من قتلوا السادات؟
5- بذكرى حرب أكتوبر.. مصر للطيران تعبر سماء “إسرائيل” لأول مرة رسمياً،