بعد الأول من يوليو الماضي، ومع انتهاء دور الانعقاد لمجلس الأمة الكويتي، تواصلت «المجتمع» مع بعض النواب لتقييم أداء دور الانعقاد، وجاء الرد: «ننتظر إلى نهاية سبتمبر؛ لأن هناك أموراً عدة تناقش في الغرف المغلقة بعيداً عن الكاميرات».
وفعلاً حدث ما توقعه بعض النواب، حيث خرج رئيس مجلس الأمة مرزوق علي الغانم، في بداية سبتمبر الماضي، قائلاً: أثناء الإجازة البرلمانية كانت هناك العديد من المبادرات من عدة أطراف سواء نيابية أو حكومية، ومنها سمو رئيس مجلس الوزراء، ومن قوى شعبية وسياسية ونخب مجتمعية؛ لإيجاد تفاهمات تساهم بتحقيق انفراجات سياسية للعديد من الملفات الشائكة التي كانت مثار خلاف بالسنوات الماضية.
وقال الغانم: العمل على إيجاد تفاهمات كان يتم بهدوء بعيداً عن الإعلام، وبعيداً عن بعض الأطراف التي دائماً ما تحاول أن تعرقل أي مبادرات إيجابية، لكني سعيد بأن أذكر بكل ثقة أن هناك تقدماً كبيراً بالعديد من هذه المبادرات التي تعكس حسن نوايا القائمين عليها من أكثر من طرف.
وتنقل «المجتمع»، عن مصادر خاصة بها، تفاصيل ما أدلى به رئيس مجلس الأمة، حيث تتلخص المبادرة البرلمانية في دخول عدد 4 إلى 6 من نواب المعارضة للحكومة، مع تعهد الحكومة بتعديل قانون المسيء، وتمرير قانون العفو العام الشامل والمصالحة العامة، وقانون الجنسية، وقانون الانتخاب، وقانون المحكمة الدستورية.
بيان المهجرين
وأصدر عدد من النواب بياناً، أكدوا فيه أنه من المعيب جداً أن تكون حقوق الناس المشروعة سلعة للمساومات السياسية المنبوذة، ورداً على هذا البيان، أصدر النواب المهجَّرون في تركيا بياناً، أكدوا فيه أنه «أصبح من الواجب إيضاح الموقف لأبناء الشعب الكويتي، فهو صاحب الحق الأصيل، ولقطع الطريق أمام أي مغالطات أو مزايدات سواء كانت بحسن نية أو بغير ذلك، حول مواقفنا الثابتة وكرامتنا ومبادئنا التي دفعنا وما زلنا ندفع أثمانها التي نحرص عليها كحرصنا على حياتنا وعلى كرامة وحب شعبنا».
وقالوا، في بيانهم: «لقد نمى لعلمنا مؤخراً أن هناك مقترحاً للحوار الوطني بين السلطتين تحت رعاية سمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه، قدمه نواب من الأغلبية، وعليه نؤكد أن أي حوار وطني يكون برعاية سمو الأمير هو أمر محمود وكريم، فهو والد الجميع».
ووقع على هذا البيان النواب السابقون: مسلم البراك، وجمعان الحربش، ومبارك الوعلان، وسالم النملان، وخالد الطاحوس، والناشطون: مشعل الذايدي، وناصر الرداس، ومحمد البليهيس، وعبدالعزيز جارالله، ولم ينضم النائب د. فيصل المسلم للبيان، وغرد قائلاً: «جواباً للتساؤلات عن موقفي من بيان الإخوة أقول بألم: «تم الاتصال بي أمس متأخراً لإبداء رأيي في بيان سيصدر، وبعد وصوله اليوم ظهراً طلبت عقد اجتماع للتوافق، ولما تأخر الرد أرسلت رفضي نقد النواب، وتأييد فكرة المؤتمر الوطني وصدور عفو كريم قبله ولم أتلق رداً ثم فوجئت بنزول البيان».
وأكدت مصادر موثوق بها لقاء جمع د. فيصل المسلم، ومسلم البراك، وتم الاتفاق على أن العفو الكريم لا يسبقه أي إجراء، وهو بوابة المصالحة الوطنية.
ترحيب نيابي
وقد رحب بعض نواب مجلس الأمة الحاليين بهذا البيان، ووصف النائب أسامة الشاهين البيان بالمستحق، وقال: «بيان المهجَّرين مستحق ونعتز بالموقعين عليه؛ نواباً وشباباً إصلاحيين، وكان وما زال وسيظل العفو أولوية للشعب تجاه أبطاله».
وقال النائب د. عبدالعزيز الصقعبي: «ستظلون رموزاً لكم تاريخكم الوطني المشرف، ولا يتحقق الإصلاح إلا بالنقد السياسي البناء»، وأضاف: «جميعنا في مركب واحد نتطلع لعودة كريمة، متمسكين معكم بثوابتنا الدستورية التي هي عنوان ومنطلق أي مصالحة وحوار وطني جاد وبرعاية سامية».
وقال النائب فايز الجمهور: «بعد هذا البيان المستحق أستطيع القول: إنها خطوة في الاتجاه الصحيح، وتقويم لمسار هذه القضية المبدئية والأخلاقية، ومن هذه الأحداث نستطيع التوصل إلى عدة حقائق؛ أولها: أن الخلاف بين أبناء المجتمع الكويتي يبقى في إطار حب الكويت والولاء للكويت ولحضرة صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه، ثانياً: تبقى الخلافات السياسية سمة لكل المجتمعات الديمقراطية، ولكن كل المختلفين سياسياً مجمعون على حب الكويت، ثالثاً: العمل السياسي يحتاج إلى الصبر والتأني قبل تبادل الاتهامات، رابعاً: أحياناً الحوارات السياسية لا تكون دائماً تحت الكاميرات وأسئلة الصحفيين، وإنما تحتاج إلى الغرف المغلقة والتفاهمات لمصلحة البلد».
وأضاف أن «النواب في تركيا لم يكونوا يوماً أصحاب مصلحة خاصة، وإنما ضحوا بمصالحهم الشخصية لأجل كشف الفاسدين، وأثبتت الأيام صدق نواياهم، وكذلك فإن أغلب النواب الحاليين يريدون مصلحة الكويت فقط، والخلاف من سمات العمل السياسي، ولا شك أن الحوار والمصارحة هما أساس أي ارتقاء للوطن».