حذر خبراء من أن نهج الصين الصارم تجاه فيروس كورونا المستجد غير مستدام، وقد يجعل بكين معزولة بشكل متزايد دبلوماسيا واقتصاديا.
وأصبحت أعداد الإصابات المنخفضة بكوفيد-19 مصدر فخر وطني بالنسبة للعديد من الصينيين، حيث تحظى القيود الحكومية الصارمة بدعم شعبي، على الرغم من الاستياء في بداية تفشي الفيروس بمدينة وهان ديسمبر من العام 2019، كما تقول صحيفة “نيويورك تايمز”.
ويشير الرئيس الصيني، شي جين بينغ، مرارا وتكرارا إلى أن نجاح البلاد في احتواء الفيروس التاجي دليل على تفوق بلاده.
وقالت أستاذة العلوم السياسية بجامعة تورنتو، لينيت أونغ، “يعتقد النظام أنه بحاجة إلى الحفاظ على سياسة صفر كوفيد للحفاظ على شرعيته. لكن هذا يأتي بتكلفة باهظة”.
ومنذ منتصف أكتوبر الحالي، أغلقت الصين مدينة يبلغ عدد سكانها 4 ملايين نسمة، بالإضافة إلى العديد من المدن الصغيرة وأجزاء من العاصمة بكين، لاحتواء انتشار جديد أصاب أكثر من 240 شخصا في 11 مقاطعة ومنطقة على الأقل.
وتقول الصحيفة الأميركية في تقرير لها أنه بالرغم من صغر حجم التفشي الجديد مقارنة بالدول الأخرى، إلا أن تلك الإصابات تعد كبيرة بالنسبة للصين.
وأشار التقرير إلى أن السياسة جعلت الصين بشكل متزايد دولة نائية، بحيث يعاد فتح بقية العالم، بما في ذلك نيوزيلندا وأستراليا، اللتان كانتا تنتهج سياسة صفر كوفيد.
وتعد الصين الآن هي الدولة الوحيدة التي ما زالت تعمل على القضاء الكامل على الفيروس، بدلا من محاولة التعايش معه كما فعلت كثير من دول العالم.
ورفضت الصين تغيير مسارها عندما اقترحت خبير الامراض المعدية البارز وعضو الحزب الشيوعي الصيني، تشانغ ون هونغ، أن بلاده يجب أن تتعلم التعايش مع الفيروس، حيث تعرض لهجوم شرس عبر الإنترنت باعتباره “خادما للأجانب”.
ووصف وزير الصحة الصيني السابق هذه العقلية بأنها متهورة، فيما قالت البروفيسورة أونغ إن الحكومة تخشى أي تحد لروايتها بالانتصار الكامل على الوباء.
وأضافت: “أصبح انتشار المرض أمرا شائعا لدرجة أنه في الحقيقة ليس حدثا. لكن السلطات الصينية تريد السيطرة على أي مصدر صغير محتمل لعدم الاستقرار”.
ويرى باحث الدراسات الحضرية بجامعة مدينة هونغ كونغ، تشانغ جون، أن هناك أسباب أخرى لتردد الصين في التخلي عن السياسة الصارمة تجاه الفيروس. وقال إن الموارد الطبية تتركز بشكل كبير في المدن الكبرى، ويمكن أن تجتاح المناطق النائية موجات كبيرة من التفشي.
بالإضافة إلى ذلك، على الرغم من أن الصين حققت معدل تطعيم كامل بنسبة 75 بالمئة من سكانها، فقد ظهرت أسئلة حول فعالية اللقاحات المحلية.
ويتفق الخبراء أن تكاليف سياسية صفر كوفيد تأتي على حساب تباطؤ النمو الاقتصادي، حيث ينخفض السفر المحلي خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وأفادت وسائل الإعلام الحكومية أن ما يقرب من 10 آلاف سائح محاصرون في “إيجين بانر”، وهي منطقة من منغوليا الداخلية، بعد ظهور حالات أدت إلى إغلاق كامل. ووعدتهم جمعية السياحة المحلية بالدخول المجاني إلى ثلاث مناطق جذب سياحي شهيرة، يمكن استخدامها في غضون السنوات الثلاث المقبلة كتعويض لهم بعد إغلاق المرافق السياحية.
كما تعاني البلاد أيضا من الناحية الدبلوماسية، إذ لم يغادر الزعيم شي الصين أو يستقبل زوارا أجانب منذ أوائل عام 2020، وفق الصحيفة، حتى في الوقت الذي يستعد فيه قادة العالم الآخرون للاجتماع أولا في روما لحضور قمة مجموعة العشرين ولاحقا في غلاسكو للمشاركة بقمة الأمم المتحدة للمناخ “كوب 26”.