نصرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم شرف لمن يقوم به، لكن لا بد وأن يكتسب هذا الشرف من خلال خطوات عملية على أرض الواقع للتعريف بالرسول الكريم ولا سيما في الغرب، والسعي في تجريم الإساءة إلى مقامه الشريف عالمياً.
على هذه الخطوات، أكد عدد من علماء ومفكري الأمة، خلال مؤتمر إطلاق الهيئة العالمية لنصرة نبي الإسلام، الذي عقد في 26 أكتوبر الماضي، في إسطنبول، وتزامن إطلاق الهيئة مع إتمام الحملة الشعبية لمقاطعة المنتجات الفرنسية عامها الأول، بمشاركة واسعة من مؤسسات وعلماء ومفكرين من مختلف الدول العربية والإسلامية ومسلمين يقيمون في الغرب؛ إيماناً من الجميع بأهمية نصرة الرسول والتعريف به كل في مجاله.
الصغير: الهيئة استثمار للجهود الشعبية وتحويلها إلى عمل مؤسسي
في كلمته بالمؤتمر، قال الأمين العام للهيئة العالمية لنصرة نبي الإسلام د. محمد الصغير: إن ذكرى مولد النبي الكريم جاءت هذا العام والشعوب المسلمة في رباط منذ عام ولو بأقل القليل في مقاطعة المنتجات الفرنسية رداً على جرائم الرسوم المسيئة، وإنه من خلال هذه المقاطعة نجحت الشعوب في تكبيد فرنسا خسائر اقتصادية واسعة، لكن الأهم أنها أرغمت غطرسة فرنسا وسمعتها، رغم أن الأمم تصرف المليارات على تبييض السمعة.
وأضاف الصغير أن الهيئة استثمار للجهود الشعبية، وتحويل الجهود الفردية إلى عمل مؤسسي، تسعى من خلاله إلى التعريف بالرسول الكريم وسيرته العطرة، إلى جانب الربط بين العمل الإعلامي والدعوي في التعريف بالرسول والنشر عنه بشكل مستمر.
القره داغي دعا إلى تأسيس وقف لنصرة النبي الكريم
ومن جانبه، قال الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين د. علي القره داغي: إن نصرة الرسول يأتي في مقدمة أولوياتها قيام الأمة بالتعريف برسولها لغير المسلمين، ودعا إلى تأسيس وقف لنصرة النبي الكريم، وتحويل هذه الجهود إلى خطة إستراتيجية وعمل مستمر، وأن يتمثل المسلمون بأخلاق رسولهم، حتى يرى فيهم الآخرون قيم وأخلاق الرسول، مؤكداً أن دور الإعلام لا يقل أهمية عن بقية المسارات، فالإعلام دوره تصحيح صورة الإسلام والتعريف بالرسول الكريم.
أما د. محمد جورماز، رئيس الشؤون الدينية التركية السابق، فقال: إن الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم واجب الأمة، ويأتي في مقدمة الصفوف العلماء، وأشار إلى أثر الفهم الضيق لبعض المسلمين وتصوراتهم الخاطئة عن الرسول الكريم في فتح الباب أمام الإساءة للنبي، واعتبر جورماز أن المسلمين الذين يقيمون في الغرب عليهم دور كبير في التعريف بالرسول الأكرم وتحسين الصورة المغلوطة لدى الكثيرين في الغرب عن الإسلام.
بينما اعتبر رئيس حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) بالخارج خالد مشعل أن نصرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم تكون بحماية مقدساتنا الإسلامية والدفاع عنها مع الانفتاح على العالم، وأن واجبنا كمسلمين أن نلتزم بمبادئ الإسلام وأخلاق الرسول الكريم، وندافع عن المقدسات وفي مقدمتها ثالث الحرمين المسجد الأقصى المبارك، وفي الوقت نفسه ننفتح على الجميع ونرحب بالمواقف الإيجابية.
مشعل: نصرة الرسول بحماية مقدساتنا الإسلامية والدفاع عنها مع الانفتاح على العالم
وفيما يخص القضية الفلسطينية، قال مشعل: إن دورنا في فلسطين أن نرد العدو ونسوء وجوههم بالصفع عبر المقاومة، بينما دور الأمة دعم المقاومة ونصرة فلسطين من خلال مسارات عدة، أهمها الإعلام ودعم المقاومة.
منهج بنّاء
وفي كلمته، قال نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين د. عصام البشير: إن النصرة منهج إيجابي بنّاء لا يعتمد رد الفعل، وإنما يقوم على تكامل المنهج وسعة الأدوار والمبادرة والمبادأة بالفعل الإيجابي البناء، مبيناً أن الإساءة قد تقع من العدو الظاهر وتقع من العدو المستتر، وأخطر الإساءات هي التي تقع من بين جنبات أمتنا، فإن سوء الفهم لمقاصد هدي الرسول الكريم، وكذلك سوء التنزيل لهديه صلى الله عليه وسلم لاختلالات بالواقع يقع من باب الصد عن سبيل الله تعالى.
وأضاف البشير أنه لا بد من توسيع مفهوم النصرة، وهي كلمة وردت في القرآن في أكثر من 70 موضعاً في سياقات بنائية شاملة ضمن المنظور الكلي الحضاري في نسقه العام للأمة المسلمة، فنحن وإذ نشكو اليوم التوجهات الصادرة من الغرب، لكن لا بد ألا نعمم، فكما علمنا القرآن الكريم «ليسوا سواء»، فهناك الغرب المتمثل في الشعوب، وهي مجهَّلة بفعل الترسانة الإعلامية التي شوهت حقائق هذا الدين وصورة الرسول الكريم، وهذا يستدعي منا بذل جهد مضاعف.
واعتبر أن في مقدمة الأولويات تصحيح كثير من المفاهيم المختلة عن السُّنة النبوية التي نشاهد اليوم هجمة عليها ممن ينتسبون للإسلام؛ كالتشكيك في السُّنة كونها وحياً من عند الله تعالى، أو كونها تمثل مع القرآن مصدراً مهماً للإسلام، وأيضاً التشكيك في السُّنة من حيث الرواة وهم الصحابة الذين شهد الله بعدالتهم وصدقهم، وهم نقلة القرآن والسُّنة إلينا جيلاً عن جيل، وهناك التشكيك في البخاري، ومسلم، وأئمة الحديث أعلام الأمة، وكل هذا يجعل على الأمة واجب التصدي لتصحيح هذه المفاهيم الخاطئة وتوسيع مفهوم نصرة الرسول الكريم.
وقال: إن كلمة الرسول الكريم المانعة الجامعة التي لخصها في قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، فكيف نجسد مكارم الأخلاق كسبيل لنصرة الرسول الأكرم.
ومن جانبه، قال رئيس رابطة علماء الشريعة بمجلس التعاون الخليجي الشيخ جاسم الجابر: إن من أعظم الواجبات والحقوق تجاه نبينا الكريم تعظيمه ونصرته، وقد كان الصحابة الكرام، رضوان الله عليهم، أكثر تعظيماً لشأنه صلى الله عليه وسلم.
وأضاف الجابر أن محاولة أعداء الإسلام الانتقاص من الجناب الشريف بالإساءة لمقامه صلى الله عليه وسلم إنما بهدف إسقاط القدوة العظمى للمسلمين، وهيهات لهم ذلك، فالأمة الإسلامية ما تزال قائمة تعظم نبيها وتذود عن عرضه صلى الله عليه وسلم، وتقدم حبه على كل محبوب ومرغوب، وخير شاهد مثل هذه المساعي كمؤتمر الهيئة العالمية لنصرة نبي الإسلام، وكل خطوات نصرة الرسول والتعريف به.
«المجتمع» أصدرت كتاباً عن أبرز المقالات المنشورة عبر مسيرتها دفاعاً عن الرسول
“المجتمع”.. مشاركة متميزة
وإيماناً بدور الإعلام في نصرة الرسول والدفاع عنه، حرصت «المجتمع» على تواجدها في المؤتمر، من خلال مشاركة رئيس التحرير م. سالم القحطاني، ورئيس قسم المحليات سعد النشوان، وأداء دورها الإعلامي، ودعم كل الجهود التي من شأنها الذود عن الرسول الكريم، إذ كان لها مشاركة مميزة بإصدار كتاب يتضمن أبرز المقالات التي نشرت في المجلة عبر مسيرتها خلال خمسين عاماً، دفاعاً عن الرسول الحبيب، وأهدته «المجتمع» للمشاركين في المؤتمر وضيوفه.
ومن جانبهم، شكر القائمون على مؤتمر الهيئة العالمية لنصرة نبي الإسلام «المجتمع» على مبادرتها ودورها في تغطية فعاليات المؤتمر.