“إن التغيير مبدأ إسلامي، وما لم يكن دوماً في زيادة فهو في نقصان، إلا أن التغيير يلزمه وضوح في الرؤية وهذه الرؤية لا بد أن ينجح صاحبها في توصيلها بصورة صحيحة للآخرين حتى يتشارك جميع العاملين بالمؤسسة في صناعة التغيير الذي ينهض بمؤسستهم”.
بهذه الكلمات اختتم د. سالم موسى آخر محاضرات مؤتمر “التحول الرقمي ودوره في الأداء المؤسسي”، مؤكداً أن التغيير ثقافة مستمرة، وأن بلادنا أحوج ما تكون إلى التغيير، وهي أولى به، ولا سيما وأن التغيير مبدأ إسلامي انطلاقاً من قوله تعالى (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) (الرعد: 11).
وأوضح أن نهضة بلادنا تبدأ بالتغيير الذي هو عبارة عن فكرة لا بد أن تكون واضحة لكل أفراد أي مؤسسة أو منظمة حتى يتشاركها الجميع بفعالية.
وأشار إلى أنك عندما تحاول أن تقنع شخصاً ما بفكرة التغيير فإنك بلا شك تحتاج إلى أن تخبره كيف ستعود عليه هذه الفكرة بالنفع، وماذا سيستفيد منها، لأنه بطبيعة الحال كل من يقاوم التغيير فهو إما مستفيد من الوضع الحالي أو “الفوضى” كما سماها، مؤكداً أنه من أهم قواعد تطوير المؤسسات أن يقوم على التخطيط فريق متنوع بمهارات وقدرات مختلفة ليحدث نوع من الإثراء في الأفكار، بينما في مرحلة التنفيذ لا بد أن يكون الفريق متجانساً.
مؤتمر “القيادة الذكية 2021” انعقد في نسخته الثالثة بمدينة إسطنبول، على مدى 3 أيام خلال الفترة 3 – 5 نوفمبر 2021، تحت عنوان “التحول الرقمي ودوره في الأداء المؤسسي”، وتم استعراض أوراق عمل ذات صلة بالتحول الرقمي في نحو 7 جلسات، بمشاركة نحو 35 من قيادات العمل العليا والوسطي في القطاعات الحكومية والخاصة في كل من ليبيا والعراق وفلسطين واليمن.
المؤتمر كان برعاية معهد التدريب المالي والمحاسبي الليبي وبتنظيم من شركة ناشيونال للتدريب والاستشارات، وشركة آزاد الليبية للتدريب والتأهيل، وبمشاركة نخبة من المدربين.
وعلى هامش المؤتمر، التقت “المجتمع” بعدد من المشاركين، من بينهم د. الصديق نصر الشائبي، مدير عام معهد التدريب المالي والمحاسبي بوزارة المالية الليبية، الراعي الرسمي للمؤتمر، الذي قال: إن رعاية مثل هذه المؤتمرات ينبع من الاهتمام والسعي إلى مواكبة التطورات المتعلقة بالرقمنة والتحول الرقمي في مختلف جوانب الحياة.
{mp4}Alsdeq{/mp4}
وأضاف أن التحول الرقمي أصبح واقعاً وضرورة لمحاولة تقليل الفجوة بين بلادنا والدول الأخرى، كما أن الرقمنة فرضت نفسها ولا سيما مع جائحة كورونا التي فرضت الاعتماد على العمل عن بُعد سواء في عمل كثير من المؤسسات أو بمجال التعليم، وكثير من مجالات الحياة اليومية التي باتت معتمدة أكثر على الجانب الإلكتروني، وأن جزءاً من إستراتيجية التحول الرقمي أن يتم الاستثمار في الموارد البشرية، فبدون المعرفة الرقمية والتدريب للموارد البشرية سواء للمشغلين أو المستخدمين تزداد الفجوة، فلا بد من الاستثمار في هذا المجال سواء من خلال التعليم أو التدريب.
كما التقينا د. درويش الناشف، وهو أستاذ بهندسة البرمجيات في جامعة إغدير التركية، الذي قال: إن الأمن السيبراني لم تعد أهميته قاصرة على الدول والمؤسسات، بل تمتد كذلك للأشخاص والمستخدمين العاديين، طالما أن جهازه يتصل بالإنترنت، وأوضح أنه كلما اهتمت المؤسسات بالأمن السيبراني تقل مخاطر الاختراقات، والعكس صحيح، وأشار إلى أن دولاً ومؤسسات تكبدت خسائر ملايين الدولارات نتيجة عدم الاهتمام بالأمن السيبراني.
{mp4}Darwesh{/mp4}
واعتبر الناشف أن المستخدم العادي عليه كذلك التعرف على ما يحمي خصوصيته أثناء استخدام الإنترنت، ولو بمعرفة بسيطة تمكنه من معرفة الروابط المضللة أو الإيميلات غير الحقيقية.
خصوصية فلسطين
وفي تصريحات لـ”المجتمع”، قالت د. سناء زكارنة، وهي ممثلة فلسطين في مؤتمر التحول الرقمي: إن التحول الرقمي أصبح ضرورة بعد جائحة كورونا، كما أن هناك العديد من الدول أصبحت لديها تجارب في التحول الرقمي والاطلاع على مثل هذه التجارب مهم الاستفادة منها.
{mp4}Canah{/mp4}
وعن خصوصية فلسطين، قالت: إن فلسطين لها خصوصية بحكم وقوعها تحت الاحتلال، وبالتالي كل الموارد والبنية التحتية الإلكترونية خاضعة لإرادة الاحتلال، وأوضحت أن فلسطين مليئة بالكوادر البشرية، لكن البنية التحتية تبقى ضعيفة بحكم الاحتلال الذي هو حريص على إعاقة أي تقدم في المجتمع الفلسطيني في مختلف المجالات.
كذلك التقت “المجتمع” د. نازك صبحي، وهي أستاذة بجامعة بغداد، وقالت: إن التحول الرقمي أصبح يشمل كافة المجالات، وبالتالي أصبحت هناك حاجة ماسة للأخذ بزمام المبادرة في القطاعات المختلفة بالمؤسسات والدول العربية، لتقليل الفجوة مع الدول الغربية التي حققت نماذج ناجحة في الاعتماد على الرقمنة.
{mp4}Nazek{/mp4}
وأضافت أن دور الإدارة في المؤسسات في رسم رؤية واضحة ومستقبلية لتنفيذ وتطبيق التحول الرقمي في المؤسسات العربية.
من جانبه، قال رئيس قسم ضمان الجودة لوزارة التعليم التقني والفني في ليبيا عصام الأسطى لـ”المجتمع”: إن جلسات المؤتمر ركزت على دور التحول الرقمي وتأثيره المباشر على أداء المؤسسات سواء عامة أو خاصة، فهو من شأنه أن يسهم في الدفع نحو النهوض بالمؤسسات والإنتاجية بصورة أفضل.
{mp4}3sam{/mp4}
وأضاف أنه لا بد من تأهيل الكوادر البشرية وإعداد وتجهيز البنى التحتية اللازمة لهذا التحول.
يشار إلى أن مؤتمر التحول الرقمي تناول في جلسات يومه الأول مفاهيم التحول الرقمي والموارد البشرية وتأهيلها للتعامل الرقمي، وفوائد التحول الرقمي كدراسة استطلاعية عن التحول الرقمي وتأثيراته على الوظائف والمهارات وتعرض لأساسيات قيادة وتنفيذ رحلة التحول الرقمي، بهدف توظيف التقنيات لتسريع الإجراءات وزيادة كفاءات الخدمات وتقليص الفترات الزمنية لإنجازها وبناء وتكامل الأنظمة الرقمية.
بينما تضمنت جلسات اليوم الثاني تقنيات التحول الرقمي عبر بناء الإستراتيجية حول التحول الرقمي، مستعرضة للمخاطر ونقاط الضعف في البنية التحتية الرقمية وأولويات منطقة الشرق الأوسط في التعامل مع التحول الرقمي باتجاه معالجة التحديثات المتضمنة في الأنظمة المؤسسية والاستثمار في البنى التحتية ووضع تصور شامل لبرنامج عمل بناءً على ما تم خلال زمن كورونا من معاصرة فعلية للتحديات.
أما اليوم الأخير، فركز على ما يتعلق بقيادة التغيير المؤسسي ورسم إستراتيجيات التحول الرقمي وطبيعة قيادة التغيير في المؤسسات وإستراتيجية التحول الرقمي وآليات قيادة التغيير في مؤسسات القطاع الخاص والحكومي.
وفي البيان الختامي، خرج مؤتمر التحول الرقمي بعدد من التوصيات، منها نمذجة مؤتمرات مشابهة، وتقييم كافة مراحل التدريب في المؤسسات المختلفة للإستراتيجية التي ترغب بالتحول الرقمي باستثمار فعلي للمورد البشري وتطبيق يتواكب مع التحدي التكنولوجي المتسارع، وعرض تجارب نجاح ملهمة تسهم في تعميم فعل التطوير للقطاعات المختلفة لبلدان الشرق الأوسط.
د. سالم موسى