تناولنا في الحلقات السابقة:
– إخلاص النية لله في زواجي.
– هل المودة والرحمة هبة أم توفيق من الله؟
– القوامة.
– “.. هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ..”.
– علاقة الزوج بأهل زوجه.
– ماهية الزواج.
ونتناول في هذه الحلقة: الشفافية.
يقوم الزواج على مجموعة من العلاقات المتشابكة، تتأثر كل علاقة وتؤثر في باقي العلاقات بين الزوجين، فمثلاً كرم الزوج العاطفي وحسن تواصله وتفننه في تعبيره عما يجيش في نفسه من حب لزوجه، يجعل زوجه يغط الطرف عن هفواته، بل ويطلق الطاقات التفاعلية الطيبة نحو زوجه، قد يبذل الزوج كل وجل طاقته لحسن تواصله مع زوجه، ولكن لا يجد رد الفعل المناسب، مما قد يصيبه بالإحباط، ولا يعلم سبباً لعدم تجاوب زوجه معه؟
من خلال ما يعرض علينا من مشكلات زوجية، يمكن استنتاج أن السبب الرئيس لذلك هو عدم التوافق بين ما يبذله الزوج وتوقعات زوجه منه! والسبب الرئيس لتلك الفجوة هو عدم توافر الشفافية بين الزوجين.
الشفافية بين الزوجين هي أن يتعرف كل زوج على ما يتوقعه زوجه منه، بحيث يبذل فيما يتمناه منه زوجه فيسعد بسعادته، هذا يقتضي أن يعبر كل زوج لزوجه بكل صراحة ولكن دون أن يجرح أحاسيسه أو يشعره بالنقص، وعلى الجانب الآخر يجب على كل زوج أن يتلمس مشاعر ورد فعل زوجه تجاهه، بل ولا حرج بل يجب أن يسأله صراحة عن رأيه في كل وأؤكد كل علاقاتهما.
معذرة، سأتناول بعض الموضوعات الحساسة، والله المستعان:
قد تكون الزوجة تربت على رغد من العيش، وقد تعودت من والديها أن يوفرا لها كل ما تحتاجه دون طلب منها، فلم تتعود على البوح باحتياجاتها، تزوجت زوجاً كريماً، ولكن كان والده عصامياً وكافح حتى أصبح تاجراً كبيراً، ورغم حبه لأولاده وكرمه معهم، إلا أنه كانت وجهة نظره عدم توفير متطلباتهم إلا بعد طلبهم وبالقدر المحدود حتى يقدّروا نعمة الله عليهم، إن خجل الزوجة وعدم مطالبتها باحتياجاتها يؤلمها ويسبب لها غصة في علاقتها بزوجها، ويؤثر سلباً عليهما، والزوج يقف مندهشاً من غرابة تصرفاتها دون خطأ منه!
زوج يعاني من عدم عناية زوجته بنظافتها الشخصية، مما يجعله يتأذى في علاقته الحميمية بها، وأصبح لقاؤه بزوجته عبئاً نفسياً، ويتهرب من نظراتها وتلميحاتها.
زوج أكول ويعاني من بدانه مفرطة تعدى وزنه المائة كيلوجرام، وزوجته نصف وزنه، مما أثر على كفاءته، بالإضافة إلى ما تشعر به من غثيان، وكما قالت: “أشعر أني أتخنق”.
زوج يداعب زوجته، ولكن أسلوبه والألفاظ التي يعبر بها تثير اشمئزازها، فبدلاً من أن تسعد بملاطفته لها، تبتئس وتتهرب منه.
هناك العديد من الأمثلة التي تبين خطورة عدم الشفافية بين الزوجين، حيث قد يبدو التصرف بسيطاً، ولكن استمراره يمثل عبئاً نفسياً على الزوج المتضرر منه، بالإضافة إلى أن عدم معرفة الزوج المسبب للضرر أن ما يفعله يؤذي زوجه يجعله يستمر في تصرفه، بل وقد يزيد منه برغبة إسعاده.
إن استمرار معاناة أحد الزوجين من تصرفات زوجه مهما كانت ضئيلة عادة ما تؤدي إلى الانفجار نتيجة لمعاناته التراكمية، ويتحمل هو السبب الرئيس في معاناته، نعم إن الزوج الذي لا يعبر لزوجه -بكل أدب ودون جرح لمشاعره- عن كل ما لا يرضيه منه ويسبب له ألماً نفسياً أو بدنياً هو المسؤول الأول عن إيذاء نفسه، ولكن في المقابل؛ على كل زوج أن يقرأ أثر تصرفاته على زوجه، يجب أن يتحلى الزوج بحساسية تجاه زوجه وأن يتلمس ما يسعده وما يسيئه.
من المؤكد أنه ليس بسهولة أن يتقبل أحد الزوجين توجيهاً يتعلق بالنظافة الشخصية أو كفاءة الإشباع في العلاقة الحميمية أو أسلوب المداعبة أو الحوار، نعم العلاقات الزوجية تتميز بحساسية شديدة، وأي نقد يخدشها ويسبب ألماً نفسياً شديداً، وقد تكون ردود الفعل عنيفة؛ لذا أوصي لما يلي:
البدء بالذات:
من أفضل وسائل التوجيه إعطاء النموذج العملي:
النظافة الشخصية:
أتعمد المبالغة في نظافتي الشخصية أمام زوجي، نحجز معاً في عيادة الأسنان.
أسلوب غير مناسب في المداعبة:
أبدي عدم تجاوبي، أرد بالتعبير المناسب الذي يروق لي، أغير الحوار لموضوع آخر.
البدانة والإفراط في الأكل:
دعوة مشتركة للالتحاق بنادٍ رياضي، نظام غذائي مشترك، هدية ملابس أقل من المقاس.
المشاركة في فيديو أو مقالة أو ندوة تتناول ما أود أعبر به لزوجي:
إن مجال المعرفة الرقمية يمدنا به كل ما يمكن أن يحتاج إليه الإنسان، فيمكن البحث عن المادة المناسبة التي تمثل توجيهاً غير مباشر مني لزوجي، واختيار الأداة المفضلة لزوجي سواء أكان نصاً أو مادة سمعية أو مرئية، وأتفنن في أسلوب جذبه لها، وأسقط فائدتها على سلوكي.
تحين الفرصة للحديث المباشر:
هناك من هو لبيب بالإشارة يفهم، وهناك من هو غير ذلك، لذا لا حرج بل يجب تحين الفرصة الملائمة بحيث تكون قنوات التلقي متفتحة والنفس متقبلة، فيجب التوجه بالدعاء والابتهال إلى الله بالتوفيق وإخلاص النية في الهدف من الحديث، وهو إصلاح ذات البين وليس انتقاصاً من الزوج، والتحضير للحديث بأذكى الألفاظ، البدء بالإشادة بمناقب الزوج ولكنْ هناك شيء طفيف ليس له قيمة، ولكنْ حتى تكتمل الصورة الجمالية للزوج أرى..
———-
استشاري تربوي وعلاقات أسرية، مستشار البحوث بمجلس الوزراء الكويتي سابقاً.
(للتواصل: y3thman1@gotmail.com +14169973277)