على غرار قصص اختطاف مسلمين في مصر لفتيات مسيحيات لتحويلهم للإسلام، والتي ثبت أنها وهمية وغالباً ما يتعلق الأمر بنوايا حقيقية في الاتجاه للإسلام أو قصص حب بين مسلم ومسيحية تهرب معه، ألفت السينما الهندية قصة مشابهة لكن عن اختطاف المسلمين للهندوسيات بغيه تحويلهم للإسلام.
وتقول صحيفة “واشنطن بوست” في تقرير عن هذا الفيلم أمس الإثنين أنه لا يحرض فقط على كراهية المسلمين واشعال العنف الهندوسي ضدهم ولكنه مؤشر لاستعمال الحزب الهندوسي المتطرف الحاكم (بهارتيا جاناتا) للسينما كقوة ناعمة مؤثرة لنشر الكراهية ضد المسلمين في البلاد.
قصة الفيلم تدور حول كشف زوجة هندوسية متزوجة من شاب مسلم عن مؤامرة إرهابية مزعومة، فيقوم زعيم الجماعة الإسلامية الذي جاء لتجنيد زوجها بقتلها بدم بارد، وبعد فترة وجيزة.
وخلفياتها حول شاب مسلم يشاهد زوجته الهندوسية وهي تُقتل باسم الجهاد، وكان يعيش حياة منزلية رتيبة وهادئة متنكراً بمظهر هندوسي يعمل كميكانيكي سيارات، ثم يدور الفيلم حول تنظيم إسلامي لخطف مسلمين لهندوسيات لتحويلهن للإسلام، ويربط بين صلاة المسلمين واستعدادهم بعدها للقيام بالهجوم وأعمال عنف.
وتضيف “واشنطن بوست”: “هذه القصة تصلح لفيلم هندي، وهي بالفعل كذلك، ولكن الأمر ليس بهذه البساطة، إذ حقق فيلم “Sooryavanshi” المركز الأول في شباك التذاكر بالهند، وهو فيلم يطفح بالمشاهد المقززة عن المسلمين”، على حد تعبير الصحيفة.
وتشير الصحيفة إلى أن الفيلم سلط الضوء على مخاطر أكاذيب السينما الهندية في الفترة الأخيرة ضد الإسلام والمسلمين.
حيث يروج الفيلم لخرافات عن مؤامرات “حب الجهاد” الخطيرة، وهو يصور الرجال المسلمين على أنهم يواطئون لإغواء أو خطف الهندوسيات أو الفتيات وتحويلهن إلى الإسلام، ولكن الاستعارات المعادية للإسلام هي محور الفيلم، الذي يقوم ببطولته أحد أكبر نجوم الهند، أكشاي كومار، المعجب بشخصية العنصري القومي المتطرف، رئيس الوزراء ناريندرا مودي.
إسلاموفوبيا مريعة
وتوضح الصحيفة الأمريكية أن المشكلة تكمن حول أن هذا هو أحد أكثر الأفلام نجاحاً في الهند بعد التخفيف من الإغلاق بسبب فيروس “كورونا”، ما يساهم في مناخ الكراهية والتمييز ضد أكثر من 200 مليون مسلم في الهند.
حيث يعكس هذا الفيلم صورة مريعة من “الإسلاموفوبيا”، ويصور الهندوس وكأنهم من الطبقة العليا في حين يرد المسلم بالكراهية، كما يبدو المسلم وكأنه جاحد للجميل وله لحية طويلة وغطاء رأس يميزانه بين الهندوس.
وتؤكد الصحيفة أن الفيلم لا يحاول إخفاء أجندته، وهي الأجندة القومية الهندوسية لحكومة مودي، كما يبرر القمع الهندوسي للمسلمين لكشمير، حيث يتم اعتقال الآلاف من المسلمين الشباب ويتم فرض تعتيم على الإنترنت، كما يزعم الفيلم الدعائي بأن إلغاء المادة 370 من الدستور الهندي وضم كشمير للهند قد قضت على الإرهاب.
لكن الواقع في الهند يختلف تماماً عن فيلمها المقزز، بحسب “واشنطن بوست”، حيث يقوم الهندوس بتخريب المساجد وهاجموا منازل المسلمين، ولكن الشرطة اتهمت الضحايا بالتحريض على الفتنة، ومنع القوميون الهندوس صلاة الجمعة للمسلمين، وتم تهجيرهم.
وتقول الصحيفة الأمريكية: إن الفيلم ليس للترفيه ولكن للتحريض فهو يتجاهل كل حلقات العنف التي ارتكبها المتطرفون الهندوس ضد المسلمين، بما في ذلك مذبحة 1992م وتفجيرات “ماليجون”، التي تورط بها العديد من الضباط المتقاعدين في الجيش الهندي ضد المسلمين، وهو بالتالي يبرر الهجمات القادمة للهندوس.
ويتغافل عن قيام حكومة مودي بملاحقة المنظمات والمعاهد الإسلامية، ويتم النظر لكل قائد مسلم في الهند أو مسؤول عن منظمة وكأنه يدير منظمة إرهابية ممولة من باكستان وجهات أجنبية.
على العكس صور الفيلم عالم وشيخ مسلم يدير منظمة على أنه العقل المدبر لرابطة إرهابية تتلقى تمويلًا من باكستان، ما يشكل دعما من صانعي الأفلام لحكومة مودي الهندوسية المتطرفة التي تحكم الهند.
مخرج “أنا مسلم مش إرهابي”
المخيب للآمال أن الفيلم من إنتاج كاران جوهر، وهو مخرج مرموق صنع فيلم “أنا اسمي خان.. أنا مش إرهابي” الشهير بعنوان “My Name Is Khan” والذي تناول شيطنة المسلمين في العالم بعد هجمات 11 سبتمبر.
لكن هذا كان قبل حكومة مودي الهندوسية المتطرفة التي تحاول السيطرة على السينما وتطويعها لمزيد من كراهية المسلمين.
ففيلم “Sooryavanshi” يعتبر خطيراً ومن المستحيل بعد مشاهدته، عدم التفكير في ألمانيا النازية، حيث أقام هتلر صناعة سينمائية كانت تطيعه وتصنع أفلامًا دعائية ضد اليهود كما تقول واشنطن بوست.
وأضافت “واشنطن بوست”: إن هذا الفيلم سيجعل العالم ينتقد صناعة السينما في الهند والممثلون والمخرجون والمنتجون من جميع أنحاء العالم سوف يدينونها بسبب إجرامها ووقاحة رهابها من الإسلام.
وأنه إذا استمرت بهوليوود (السينما الهندية) في هذا الانحدار العدواني إلى القومية والكراهية ضد المسلمين، فسوف تلطخ يديها بالدماء ولن يتمكن أي سجل شباك التذاكر من تغيير ذلك.
فيلم آخر معادي
وهذا ليس أول فيلم هندي معادي للمسلمين، ففي 18 يناير 2020م أثار فيلم بوليوودي جديد يُعرض على شاشات السينما حول العالم، جدلًا كبيرًا في الهند؛ خصوصًا أنه يتزامن مع الحملة الدعائية التي أطلقها حزب رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي؛ للتخفيف من وطأة التعديلات الدستورية التي أدخلتها الحكومة على قانون التجنيس، والتي تستهدف المسلمين، وتعتبرهم مواطنين من الدرجة الثانية.
حيث دارت أحداث فيلم “تاناجي.. المحارب المجهول” في القرن السابع عشر، وهو يستند إلى حياة المحارب المجهول في التاريخ الهندي والقائد العسكري في إمبراطورية مارثا في الهند تانهاجي مالوساري، والذي حارب إلى جانب الزعيم الهندي مارثا شيفاجي مهراج، في معارك مختلفة على مر السنين، وكان بمثابة ذراعه اليمنى، قبل أن يلقى حتفه على يد أحد القادة المسلمين في معركة سينهاجاد في 4 فبراير 1670م.
وقد وجه كثيرون في الهند، بينهم نقاد، أصابع الاتهام إلى هذا الفيلم؛ كونه هو الأحدث في سلسلة من “الأفلام المعادية للإسلام”، أو التي تعاني “فوبيا الإسلام”، والتي وجدت في حاضنة بوليوود مرتعًا لها خلال السنوات الأخيرة.
وجاء توقيت الفيلم بعد عام واحد فقط على فيلم سنجاي ليلا بهنسالي “بادمفات”، والذي تحدث عن قائد دموي مسلم يُدعى علاء الدين خلجي، وكان كما صوره الفيلم قائدًا سفاحًا، سفك كثيرًا من الدماء في سبيل توسيع إمبراطوريته إلى جنوب الهند، وهو ما تجلَّى مجددًا في هذا الفيلم عبر شخصية القائد المسلم عديباهان راثور.
حيث يسعي الفيلم لتكريس صورة نمطية عن المسلمين في تلك الفترة، والتي تجلَّت بوضوح في الدور الذي قدمه النجم سيف علي خان؛ فشخصية القائد المسلم في هذا الفيلم، حسب النقاد، روَّجت لصورة المسلمين المتوحشين آكلي اللحوم المتعطشين إلى الدماء، في أحد مشاهد الفيلم.
ففي الفيلم مظاهر وحشية عن المسلمين مثل تصوير قائد مسلم وهو يعذب شخصاً، بينما يظهر وهو يعضّ قطعة من لحم تمساح يُشوى على نار هادئة، بغرض إبراز صفاته “الحيوانية”.
كما تتسع مخيلة الكاتب ليُدخل قصصًا فرعية لم ترِد في كتب التاريخ، حسب النقاد؛ أبرزها إقدامه على سجن أميرة مغولية لم تقبل به زوجًا، بسبب أصول والدته، فما كان منه إلا أن أقدم على قتل والدته بدم بارد، وخطف تلك الأميرة وسجنها؛ حتى تتنازل وتقبل الزواج به.