يُحيي الشعب الفلسطيني في كافة مناطق تواجده وأحرار العالم في الـ 29 من نوفمبر من كل عام يوم التضامن الشعب الفلسطيني، والذي يُوافق ذِكْرَى قرار التقسيم 181.
وأقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، باختيار يوم 29 نوفمبر لإحياء اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني تذكيراً بمسؤولية العالم أجمع الأخلاقية والقانونية بضرورة تطبيق العدالة للشعب الفلسطيني، والذي حُرم حتى الآن من إقامة دولته المستقلة وعودة لاجئيه وفقاً لقرارات الشرعية الدولية.
ويوافق هذا اليوم ذكرى قرار التقسيم الذي أصدرته الأمم المتحدة وأقرته الجمعية العامة عام 1947م، والقاضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين “إسرائيلية” وأخرى عربية وأقيمت بموجبه “إسرائيل” فقط.
وينص قرار الأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948م على أنه ينبغي السماح لمن يرغب من اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم، وتعويض من يقررون عدم العودة عن أراضيهم.
وتنطلق فعاليات التضامن المختلفة من الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية وقطاع غزة والـ48 والشتات تزامناً مع هذا اليوم، حيث تحيي العديد من القوى والحركات والأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني والجامعات هذا اليوم من خلال فعاليات مختلفة؛ منها المؤتمرات العلمية والوقفات الاحتجاجية والندوات التضامنية وغيرها.
كما تحيي العديد من العواصم العربية والدولية هذا اليوم التضامني مع الشعب الفلسطيني.
يذكر أن التضامن الشعبي العالمي ارتقى لأبهى صوره مُنذ قيام الاحتلال “الإسرائيلي”، وتجلى خلال مايو الماضي بعد صعود قضية الشيخ جراح ثم الحرب على غزة، وشهدنا تضامناً عظيماً مع الشعب الفلسطيني من شتى مدن وعواصم العالم.
لا حلّ قريب
وفي ظل الإجراءات “الإسرائيلية” وانسداد أفق الحل السياسي، يرى مراقبون ومختصون بالشأن الفلسطيني ألّا فرص حقيقية في المدى المنظور لإقامة دولة فلسطينية بالحد الأدنى من المقوّمات.
ويقول طلال عوكل، الكاتب والمحلل السياسي، إنه بعد مرور كل تلك السنوات فإن إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو لعام 1967م، بات “حلماً بعيد المنال”.
وأضاف عوكل، في حديث لوكالة “الأناضول”: “لم يعد هناك مجال لحلول على أساس المفاوضات تعطي دولة فلسطينية، بصرف النظر عن حدودها، أو حجمها ومواصفاتها”.
ويُحمّل عوكل، “إسرائيل”، المسؤولية عما وصلت إليه الأوضاع، عبر ممارساتها الظالمة تجاه الفلسطينيين.
وقال إن “إسرائيل” تتوسع في عدوانها على الفلسطينيين، وليس هناك ما يجبرها على منحهم حقوقهم، خاصة في ظل وضع عربي منهار، ووتيرة تطبيع متسارعة، وانقسام فلسطيني داخلي، وتراجع للدعم الدولي.
وتابع: كما أن المجتمع “الإسرائيلي” قاطبة يميل إلى التطرف، ولم تعد هناك تيارات يمكن أن تقبل بحلول سياسية ومفاوضات مع الفلسطينيين.
المطلوب من الفلسطينيين
ويوضح عوكل أنه بالرغم من مساعي بعض الجهات الدولية لتوسيع حالة التضامن مع القضية الفلسطينية وفضح ممارسات “إسرائيل”، إلا أن ذلك يبقى في إطار “العلاقات العامة” وليس ذا تأثير حقيقي.
ورأى أن المطلوب من الفلسطينيين هو إعادة بلورة مواقفهم على أساس فهم الحقائق كما هي، فـ “المشروع الصهيوني توسعي استعماري، ولا يسعى لمجرد إقامة دولة لليهود في بقعة جغرافية معينة”.
ولم يُقلل المحلل السياسي من شأن المساعي في المحافل الدولية للمطالبة بإقامة الدولة، إلا أنه أكد أن الفعل على الأرض يجب ألا يُعوّل كثيراً على هذا المسار.
وأضاف: يجب الذهاب إلى إحياء الصراع مع “إسرائيل” من جديد، فحقيقة الصراع هي ألا مستقبل للمشروع الصهيوني على أرض فلسطين.
وبيّن أنه يجب تعزيز صمود الفلسطينيين على أرضهم، على اعتبار أن تهجيرهم يمثّل أحد مرتكزات المشروع الصهيوني، من خلال الحروب، والاستيطان، ومصادرة الأراضي، والاعتقالات، وغيرها.
حل السلطة الخيار الأمثل؟
ويرفض أبو عوكل فكرة حلّ السلطة الفلسطينية، كنتاج طبيعي لانعدام أفق حل الدولتين، ذلك أن وظيفة السلطة، في رأيه، لم تعد تقتصر على أنها إحدى إفرازات اتفاق أوسلو الذي انتهت عملياً.
ورأى أن السلطة الفلسطينية الآن لديها هوية، ولها تمثيل دبلوماسي رسمي دولياً وإقليمياً وعربياً.
وتابع: “فلتبقى السلطة الفلسطينية، التي يجب أن تستمر في تحمّل مسؤولية الفلسطينيين، لكن السؤال هنا هو ما البرنامج الذي تتبناه هذه السلطة؟”.
ولفت إلى ضرورة تغيير وظيفة السلطة أولاً، إلى جانب إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها مسؤولة عن جميع الفلسطينيين داخل فلسطين وخارجها.
أما بشأن مقاومة الاحتلال، فأوضح عوكل أن العمل المقاوم يحتاج نقاشاً حول شكله وطبيعته، فـ “ليس بالضرورة أن يكون مُسلحاً أو عن طريق الصواريخ”.
وأشار إلى أن هذه المسألة دقيقة تقررها طبيعة المرحلة ومستوى التنسيق الداخلي بين الفلسطينيين أنفسهم.
وختم عوكل بالقول إن جميع أشكال النضال الفلسطيني تدخل في نطاق المقاومة، التي لها أوجه ووسائل متعددة، موضحاً أنه على الفلسطينيين اختيار الوجه المناسب في الظرف المناسب.