فتح العفو الأميري الذي أصدره سمو أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح الباب واسعاً أمام إعادة اللحمة الوطنية مجدداً، تأكيداً على أن المصالحة مع الشعوب هي بداية الإصلاح السياسي المأمول، ولا سيما من خلال تصحيح المفاهيم بأن المصلحين مكانهم التكريم وليس الملاحقة.
لكن خطوة كهذه تفتح الباب لمزيد من الأسئلة حول ماذا بعد العفو الأميري؟ وعن كواليس الحوار الوطني الذي أفضى إلى هذا العفو؛ هل شمل تفاهمات بشأن تعطيل بعض مواد الدستور؟ وما أولويات المعارضة في هذه المرحلة؟ وماذا لو جاء تمثيل وعمل حكومة الشيخ صباح الخالد مخيباً للآمال؟
أخذنا هذه الأسئلة وغيرها وطرحناها على النائب بالبرلمان الكويتي أسامة الشاهين الذي فتح لنا قلبه قبل عقله، فأجاب بكل شفافية ووضوح من خلال هذا الحوار.
بداية، نرحب بكم في «المجتمع».
– حياكم الله، ومرحباً بكم وبقرَّاء مجلتنا الغراء «المجتمع»، رائدة الإعلام والصحافة الإسلامية في بلدنا الحبيب الكويت.
هناك ربط مباشر بين العفو ومسيرة الإصلاح التي أخذت زخماً كبيراً بفضل الله تعالى ثم المكرمة الأميرية
خلال الفترة الماضية شهدنا عدة مبشرات طيبة بالكويت؛ فقد أصدر سمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، حفظه الله تعالى، عفواً أميرياً عن محكومين في قضية “دخول المجلس” وبعض القضايا الأخرى، الشارع يتساءل: ماذا بعد العفو؟
– بالفعل، ما حدث في الكويت أمر مميز ومبشِّر، وهو انتهاء الإشكالات السياسية من خلال الحوارات والتفاهمات؛ ما أدى إلى انتهاء الاختناق السياسي بمكرمة أميرية سامية، حفظ الله سمو الأمير الذي وجه بهذا التوجيه ورعاه، وجزاه الله خيراً على ما قدم لوطنه ومواطنيه.
أما سؤال “ماذا بعد العفو؟”، فهو سؤال مهم، ومطلوب من الجميع المساهمة فيه والتلاقي عليه؛ لذلك كانت هناك دعوة كريمة من النائب السابق مسلم البراك رحبت بها شخصياً ورحب بها زملائي في الحركة الدستورية الإسلامية (حدس)، وهي دعوة للتلاقي بين نواب المعارضة (أو كتلة الـ31 كما نسميهم) لوضع أولويات المرحلة القادمة، فما تحقق بشأن العفو إنجاز، وما تحقق من إسقاط قرار تأجيل الاستجوابات القائمة والمزمع تقديمها إنجاز أيضاً، لكن الشعب والوطن ينتظرون ويحتاجون منا ما هو أكثر من ذلك، وهذا هو ما سنجتمع عليه للتحاور والتداول، وينتج بعد ذلك إعلان وأجندة واضحة ندعو لها الشعب ويساندنا ويدعمنا فيها بإذن الله تعالى.
هل ترون العفو مفتاحاً للإصلاح السياسي، خاصة مع وجود الكثير من القضايا المعطلة؟
– العفو -بلا شك- كان قضية مركزية ومحورية؛ لأنه عفو عن مجموعة انبرت للإصلاح وللتصدي لقضية من أكبر قضايا الفساد السياسي، وهي ما عرف باسم «النواب القبيضة»؛ فبوابة الإصلاح هي حماية المصلحين وتكريمهم وليس ملاحقتهم وحبسهم وسجنهم.
ولذلك أربط ربطاً مباشراً بين هؤلاء الشباب والنواب ومسيرة الإصلاح التي أخذت زخماً كبيراً بفضل الله سبحانه وتعالى، ثم هذه المكرمة الأميرية السامية، ثم الالتفاف حول هذه القضية طوال هذه السنوات واحتضانها وجعلها في صدارة القضايا السياسية؛ فهي لا تنفك عن الإصلاح، وإن كانت -كما تفضلت- ليست القضية الإصلاحية الوحيدة.
كما أن تمكين النائب من حقه في الاستجوابات بناء على إسقاط قرار تحصين رئيس الوزراء من الاستجوابات الحاضرة والمزمع تقديمها، هذا أيضاً يفتح بوابة أخرى للإصلاح والرقابة.
وأرى أنه لا يقل أهمية عن هاتين البوابتين؛ بوابة الاتفاق على أجندة تشريعية ورقابية بالتنسيق -وليس بالتسابق- بين النواب، وأيضاً أن يكون هناك تواصل مع الحكومة بشأنها عند اللزوم حتى نضمن تنفيذها وتطبيقها على أرض الواقع، مستثمرين هذه الأجواء الإيجابية وهذا المناخ التفاؤلي والإصلاحي للمزيد من المكتسبات الشعبية.
كنا نود ألا يدخل ضمن العفو قضايا أخرى قد تُحدث اللبس عند الناس
لكن البعض يرى أن الفرحة بالعفو كانت منقوصة لأنها شملت “خلية العبدلي”، فكيف ترى ذلك؟
– مشاعر هؤلاء هي مشاعرنا، وما ضايقهم ضايقنا حقيقة، وإن كان الموضوع يختص به سمو الأمير، حفظه الله ورعاه، والدستور أوكله لسموه دون عرض على المجلس، لكن -بلا شك- ما شعر به المواطنون شعرنا نحن به كمواطنين وممثلين للمواطنين، فكنت أنا وقطاع كبير من المواطنين نود أن يكون هنالك عفو لا تدخل فيه قضايا أخرى قد تحدث اللبس عند الناس، أو تصور خلاف الواقع بأننا سعينا لهؤلاء أو أولئك، وأشدد من خلال هذا المنبر بأن من سعينا لهم ووثقنا ذلك بالمطالبات المتكررة والاقتراحات بالقوانين والبيانات السياسية هم النواب والشباب الإصلاحيون سواء الذين خرجوا إلى تركيا أم المغردون وذوو الآراء السياسية، لكن كما أشرت فهو أمر أوكله الدستور لسمو أمير البلاد ولا معقب عليه سواء قضائياً أو سياسياً في هذا الشأن الأميري الخاص.
هناك من يقول: ليس كل الكويتيين يهمهم موضوع العفو، فهل هو قضية نخبوية أم له مغزى سياسي؟
– الموضوع له أكثر من بُعد؛ فهناك بُعد شخصي وأخوي يتعلق بهذه الكوكبة التي زاملناها وخالطناها وجاورناها على مقاعد مجلس الأمة في عام 2012م؛ مجلس الأغلبية الشهير، وأيضاً لها جانب قيمي وأخلاقي وتربوي ربما يغفل عنه البعض، فما نريد تحقيقه وما تفضل علينا به سمو الأمير، حفظه الله تعالى، هو رسالة أخلاقية جميلة وكريمة للشارع الكويتي والأجيال القادمة، مضمونها ألا تخجل ولا تخف ولا تتردد في إنكار المنكر ومكافحة الفساد، وأن الدولة؛ أميراً وشعباً، ستقف معك في هذه المطالبات العادلة، وحقك هو التكريم وليس المحاكمة والحبس والملاحقة.
بكل صراحة، هل حصلت تفاهمات بين الحكومة والنواب أو لجنة الحوار بخصوص تعطيل بعض مواد الدستور مثلاً كاستجوابات أو وقف بعض الأمور للتهدئة؟
– لم يكن هناك -بحسب إعلان الزملاء الذين ذهبوا للحوار- أي شيء يمس الدستور، ولا جيوب المواطنين؛ فلم يكن هناك شيء من هذا القبيل بحسب تأكيد الزملاء الذين كانوا حاضرين في ذلك المجلس، وأؤكد أننا لم يعرض علينا أي معلومات إضافية أو تفاصيل؛ فالإخوة الذين ذهبوا للحوار لم يكونوا ممثلين لكتلة، لكنهم ذهبوا بصفتهم ممثلين عن الأمة بحكم عضويتهم في مجلس الأمة؛ فهؤلاء الفضلاء هم ممثلونا ونحن نتحمل قراراتهم، وأطمئن أيضاً بذات الصدد بأنهم لا يقلون عني حرصاً على الدستور والمال العام وجيوب المواطنين، فأكدوا لنا مشكورين أنه لم يكن هناك شيء من هذا القبيل، وإن كان هناك شيء لا نعلم عنه، فهم بالنهاية -كما قلت- ذهبوا بأشخاصهم الكريمة.
والبيان السياسي الذي وقعنا عليه يناشد سمو الأمير العفو الكريم عن أصحاب القضايا السياسية، هذا الالتزام وهذا الطلب الوحيد الذي تم تقديمه، والحمد لله سمو الأمير تلقاه بصدر رحب، ومكرمة سامية، أدخلت السعادة والسرور في قلوبنا.
ذكرتم قبل قليل “كتلة الـ31″، السؤال الذي يطرح نفسه بعد العفو: هل هذه الكتلة ذهبت أدراج الرياح؟
– هذا هو التحدي القائم حالياً، هناك فريقان ربما رأينا انعكاسهما أيضاً في تركيا وداخل مجلس الأمة الكويتي: فريق يعد أقلية يرى أنه لا أولوية تعلو على إسقاط ورحيل الرئيسين، ويقصدون رئيس المجلس ورئيس الحكومة، وأننا يجب ألا نناقش أي قضية ثانية، وألا ندخر جهداً في تحقيق هذه الغاية، وهناك رأي الأغلبية أيضاً من النواب؛ الحاليين والسابقين، الذين يرون أن القضية أكبر من أن تكون قضية أشخاص أو أسماء؛ بل الأمر مواضيع وقضايا إصلاحية رقابية وتشريعية وشعبية، وهي معيار التعاون أو التصعيد مع الحكومة أو مع هذا الشخص أو ذاك.
وهاتان وجهتا النظر هما محل الاختلاف، وإن كنت أرى أن الاختلاف والتنوع مفيد للحالة السياسية الكويتية، ويجب ألا نتطابق جميعنا على الوسائل والأدوات ذاتها، وهذا حق مشروع للزملاء، وإن شاء الله تعالى ننجح قريباً في التنسيق والتقريب فيما بيننا عبر الاجتماع الذي دعا له الأخ الفاضل مسلم البراك، ودعت إليه أطراف أخرى؛ فلن نتردد في الحضور لمحاولة تقريب وجهات النظر.
لكن أصارح الشارع الكويتي وقرَّاء “المجتمع” الغراء بأن هناك مدرستين؛ مدرسة ترى أنه لا صوت يعلو على صوت إسقاط الرئيسين، وأخرى ترى أن هذه معركة وإن كانت مهمة لكن هناك ما هو أهم منها وهي الأجندة التشريعية والرقابية التي يجب أن نحققها للوطن والمواطنين.
هل الإصلاح السياسي بالكويت وهذا العفو يمكن أن يكون رسالة سياسية للخارج بأن المصالحة مع الشعوب مفتاح لتنمية الأوطان؟
– أرى أن العفو كان شأناً محلياً محضاً ووطنياً في إطار ما اعتادت عليه الكويت، وهي المصالحة والتصالح كلما اشتد النزاع، وإن كنت أتفق معك في أن هذه المشاهد الجميلة التي حصلت وهذه المكرمة الأميرية السامية التي صدرت تمثل، من حيث ندري أو لا ندري، رسالة ومدرسة وقدوة لإخواننا وأشقائنا في الوطن العربي الكبير وفي العالم الإسلامي العزيز علينا، وهذا ما اعتادت عليه الكويت دائماً أن يُضرب بها المثل في المحامد والأمور الطيبة، فتصالح الحكومات مع الشعوب والتقدم في المسيرة الإصلاحية والرقابية ينعكس –بلا شك- إيجاباً على الجميع، وينعكس استقراراً وازدهاراً في أوطاننا العزيزة والغالية علينا جميعاً.
آمل أن تكون الحكومة أكثر حكمة ويأتي تشكيلها مناسباً وبرنامجها معبراً عن تطلعات المواطنين
بخصوص تشكيل الحكومة، صدر، أخيراً، مرسوم وأمر أميري بتكليف الشيخ صباح الخالد بتشكيل الوزارة، هل سنشهد حكومة برلمانية؟
– مَنْ انخرطوا في الحوار الوطني وسعوا له كانوا يخططون لمشروع من 4 خطوات؛ الأولى تتعلق بالعفو الخاص الكريم، والثانية إسقاط قرار تأجيل الاستجوابات، والثالثة تشكيل حكومة شبه برلمانية بها تمثيل أكبر للنواب بشكل عام وللمعارضة الإصلاحية بشكل خاص، والخطوة الرابعة مشروع تضمين القوانين الإصلاحية داخل برنامج عمل الحكومة، فنرجو أن ينجحوا في هذا التوجه الحميد الذي نقدم له كل دعمنا وتأييدنا؛ لأن نجاحهم في هذا المستهدف نجاح لنا جميعاً، وهي مطالبة شعبية وللمعارضة الإصلاحية.
من الخطوات الأربع هذه تحقق أول هدفين -بفضل الله تعالى ثم التقاء الإرادة الأميرية والإرادة الشعبية- وإن شاء الله تستمر مثل هذا الإرادة الأميرية والشعبية في تحقيق الهدفين الثالث والرابع، وهما: حكومة تعكس بشكل أكبر وأوفر تمثيل الشعب وتحديداً المعارضة الإصلاحية منه، وبرنامج عمل حكومي يتضمن القوانين والمطالب الإصلاحية والشعبية، ونقدم لمثل هذه الأفكار والمشاريع دعمنا وتأييدنا، وإن كنا لا نملك القرار كاملاً في مثل هذه الأمور، لكننا نساهم بما نستطيع وما نقدر في إيجاد المناخ الملائم لمثل هذه التوجهات الإصلاحية.
إذا جاءت حكومة بدون خطة عمل واضحة، فكيف سيكون موقف النواب حينئذ؟
– إذا جاء تشكيل الحكومة مخيباً للآمال، وأتى برنامج عملها بعيداً عن تطلعات الوطن والمواطنين؛ فهذه ستكون دعوة حكومية للتصعيد ضدها، لكن آمل أن تكون الحكومة أكثر حكمة، وتكون قراراتها أسلم من ذلك ويأتي التشكيل مناسباً، والأهم من التشكيل أن يأتي البرنامج معبراً حقيقة عما عبر عنه المواطنون عندما خرجوا لصناديق الاقتراع في ديسمبر 2020م، وعندما خرجوا، أخيراً، إلى المطار ودواوين النواب والشباب الإصلاحيين واحداً تلو الآخر بالآلاف في حشود كبيرة استثنائية لم تشهدها الكويت منذ وقت بعيد، وهذه الرسائل الشعبية آمل أن تنعكس على تشكيل وبرنامج عمل الحكومة، وبلا شك إذا أتوا لنا بخطوة إصلاحية فسنقابلها بمثلها خطوات من دعم وتأييد وثقة، وإن غاب الإصلاح فسيغيب الاستقرار والازدهار.
هل هناك “فيتو” على أي من الأسماء للوزراء الحاليين؟
– لا أود أن أتحدث باسم جميع زملائي، لكنني شخصياً أركز دائماً على الأداء والعمل وعلى المشروعات وليس الأشخاص، لأني أؤمن بأن الأشخاص في طريقة عمل الحكومة الكويتية غير مهمين أو مؤثرين كثيراً بقدر ما هم، مع الاحترام لشخوصهم الكريمة، أوعية تحمل البرامج الحكومية، وأحياناً نفس الشخص يقوم بإجراءات إصلاحية ثم يقوم بإجراءات فاسدة وفقاً للتوجهات والسياسة العامة للحكومة، فأنا دائماً أحب التركيز على مثل هذا المضمار.
لكن يمكن أن أقول على المستوى الشخصي بأن أداء وزير التجارة د. عبدالله السلمان مخيب للآمال في قضية القسائم الصناعية وسوء توزيعها والشبهات التي طالت عمليات توزيع مزمعة لقسائم صناعية، وكذلك أداؤه في بعض الملفات الصناعية والتجارية المهمة سواء ما يتعلق بمنطقة الشعيبة الصناعية الكبرى، أم المنطقة التجارية الحرة، أم المنطقة المجاورة لميناء عبدالله.
لذا آمل أن نحظى بوزير تجارة إصلاحي أكثر وضوحاً وشفافية في إجراءاته تجاه القسائم الصناعية ودعم أصحاب المشروعات التجارية الصغيرة والمتوسطة الذين لم يجدوا مثل هذا الدعم بأي شكل من الأشكال.
أغلب مشكلاتنا قابلة للحل؛ مثل قضايا الإسكان والصحة والمقيمين بصورة غير قانونية، لكنها تحتاج إلى إرادة من الحكومة، فهل تتفقون مع هذا الرأي؟
– السؤال من شقين؛ أولاً أتفق فعلياً مع أن المشكلات بالكويت ما زالت سهلة وممكنة وقابلة للحل، وما زلنا نحظى بالميزات ذاتها من حيث قلة عدد السكان وانسجامهم في تركيبة اجتماعية واحدة، وعدم وجود مشكلات طائفية أو فئوية مثل التحديات التي تواجه دولاً مجاورة أخرى؛ فليس عندنا مثل هذه التحديات أو هذه التعقيدات، بالإضافة إلى الأرض والتضاريس التي حبانا الله إياها؛ فهي منبسطة وسهلة والمورد الأساسي للاقتصاد والخزينة العامة، وهو النفط ما زال -والحمد لله تعالى- مطلوباً عالمياً وبأسعار مرتفعة، وبالنهاية كل هذه العوامل من شأنها أن تسهل الحل على من يريد الحلول.
لكن التحدي الكبير –هذا هو الشق الثاني- هو هل هناك إرادة لحل هذه المشكلات؟ هل هناك رغبة حقيقية لحلها؟ وإذا توفرت هذه الرغبة فإن الإمكانات موجودة ومتاحة، ولكني أشك في رغبة الحكومة في حل مثل هذه المشكلات؛ حيث أجد كثيراً منها، بحكم تجربتي في 3 مجالس (2012، 2016، 2020)، مشكلات متعمدة ومفتعلة ولا توجد إرادة حقيقية لحلها، لكن الإرادة أن تستمر هذه المشكلات وتتعقد لمصالح أخرى، حتماً هي ليست مصالح الوطن والمواطنين.
المواطن انتظر منكم كثيراً كنواب؛ فهل هناك مبشرات للمواطنين تقدمها لهم من خلال “المجتمع”؟
– أذكِّر نفسي والمواطنين أننا في السلطة التشريعية؛ أي أن الحكومة ما زالت بعيدة تماماً عن التمثيل الشعبي والنيابي حتى الآن، وآمل أن يكون التمثيل الحكومي الجديد على خلاف ما جرى عليه العمل، وأن يكون هناك تمثيل شعبي ونيابي أكبر، لكن المساحة الشعبية والنيابية تتركز في أدوار التشريع والرقابة، أما التنفيذ والقرارات اليومية التي تمس المواطنين فهي مساحة حكومية بحتة.
لكننا نحن المشرعين والمراقبين نضغط باتجاه حلول مالية سريعة ومباشرة للمتقاعدين والمتقاعدات، وآمل أن ننجح في هذا الملف قريباً سواء من خلال المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، أم تعديلات على موضوع مكافأة ربات البيوت، أم تأجيل الأقساط، أم دعم وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، مثل هذه الملفات المعيشية آمل أن تجد كلها أو بعضها -على الأقل- حلاً سريعاً يراه المواطنون بأعينهم بإذن الله تعالى.
أنتم كتيارات سياسية، هل لديكم تنسيق لدخول التشكيل الحكومي؟
– حتى لحظة إجراء هذا الحوار لا توجد أي جهود تبذل في إطار تنسيق دخول جماعي، ولا أي دعوات تلقتها التيارات السياسية بهذا الشأن، لكن هل سيحدث هذا في الأيام القادمة أم لا؟ أظن أن الخطوة الأولى يجب أن تكون من رئيس الوزراء المكلف، ثم بعد ذلك تتداعى التيارات السياسية فرادى ومجتمعة لتدارس مثل هذه الدعوات التي لم تصدر حتى لحظة إجراء هذا الحوار.
ماذا تقول لسمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، وسمو ولي عهده؟
– أقول لسمو الأمير، حفظه الله ورعاه، وسمو ولي عهده الأمين، متعهما الله بالصحة والعافية والتأييد والتوفيق: جزاكم الله خيراً، وأسعدكم كما أسعدتم آلافاً من الأفراد والأسر الكويتية في هذا الوطن العزيز، وما قام به سمو الأمير من عفو كريم وجميل ليس مستغرباً على سموه، ولكنه يمثل تغيراً كبيراً على الساحة السياسية والاجتماعية، نشكر سموه عليه، ونسأل الله تعالى أن يجزيه خيراً في الدارين على هذا الفعل الجميل الذي آمل أن يشيع في مختلف فئات المجتمع، وهي سياسة العفو والتسامح والتصالح التي جُبِل عليها الكويتيون، وأمرنا بها ديننا الإسلامي الحنيف.
ماذا تقول للشعب الكويتي؟
– لقد التففتم مراراً وتكراراً حول الإصلاح والإصلاحيين، وأدعوكم للاستمرار في هذه المسيرة وعدم اليأس والإحباط، عسى أن نرى نتائج إصلاحية ورقابية وتشريعية وشعبية قريباً بإذن الله تعالى، ثم بالتفافكم في مثل هذه الجهود رافعين جميعاً قول الله تعالى: (إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ) (هود: 88) شعاراً لكم.
ماذا تقول لرئيس الوزراء المكلَّف الشيخ صباح الخالد؟
– هذا ليس تكليفكم الأول، وبالتالي أنتم تتحملون مسؤولية أكبر؛ فهي ليست التجربة الأولى لكم، وقد سمعتم خلال السنوات والتجارب السابقة الطويلة لكم سواء في رئاسة الوزراء أم في الوزارة مرئيات أبناء المجتمع الكويتي وتحفظاتهم وتحديات الوطن وآمال شبابه، وبالنهاية نأمل أن تنعكس على أمرين؛ أولهما التشكيل الحكومي، وثانيهما برنامج عمل الحكومة.
فالتحديات قد كبرت والآمال قد انعقدت وها هي الثقة الأميرية بكم قد تجددت؛ فآمل أن تكونوا أهلاً لها، وأن تحققوا للوطن وأميره -حفظه الله ورعاه- ومواطنيه، حفظهم الله تعالى، ما يصبون إليه من استقرار وازدهار لوطننا العزيز، وإن فعلتم إصلاحاً وخيراً فستجدون منا كل عون ودعم وتأييد.
وفي النهاية، أشكر مجلة “المجتمع” الغراء على إتاحة هذه المساحة للشأن المحلي، التي لا ننسى بجانبه الشؤون الدولية والعالمية وأخبار المسلمين حول العالم حيث تمثل “المجتمع” قناتنا الأولى للتعرف عليهم، نسأل الله سبحانه أن يحفظ بلاد المسلمين، وأن يوفق المجتمعات والبرلمانات المسلمة لما فيه خير وصالح الإسلام والمسلمين.