كم كنت أحلم أن أكون وزيرا *** لكن عمر الحلم كان قصيرا
قال الفتى والدمع حيّر أعينا *** فغدا نحول الجسم منه نذيرا
أجلٌ حلمت بأن أكون مربياً *** أو سائساً أو قائداً منصورا
كانت تراودني الفتوح كأنها *** زوج العزيز ولست بعد صبورا
كانت هناك “مناصباً وكراسياً” *** في الحلم كنت مسافراً وسفيرا
ياليتني كنت النؤوم متوجاً *** أو ليت حلمي يقبل التفسيرا
أقسمت أني لن أُرى متيقظاً *** إلا لكيما ألمح التغييرا
لكنه جاء الجنود لبيتنا *** فرأيت باب البيت خرَّ أسيرا
قم يا ابن.. بائعة المنى لتقل لنا *** ولا تقل سنسائل التقريرا
أولست تحلم أن تكون معمراً *** لسنا نسامح من هوى تعميرا
أو لست تحلم أن تكون مرابياً *** أو سارقاً أو قانصاً مأجورا
أولست تحلم أن تكوّن دولةً *** ليكون أقوانا بها مفقورا
أتظنّ أنّا لا نراقب حلمكم *** كم كان حلمك يا صغير كبيرا
ولدتك أمك يا ابن أمك باكياً *** وتريد منّا أن نقيم سرورا
فاجهد لنفسك أن تكون إذا بكوا *** في يوم سجنك ضاحكاً مسرورا
في سجني الأسوار قاربت السما *** وقد اتخذت من التراب سريرا
وقد التحفت بجلدي الهش الذي *** أمسى من الجوع الكثير كسيرا
حاولت أن أبكي لأشرب دمعتي *** فرأيت عينيَ بالدموع عقورا
فغزلت من جرح الزمان قصيدةً *** وظللت أدعو للمنام ثبورا
ما كان ذنبي أنني أهوى الرؤى *** كن حلميَ كان جد خطيرا