أثار فيلم سينمائي فلسطيني يحمل اسم “صالون هدى”، تم عرضه مؤخراً على شبكات التواصل الاجتماعي غضباً فلسطينياً وعربياً، لاحتوائه على مشاهد وصفوها بـ”المُخلّة”.
و”صالون هدى” فيلم من إخراج الفلسطيني هاني أبو أسعد، تم تصويره بمدينة بيت لحم، بالضفة الغربية بمشاركة ممثلين فلسطينيين.
وعُرض الفيلم بداية في مهرجان بيروت الدولي لسينما المرأة لعام 2022، الذي افتتح الأحد الماضي واختتم الجمعة، تحت شعار “نساء من أجل القيادة”، ومن ثم نُشر على شبكات التواصل.
تدور أحداث الفيلم عن سيدة تُدعى “هدى” تم تجنيدها لدى مخابرات الاحتلال، وتعمل على إسقاط الفتيات الفلسطينيات داخل صالون للتجميل، إذ تقوم بتصويرهن بأوضاع مُخلّة، بعد تخديرهن، ومن ثم ابتزازهن للعمل ضد بلادهن.
كما اعترض الفلسطينيون على طريقة معالجة الفيلم لقضية العمالة مع الاحتلال، حيث اعتبروه تشويهاً يطال كلاً من المرأة والمناضل الفلسطيني، كما يُسيء للمجتمع بأكمله.
شكوى رسمية
تقدم المحامي الفلسطيني حسام البسطامي، الأحد الماضي، بشكوى لدى النائب العام الفلسطيني، بحق مخرج الفيلم، و4 من الممثلين.
وجاء في موضوع الشكوى أن “التعرض للآداب والأخلاق العامة، وارتكاب الأفعال المنافية للحياء العام عبر تمثيل وإخراج ونشر مقاطع إباحية مخلة بالقيم والآداب العامة والإساءة إلى نضال الشعب الفلسطيني من خلال فيلم “صالون هدى” سنداً لنص مواد بالقانون الفلسطيني (سماها)”.
ولفت البسطامي، عبر صفحته على موقع “فيسبوك”، أن الشكوى تطالب بـ”حجب الفيلم عن العرض رغم انتشاره على مواقع التواصل الاجتماعي واليوتيوب”.
وغالبية المشتكى عليهم من كادر الفيلم يحملون الجنسية “الإسرائيلية” (فلسطيني الداخل)، ولا يتيح القانون الفلسطيني أي إمكانية لمحاكمتهم.
وأضاف: “الفن رسالة ونحن لسنا ضد الفن والتعبير وحرية الرأي، إنما من أراد أن يخدم القضية الفلسطينية عليه إنتاج أفلام تليق بنضالات وتضحيات الشعب الفلسطيني، لا أفلام تسيء للقضية وشهدائها وأسراها وإرثها وأخلاقها وقيمها”.
الثقافة الفلسطينية
من جانبها، نفت وزارة الثقافة الفلسطينية أي علاقة لها بفيلم “صالون هدى”.
وقالت الوزارة، في بيان، السبت الماضي: إن فريق الفيلم قدم نسخة تخلو من المشاهد المخلة بالأخلاق للجنة التي شكلها وزير الثقافة عاطف أبو سيف لاختيار الفيلم الذي سيمثل فلسطين في مسابقة “الأوسكار” الدولية.
ولفتت إلى أن اللجنة أشارت إلى ضعف في بنية الفيلم وعدم مقدرته على تقديم صورة صادقة أو قابلة للتصديق في شخصياته الرئيسة.
وأضافت: من المؤكد أن المشاهد التي احتواها الفيلم تمس صورة شعبنا وتنافي قيمه وأخلاقه وتمس صورة السينما الفلسطينية.
وفي السياق، استنكرت المؤسسات والمرجعيات الدينية بدولة فلسطين، ممثلة بديوان قاضي القضاة، ودار الإفتاء، ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية، إنتاج وإخراج فيلم “صالون هدى”.
وقالت، في بيان صحفي مشترك: إن الفيلم تضمن مشاهد خارجة عن الدين والقيم والأخلاق وعن تراث الشعب الفلسطيني المرابط وعاداته وتقاليده.
وطالبت المرجعيات الدينية، بسحب الفيلم المسيء وإتلافه ومنع تداوله أو عرضه بأي صورة من الصور لما فيه من إساءات لصورة شعبنا وديننا وتراثنا الوطني.
ودعت النائب العام والجهات الرسمية ذات العلاقة إلى ملاحقة ومحاسبة جميع المشاركين في هذه الجريمة الأخلاقية وفق الأصول والقانون، حماية للمجتمع الفلسطيني وصيانة للأخلاق والسلم الاجتماعي.
“حماس” تعلق
بدورها، قالت دائرة الإنتاج الفني في حركة “حماس”: إن الفيلم يُسيء إلى نضال الشعب الفلسطيني ويحوله إلى مشاهد مسيئة.
وأضافت، في بيان: هذا التشويه يتناول موضوع الاتصال مع الاحتلال بطريقة خاطئة وهجومية، ووقائع ناقصة، فضلاً عن العرض المُخزي الذي يخالف القواعد العامة للفن الوطني المسؤول.
وعبّرت الحركة عن رفضها للفيلم، الذي قالت: إنه كان من المفترض أن يُبرز دور الاحتلال وأساليبه القذرة في ابتزاز الفلسطينيين، لا قلب للحقائق وعرض مشاهد لا علاقة لها بالواقع.
ودعت الحركة الجهات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني، وهيئات قطاع المرأة إلى مقاطعة مثل هذه الأفعال ووقف عرضها في فلسطين وخارجها.
المخرج يبرر
وقال المخرج هاني أبو أسعد، في تصريح صحفي، الجمعة الماضي: إن المهمة الأساسية للسينمائي توجيه أسئلة أكثر من إيجاد إجابات، وقصة الفيلم حقيقية وموجودة، حيث كانت الاستخبارات “الإسرائيلية” تستخدم وجود صالات التجميل لإسقاط الفلسطينيات.
ولفت إلى أن التحدي الكبير، الذي طرحه الفيلم هو عدم تحديد من تكون الضحية ومن هو الجلاد، ومن الممكن أن من تعتبره جلاداً يكون هو نفسه الضحية.
ردود فعل غاضبة
من خلال وسم “صالون هدى”، عبّر ناشطون فلسطينيون وعرب عن رفضهم واستنكارهم للفيلم، مطالبين بوقف عرضه.
وقالت الصحفية الفلسطينية، وصال أبو عليا، في تغريدة: ما قدّمه الفيلم من مشاهد تشويه لمجتمع بأكمله لم يكن مشهد التعري وحده الكارثي (..) طال التشويه المرأة الفلسطينية التي تم تصويرها في هذا الفيلم بأنها رخيصة وتتعرى فقط لتحصل على الشهرة، ومن ثم خائنة، ولم يظهر أي مشهد لأي امرأة أدت دوراً نضالياً أو صموداً.
وتابعت: النماذج كثيرة في مجتمعنا لتضحيات المرأة الفلسطينية بتجليات مختلفة، مثل الشهيدة والأسيرة والجريحة والصابرة رغم استشهاد أو أسر قريب لها، والصامدة رغم هدم منزلها.
وأردفت أنه لا بد من الوقوف جدياً أمام ما يحدث بوقف عرض الفيلم، والتنبّه من أي تمرير لأفكار مشابهة سواء بأفلام أو غيرها.
بدوره، قال المخرج والكاتب الفلسطيني نورس أبو صالح، في تغريدة: “الله يعينه هالفن اللي (الذي) تتحججون به كلما خبصتوا بفيلم”.
وأما الفلسطيني وائل أبو عمر، فقد غرّد قائلاً: من جديد يعود المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد في فيلم “صالون هُدى” ليضرب النسيج المجتمعي والأخلاقي.
بدوره، قال فؤاد الخفش، مدير عام مركز أحرار لحقوق الإنسان، في منشور على “فيسبوك”: نحن كمجتمع فلسطيني محافظ نرفض مثل هذه المظاهر (..) يوجد لدينا مشكلات كبيرة وكثيرة يمكن أن تُعالج من خلال الفن والدراما، لكن لا يوجد لدينا مَن يُخرج هذه القصص بطريقة لا تشوه النضال الفلسطيني.
وغردت الفلسطينية شهد، عبر “تويتر”، قائلة: لم يستطيع الكيان الصهيوني على مر السنين تشويه صورة المجتمع الفلسطيني كما فعل هذا الفيلم الخبيث بأبطال فلسطينيين تشويه صورة المجتمع.
وهاجم الناشطون، على وسائل التواصل، مخرج الفيلم، الذي أثار غضباً واسعاً في ديسمبر الماضي، عن فيلم “أميرة”، الذي تناول قضية تهريب النطف من الأسرى الفلسطينيين، بشكل مسّ بالأسرى وعائلاتهم، ما دفع منتجيه وبعض الدول إلى وقف عرضه.
وهاجمت غدير عواد، في تغريدة، المخرج قائلة: “واضح إن هاني أبو أسعد يرغب في جوائز عالمية في أسرع وقت ممكن”.
وتابعت: “جميع أفلامه عن فلسطين المحتلة ساقطة وتشوه القضية (..) قضيتنا غنية بالقيم التي ترفض المساومة مع الاحتلال، أبو أسعد متهم بالتشويه العمد للقضية”.