لم تحجب السلطات الروسية بعد تطبيقَي “واتساب” و”تيلجرام” مثلما فعلت حيال تطبيقات أجنبية أخرى، لكن يحذّر خبراء من أن موسكو قد تستهدفهما فجأة.
منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير، حُجب “فيسبوك”، و”إنستجرام”، و”تويتر” في روسيا، فيما علّق تطبيق “تيك توك” بنفسه إمكانية تحميل محتوى جديد عليه من جانب مستخدمين في روسيا.
وحصل الحظر تطبيقاً لقانونَين ينظّمان تدفّق الأخبار المنشورة حول الحرب في أوكرانيا وحول العقوبات المفروضة على روسيا، واعتمد البرلمان الروسي هذين القانونين وصدّق عليهما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مطلع الشهر الحالي.
وبات نشر أخبار تهدف إلى “تشويه سمعة” القوات المسلّحة الروسية يُعاقب بالسجن 15 عاماً، ووفق القانونَين، تؤدّي “الدعوات إلى فرض عقوبات على روسيا” إلى ملاحقة أصحابها.
ويرى الباحث في جامعة “برينستون”، سيرغي سانوفيتش، وفق وكالة “فرانس برس”، أن “من غير المحتمل أن تحجب روسيا “تيلجرام”؛ لأن البلاد تنقصها منصات يمكنها بثّ معلومات من خلالها.
ويشكل تطبيق “تيليجرام” للمراسلة، الذي يُنتقَد بسبب تراخي سياسته لمراقبة المحتوى الذي يُنشر عليه، رغم تأكيد الشركة المشغّلة للتطبيق أنها تكرّس مئات الموظفين لذلك، إحدى القنوات النادرة والأساسية للخطابات المؤيّدة لروسيا والمحجوبة عادةً على شبكات تواصل اجتماعي غربية أخرى.
ولفت التطبيق إلى أنه يُسجّل يومياً، منذ ثلاثة أسابيع، أي منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، نحو 2.5 مليون تحميل رسالة عليه.
وكانت الحكومة الروسية قد حاولت عام 2018 حظر التطبيق، بعدما رفض المسؤولون فيه مشاركة موسكو بيانات بعض المستخدمين، لكنها لم تنجح في ذلك.
ويقول إينريكي دانس، الأستاذ المتخصص في أنظمة المعلومات في كلية إدارة الأعمال في جامعة “آي إي” في مدريد: إن حجب “تيليجرام” صعب جداً.
مخاوف ومحاذير
لكن الخبراء يحذّرون من أن في حال خضوع “تيليجرام” سيكون بإمكان الحكومة الاستيلاء على بيانات جزء من المحادثات بين مستخدمي التطبيق الذين لم يفعّلوا خاصية التشفير.
أمّا تطبيق “واتساب”، فتمكّن من حماية منصّته من المخاطر القانونية واحتمال حصول طلبات ولوج إلى محتوياته من خلال تحسين نظامه الأمني واعتماده التشفير الكامل، بحسب ألب توكر، مؤسس ومدير موقع “نيتبلوكس” الذي يراقب الأمن السيبراني والحوكمة الرقمية.
وتعتبر مديرة قسم الأمن السيبراني لمنظمة “إيليكترونيك فرونتيير فاونديشن” إيفا غالبيرينغ، أن الهيئة الروسية الناظمة لوسائل الإعلام “روسكومنادزور” تخوّفت خصوصاً من القنوات والأخبار وسبل بثّها لعدد كبير من الناس، وهو أمر لا ينطبق كثيراً على “واتساب”، نظراً لطبيعة خدماته المحصورة بالمراسلة.
لذا، يبدو تطبيق “واتساب” محميّاً أكثر من غيره من السلطات الروسية، لكن قد يتغيّر هذا الوضع إذا استخدمه كثيراً المعارضون وحركات الاحتجاج.
إلا أن ألب توكر يشير إلى أنه كلّما اختفت شبكات تواصل اجتماعي، تغيّرت الدينامية، على أن تصبح تطبيقات المراسلة الهدف التالي”
“يوتيوب”.. التالي
ويُعتبر تطبيق “واتساب” من التطبيقات الأكثر شهرة في روسيا، بحيث كان أكثر من 67 مليون شخص يستخدمونه بحلول نهاية عام 2021، بحسب شركة “إنسايدر إنتاليجينس”، أي أكثر شهرة من “تيليجرام” (28 مليون مستخدم) أو حتى “في كونتاكت” (63 مليون مستخدم)، وهو شبكة اجتماعية روسية رائجة.
لكن قبل حظر “واتساب” أو “تيليجرام”، قد يُحظَر تطبيق “يوتيوب” في روسيا، حيث اتهمته هيئة “روسكومنادزور” الجمعة بأنه “معادٍ للروس”.
ويقول سيرغي سانوفيتش: يصعب عليهم التحكم بـ”يوتيوب” من ناحية الرقابة، مضيفاً أن قرارات المنصّة أخيراً القاضية بتعليق عمل القنوات الروسية التابعة لوسائل إعلام مقرّبة من الحكومة الروسية، خفّضت من قيمتها كأداة للدعاية السياسية.
ويلفت ألب توكر إلى أن إعلان الحرب على “يوتيوب” يعني مهاجمة مجموعة “ألفابت”، الشركة الأمّ لمحرّك “جوجل” أيضاً، بكاملها، إلّا أن “جوجل” محرّك اقتصادي أساسي، وصلة اتصال مهمّة بالعالم الخارجي.