1- وفاة أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها:
توفيت السيدة عائشة رضي الله عنها في خلافة معاوية رضي الله عنه في مثل هذا اليوم 16 من رمضان ليلة 17 رمضان 58هـ/ 14 يوليو 678م، وهي ابنة 66 عاماً، بعد مرض ألمّ بها حتى إنها شعرت بأنه مرض الموت، ودُفنت بالبقيع بعد صلاة الوتر وصلى عليها أبو هريرة رضي الله عنه -بحسب وصيتها- ونزل في قبرها خمسة: عبد الله وعروة ابنا الزبير، والقاسم بن محمد، وعبدالله بن محمد بن أبي بكر، وعبدالله بن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهم أجمعين.
نسبها
هي عائشة بنت أبي بكر الصديق عبد الله بن أبي قحافة بن عثمان بن عامر بن عمر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن فهر بن مالك بن كنانة، وأمها: أم رومان بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس بن عتاب بن أذينة بن سبيع بن وهبان بن حارث بن غنم بن مالك بن كنانة، ويلتقي نسبها مع النبي صلى الله عليه وسلم من جهة الأب في الجد السابع، ومن جهة الأمة في الجد الحادي عشر أو الثاني عشر.
نشأتها
ولدت عائشة رضي الله عنها بعد البعثة بأربع سنوات، خرجت إلى الدنيا فوجدت نفسها بين أبوين كريمين مؤمنين، بل وجدت نفسها ابنة خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنشأت أم المؤمنين رضي الله عنها في أحضان هذين الأبوين الكريمين.
زواجها بالنبي صلى الله عليه وسلم
تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة ببضعة عشر شهراً في شهر شوّال وهي ابنة ست سنوات، ودخل بها في شوّال من السنة الثانية للهجرة وهي بنت تسع سنوات، فعنها رضي الله عنها قالت: “تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم لست سنين، وبنى بي وأنا بنت تسع سنين”(1)، وقد رآها النبي صلى الله عليه وسلم في المنام قبل زواجه بها، ففي الحديث عنها رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “رأيتُك في المنام ثلاث ليال، جاء بك الملك في سرقة من حرير، فيقول: هذه امرأتك فأكشف عن وجهك فإذا أنت فيه، فأقول: إن يك هذا من عند الله يُمضه”(2).
ولم يتزوج صلى الله عليه وسلم من النساء بكراً غيرها، وكانت رضي الله عنها تفخر بذلك، فعنها قالت: يا رسول الله، أرأيت لو نزلتَ وادياً وفيه شجرةً قد أُكِل منها ووجدتَ شجراً لم يؤكل منها، في أيها كنت ترتع بعيرك؟ قال: “في التي لم يرتع منها”، تعني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتزوج بكراً غيرها(3)، وهي زوجته صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، ففي مستدرك الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي والألباني وشعيب الأرناؤوط أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله عنها: “أما ترضين أن تكوني زوجتي في الدنيا والآخرة؟” قلت: بلى والله، قال: “فأنت زوجتي في الدنيا والآخرة”.
مكانتها عند النبي صلى الله عليه وسلم
كان لها رضي الله عنها مكانة خاصة في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يُظهر ذلك الحب، ولا يخفيه، حتى إن عمرو بن العاص رضي الله عنه، وهو ممن أسلم سنة ثمان من الهجرة، سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الناس أحب إليك يا رسول الله؟ قال: عائشة، قال: فمن: الرجال؟ قال: أبوها”(4).
مكانتها العلمية
تعتبر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها من أفقه نساء هذه الأمة، فقد روت عن الرسول صلى الله عليه وسلم علماً كثيراً، وبلغ مسندها رضي الله عنها ألفين ومئتين وعشرة أحاديث، وكانت أفصح أهل زمانها وأحفظهم للحديث، وروى عنها الرواة من الرجال والنساء، يقول أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: “ما أشكل علينا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حديث قط، فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها منه علما”، وكان مسروق إذا روى عنها يقول: حدثتني الصديقة بنت الصديق البريئة المبرأة، وقال الزهري: ” كانت عائشة أعلم الناس، يسألها الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال عطاء: “كانت عائشة أفقه الناس وأعلم الناس وأحسن الناس رأياً في العامة، وقد ثبت رجوع أكابر الصحابة مثل عمر وعثمان وعلي وابن عمر وابن مسعود وابن عباس وغيرهم في الكثير من المسائل التي كانت تشكل عليهم إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها(5).
2- وفاة المؤرخ المقريزي:
في 16 رمضان 845هـ/ 5 فبراير 1442م، توفي المقريزي تقي الدين أحمد بن علي بن عبد القادر البعلي الأصل (نسبة إلى بعلبك في لبنان)، المؤرخ الشهير، ولد ونشأ في القاهرة، ويعرف بابن المقريزي نسبة إلى حارة المقارزة من حارات بعلبك، عاش والده في القاهرة، ووليَ هو بعض الوظائف كالقضاء والحسبة، وانتقل إلى دمشق عام 811هـ، وأقام فيها عشرة أعوام، مارس فيها التدريس وإدارة الوقف وعاد بعدها إلى القاهرة، وفيها صرف حياته لكتابة التاريخ، وفي عام 834هـ توجَّه مع أسرته حاجًّا، وأقام بعض الوقت في الحجاز، واستطاع أن يتعرف عن طريق الحجاج على بعض بلاد العرب وعاد إلى مصر سنة 839هـ، إلى أن توفي فيها عن 79 سنة.
مصنفاته
وقد صنف المقريزي كتبًا في الجغرافية والتاريخ؛ ففي الجغرافية وضع كتابًا يعرف باسم “الخطط” وبه اشتهر، وفيه ذكر ما في ديار مصر من الآثار الباقية عن الأمم الماضية مع التعريف بحال مؤسسيها، سمّاه “كتاب المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار”.
وله في التاريخ كتاب “السلوك لمعرفة دول الملوك”، وهو تاريخ مصر من سنة 577-844 هـ، وكتاب “درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة” وهو معجم لتراجم الأعيان من معاصريه، وكتاب “اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الخلفاء” وهو تاريخ الدولة الفاطمية، وكتاب “الدرر المضيئة” في تاريخ الدولة الإسلامية من مقتل عثمان رضي الله عنه إلى المستعصم آخر الخلفاء العباسيين، وكتاب “إمتاع الأسماع بما للرسول من الأنباء والأحوال والحفدة والمتاع”، وكتاب “نبذة العقود في أمور النقَود” يشتمل على تاريخ النقود العربية، وكتاب “جني الأزهار من الروض المعطار” وهو تلخيص كتاب “الروض المعطار في عجائب الأقطار”، وغير ذلك من الكتب(6).
_____________________
(1) أخرجه البخاري (5134)، ومسلم (1422).
(2) أخرجه البخاري (3895)، ومسلم (2438).
(3) صحيح البخاري (5077).
(4) رواه البخاري في “صحيحه” (3662)، ومسلم في “صحيحه” (2384).
(5) بتصرف من موقع “صيد الفوائد”.
(6) بتصرف من موقع “قصة الإسلام”.