النصيحة لمن يتكاسل عن الصلاة ويحافظ على الصيام
ماذا تنصحون من يتكاسل عن الصلاة ولكنه يحافظ على الصيام؟
– بسم الله والحمد لله وصلى الله على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: نصيحتي لهؤلاء أن يفكروا ملياً في أمرهم، وأن يعلموا أن الصلاة أهم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وأن من لم يصل وترك الصلاة متهاونا فإنه على القول الراجح عندي الذي تؤيده دلالة الكتاب والسنة أنه يكون كافراً كفراً مخرجاً عن الملة مرتداً عن الإسلام، فالأمر ليس بالهين؛ لأن من كان كافراً مرتداً عن الإسلام لا يقبل منه لا صيام ولا صدقة، ولا يقبل منه أي عمل؛ لقوله تعالى: (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ) (التوبة: 54)، فبين سبحانه وتعالى أن نفقاتهم مع أنها ذات نفع متعد للغير لا تقبل منهم مع كفرهم، وقال سبحانه وتعالى: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا) (الفرقان: 23)، الذين يصومون ولا يصلون لا يقبل صيامهم، بل هو مردود عليهم ما دمنا نقول: إنهم كفار كما يدل على ذلك كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فنصيحتي لهم أن يتقوا الله عز وجل وأن يحافظوا على الصلاة ويقوموا بها في أوقاتها ومع جماعة المسلمين، وأنا ضامن لهم بحول الله أنهم إذا فعلوا ذلك فسوف يجدون في قلوبهم الرغبة الأكيدة في رمضان وفيما بعد رمضان على أداء الصلاة في أوقاتها مع جماعة المسلمين؛ لأن الإنسان إذا تاب إلى ربه وأقبل عليه وتاب إليه توبة نصوحاً، فإنه قد يكون بعد التوبة خيراً منه قبلها، كما ذكر الله سبحانه وتعالى عن آدم عليه الصلاة والسلام أنه بعد أن حصل ما حصل منه من أكل الشجرة، قال الله تعالى: (ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى) طه:122، نسأل الله أن يوفقنا لما يرضيه وأن يهدينا وجميع المسلمين صراطه المستقيم إنه سميع قريب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه(1).
النهي عن تخصيص الجمعة بصيام
ما العلة في النهي عن تخصيص الجمعة بصيام؟ وهل يعم صيام القضاء؟
– ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “لا تخصوا يوم الجمعة بصيام ولا ليلتها بقيام”(2)، والحكمة في النهي عن تخصيص يوم الجمعة بالصيام أن يوم الجمعة عيد للأسبوع فهو أحد الأعياد الشرعية الثلاثة؛ لأن الإسلام فيه أعياد ثلاثة هي عيد الفطر من رمضان وعيد الأضحى، وعيد الأسبوع وهو يوم الجمعة، فمن أجل هذا نهى عن إفراده بالصوم، ولأن يوم الجمعة يوم ينبغي فيه للرجال التقدم إلى صلاة الجمعة، والاشتغال بالدعاء، والذكر فهو شبيه بيوم عرفة الذي لا يشرع للحاج أن يصومه؛ لأنه مشتغل بالدعاء والذكر، ومن المعلوم أنه عند تزاحم العبادات التي يمكن تأجيل بعضها يقدم ما لا يمكن تأجيله على ما يمكن تأجيله، فإذا قال قائل: إن هذا التعليل بكونه عيداً للأسبوع يقتضي أن يكون صومه محرماً كيوم العيدين لا إفراده فقط، قلنا: إنه يختلف عن يوم العيدين؛ لأنه يتكرر في كل شهر أربع مرات، فلهذا لم يكن النهي فيه على التحريم، ثم إن هناك أيضاً معاني أخرى في العيدين لا توجد في يوم الجمعة، وأما إذا صام يوماً قبله أو يوماً بعده فإن الصيام حينئذ يُعلم بأنه ليس الغرض منه تخصيص يوم الجمعة بالصوم؛ لأنه صام يوماً قبله وهو الخميس، أو يوماً بعده وهو يوم السبت، أما قول السائل: هل هذا خاص بالنفل أم يعم القضاء؟ فإن ظاهر الأدلة العموم، وأنه يكره تخصيصه بصوم سواء كان لفريضة، أو نافلة، اللهم إلا أن يكون الإنسان صاحب عمل لا يفرغ من العمل ولا يتسنى أن يقضي صومه إلا في يوم الجمعة فحينئذ لا يكره له أن يفرده بالصوم؛ لأنه محتاج إلى ذلك(3).
استعمال الصائم لمعطر الفم
يوجد في الصيدليات معطر خاص بالفم، وهو عبارة عن بخاخ، فهل يجوز استعماله خلال نهار رمضان لإزالة الرائحة من الفم؟
– الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: يكفي عن استعمال البخاخ للفم في حالة الصيام استعمال السواك الذي حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا استعمل البخاخ ولم يصل شيء إلى حلقه فلا بأس به، مع أن رائحة فم الصائم الناتجة عن الصيام ينبغي ألا تكره؛ لأنها أثر طاعة ومحبوبة لله عز وجل، وفي الحديث: “خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك”(4)، والله أعلم(5).
___________________________________
(1) مجموعة فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ عبد العزيز بن باز 15/ 178 – 179).
(2) أخرجه البخاري: كتاب الصوم – باب بركة السحور في غير إيجاب (1922) ومسلم: كتاب الصوم – باب النهي عن الوصال (1102).
(3) فتاوى أركان الإسلام – الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
(4) أخرجه البخاري (7492)، ومسلم (1151) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(5) الإجابة للدكتور صالح بن فوزان الفوزان – عضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء وعضو هيئة كبار العلماء.