محكمة الاحتلال رفضت التماساً قدمه سكان 12 قرية في منطقة “مَسافر يطّا” ضد تهجيرهم
الاحتلال يحاول طرد الفلسطينيين من “مَسافر يطّا” منذ 40 عامًا بعد تصنيف 7400 فدان من أراضيهم الزراعية على أنها “منطقة إطلاق نار”
ترقب فلسطيني وتحرك على المستوى الدولي لمنع ترحيل السكان في “مَسافر يطا”
يعيش 17 فرداً من أسرة الفلسطيني محمد نجاجرة، وأسرتي والده وشقيقه، في مساكن بدائية وكهوف بأرض خاصة، ورثوها عن أجدادهم في قرية “المركز” إلى الشرق من بلدة يطّا، جنوبي الخليل (جنوب).
واليوم، بات أفراد الأسر الثلاث، ونحو 1200 فلسطيني، يعيشون في 12 قرية، تقع في منطقة مَسافر يطّا، عرضة للتهجير بعد رفض محكمة الاحتلال العليا، الأربعاء الماضي، التماساً ضد ترحيلهم.
وندّد نجاجرة، بحسب “الأناضول”، بقرار المحكمة، وقال: إنه يهدف إلى ترحيل السكان قسراً من أرض ورثوها أباً عن جد.
وأضاف أنه وعائلته يعيشون حالة ترقب وخوف خشية إقدام السلطات “الإسرائيلية” على مداهمة التجمع وتنفيذ عملية التهجير.
وأكد: لن نعترف بقرار المحكمة، نحن هنا ولن نرحل من أراضينا الخاصة، لا يوجد لنا بديل.
والأربعاء الماضي، أصدرت محكمة الاحتلال قرارها برفض التماس ضد ترحيل السكان في قضية منظورة أمامها منذ نحو عقدين، ولم يتحدد موعد تنفيذ القرار.
وقالت المحكمة في حكمها: إن السكان الفلسطينيين لم يكونوا مقيمين بشكل دائم في المنطقة عندما بدأ الجيش “الإسرائيلي” إعلانها منطقة تدريب على إطلاق النار في الثمانينيات، من القرن الماضي.
لكنّ السكان وجماعات حقوقية، ومنها مؤسسات “إسرائيلية”، ينفون ذلك، ويقولون: إن العائلات الفلسطينية كانت تقيم بشكل دائم منذ ما قبل احتلال الضفة الغربية عام 1967.
ومنذ عام 2000، تقدم جيش الاحتلال بقضية لإجلاء السكان من 12 تجمعاً، بدعوى أنها مناطق “تدريب وإطلاق نار”، مدعياً أن المنطقة كانت غير مأهولة قبل 1980، وهو ما ينفيه الفلسطينيون.
هدم وترحيل
وقال نضال يونس، رئيس مجلس محلي “مَسافر يطّا”: إن القضية تعود إلى عام 2000، وتتعلق بالاعتراض على قرار ترحيل سكان 12 قرية فلسطينية وتحويل أراضيها إلى “مناطق إطلاق نار”.
وأضاف أن الالتماس تقدم به عدد من سكان تلك التجمعات، ومنظمات حقوقية ضد تهجير السكان، وكانت أولى جلسات للمحكمة في 29 مارس 2000، وآخرها في 15 مارس الماضي، وصدر قرارها الأربعاء الماضي، برفض الالتماس.
وأكثر ما يخشاه المسؤول الفلسطيني أن تشرع سلطات الاحتلال في تنفيذ أوامر هدم، صدرت خلال فترة التقاضي، بحق منازل ومنشآت أخرى، بينها مدارس وعيادة صحية، تم تجميدها بسبب وجود الالتماس.
وأوضح المسؤول المحلي أنه لا فرص الآن أمام السكان في المحاكم “الإسرائيلية”، والأنظار تتجه إلى التحرك السياسي والمحكمة الجنائية الدولية.
وبين يونس أن قرار المحكمة يعني ترحيل سكان 12 قرية.
وبحسب مؤسسات حقوقية، يسكن المنطقة المهددة نحو 1200 نسمة.
استباحة الأراضي الخاصة
وأشار يونس إلى أن ترحيل السكان يعني أيضاً تهديد مصدر رزق الذين يعملون في الزراعة والرعي على مساحة 35 ألف دونم ذات ملكية خاصة، ويمتلكون عشرات الآلاف من رؤوس الأغنام.
وتابع أن وضع اليد على تلك المساحات يعني استباحتها من قبل الجيش “الإسرائيلي”، وتدميرها وتسليمها لاحقاً للمستوطنين.
ولفت إلى وجود 4 مدارس في التجمعات المهددة، بها نحو 200 طالب وطالبة.
وأعرب يونس عن أمله في تدخل المؤسسات الدولية لمنع عملية التهجير.
تحرك “الخارجية” الفلسطينية
بدورها، قالت وزارة الخارجية الفلسطينية: إنها تتحرك على كافة المستويات لنقل صورة ما يجري جنوبي الخليل، داعية المحكمة الجنائية الدولية إلى سرعة التحقيق في “جرائم الاحتلال”.
وقال مستشار وزير الخارجية، أحمد الديك لوكالة “الأناضول”: إن القرار “الإسرائيلي” يثبت أن ما تسمى بمنظومة القضاء والمحاكم في دولة الاحتلال هي جزء لا يتجزأ من منظومة الاحتلال نفسه.
وأضاف أن تلك المحاكم بُنيت وصممت لخدمة مصالح “إسرائيل” الاستعمارية التوسعية على حساب الأرض الفلسطينية.
وشدد على مواصلة فلسطين العمل مع المحكمة الجنائية الدولية، ومجلس حقوق الإنسان وجميع المنظمات الدولية المختصة لوضع حد لتغوّل الاحتلال.
وأعرب عن استغرابه من صمت المحكمة الجنائية الدولية التي أخذت قراراً بوجود شبهات بارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية في فلسطين المحتلة، لكنها لم تقدم على خطوة عملية واحدة لبدء تحقيقاتها في تلك الجرائم.
وطالب الديك المدعي العام للمحكمة بالبدء فوراً بهذه التحقيقات وصولاً إلى مساءلة ومحاسبة مجرمي الحرب “الإسرائيليين”.
وأشار إلى أن الخارجية أوعزت للبعثات الدبلوماسية وسفراء فلسطين للتحرك الفوري لدى وزراء خارجية الدول المضيفة، والمسؤولين الأمميين لفضح هذا الانتهاك، وتوضيح المخاطر الحقيقية التوسعية العنصرية التي تتهدد مَسافر يطّا.
تمهيد للترحيل
وقال المجلس النرويجي للاجئين (مؤسسة دولية حقوقية غير حكومية تنشط بالضفة الغربية)، الخميس الماضي: إن قرار المحكمة العليا “الإسرائيلية” يُمهّد الطريق للتهجير القسري لمئات الفلسطينيين.
وأضاف: يحاول الجيش “الإسرائيلي” طرد الفلسطينيين من مَسافر يطّا منذ 40 عامًا على الأقل، بعد تصنيف 7400 فدان من الأراضي الزراعية الفلسطينية الواقعة بملكية خاصة، على أنها “منطقة إطلاق نار”.
واستناداً إلى مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فقد هدمت السلطات “الإسرائيلية” أو صادرت 217 مبنى فلسطينيًا في “منطقة إطلاق النار” منذ عام 2011، ما أدى إلى تهجير 608 فلسطينيين.
وتُطلق السلطات “الإسرائيلية” على المنطقة اسم “منطقة إطلاق النار 918” وصدر قرار مصادرتها أوائل الثمانينيات.
وقال المجلس النرويجي للاجئين: حددت “إسرائيل” قرابة 30% من المنطقة “ج” في الضفة الغربية المحتلة على أنها “مناطق إطلاق نار”، ويوجد ما لا يقل عن 38 تجمعاً فلسطينياً داخل هذه المناطق.
وتشكل المنطقة “ج”، حسب اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية و”إسرائيل” عام 1993، نحو 60% من مساحة الضفة الغربية، وتقع حالياً تحت المسؤولية “الإسرائيلية” الأمنية والمدنية الكاملة.