حذرت منظمات ولجان حقوقية وشعبية وفصائل فلسطينية من انفجار اجتماعي داخل مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين قرب مدينة طرابلس شمال لبنان.
وأشارت المرجعيات الفلسطينية خلال اجتماعات لها، إلى أن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في مخيم نهر البارد تزداد مأساوية بسبب الانهيار المعيشي العام والتأخير بإعادة إعمار المخيم الذي دمر بالكامل عام 2007، دون أن تتمكن وكالة “الأونروا” بمساعدة المجتمع الدولي من إعادة إعمار المخيم، والإسراع بعودة اللاجئين إلى منازلهم.
فقد حذّرت لجان حق العودة “حق” من انفجار اجتماعي داخل مخيّم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين قرب مدينة طرابلس، شمال لبنان، بعد مرور 15 عاماً على المعركة التي خاضها الجيش اللبناني ضد عناصر تنظيم “فتح الإسلام” وأسفرت عن تدمير المخيّم.
جاء ذلك خلال وقفة نفذتها اللجان، شارك فيها ممثلون عن الفصائل واللجان الشعبية الفلسطينية وحشد من الأهالي، نددت بعدم استكمال إعمار المخيّم، وتجاهل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” لمطالب الأهالي واحتياجاتهم في ظل تفاقم الوضع الاقتصادي في لبنان.
وفي كلمة له، دعا عضو قيادة اتحاد لجان “حق” العودة في لبنان خليل خضر، إلى استكمال إعمار المخيم وإنهاء معاناة أبنائه والتعويض على العائلات في الجزء الجديد من المخيم وزيادة العائلات في برنامج الأمان الاجتماعي.
وقال خضر: “اليوم وبعد مرور 15 عاما على مأساة مخيم نهر البارد لا يزال أهالي المخيم يناشدون الدول المانحة والأمم المتحدة والأونروا لتحمل مسؤولياتهم وبذل المزيد من الجهود من أجل إنهاء معاناتهم ومنحهم حقوقهم”، داعيا وكالة “الأونروا” إلى اعتماد خطة طوارئ صحية وإغاثية شاملة ومستدامة تستجيب لاحتياجات اللاجئين.
وجدد خضر رفض مواقف المفوض العام الداعية لتوفير الخدمات عبر مؤسسات دولية نيابة عن الوكالة، ودعا إلى توسيع دائرة التحركات الضاغطة على إدارة “الأونروا” من أجل توفير موازنة ثابتة من الأمم المتحدة واعتماد خطة طوارئ اقتصادية شاملة ومستدامة.
كما حذّرت اللجان الشعبية والفصائل والحركات الفلسطينية ومنظمات المجتمع المدني، في مخيّم نهر البارد، وكالة “الأونروا” من انفجار اجتماعي لأبناء المخيّم، في حال عدم الاستجابة السريعة، لدعوات التسريع لإنجاز إعادة الإعمار والتعويضات، وقضايا أخرى.
وأكدت في اجتماع موسع لها، على جملة مطالب، بعد مرور 14 عاماً على تدمير المخيّم، وتجاوز مدّة إعادة الإعمار التي حددت في مؤتمر فيينا بثلاث سنوات، أهمها: إنهاء المأساة المستمرة والإسراع بتأمين الأموال اللازمة لاستكمال إعادة الإعمار، ووضع الأطراف المسؤولة عند استحقاقاتها في مقدمتها وكالة “أونروا” ولجنة الحوار اللبناني الفلسطيني.
ودعت إلى تسريع عملية إعادة الإعمار، وتحديد جدول زمني بذلك، وبمواعيد محددة لإنهاء استكمال الإعمار للمخيم، وزيادة قيمة بدل الإيجار للمهجرين، وتسريع صرفها للعائلات التي ما زالت تسكن بالإيجار بسبب عدم إنجاز إعمار بيوتها.
وشددت على ضرورة تقديم إغاثة عينية غذائية وصحيّة وتربوية مستدامة لأهالي المخيم، وفتح ملف شبكة الأمان الاجتماعي (الشؤون) بما يسهم في تخفيف المعاناة عن اللاجئين.
يقع مخيم نهر البارد على مسافة 16 كيلومترا شمال مدينة طرابلس شمال لبنان. وقد تم تأسيس المخيم في الأصل من قبل عصبة جمعيات الصليب الأحمر في عام 1949 لإيواء اللاجئين الفلسطينيين من منطقة بحيرة الحولة شمال فلسطين. وبدأت “الأونروا” بتقديم خدماتها للاجئين في عام 1950.
وأدى موقع نهر البارد القريب من الحدود السورية مع لبنان الشمالي، إلى تحويل المخيم إلى مركز اقتصادي في منطقة عكار اللبنانية.
في منتصف عام 2007، ونتيجة للمعارك التي اندلعت بين الجيش اللبناني وبين مجموعة “فتح الإسلام” الإرهابية المتطرفة، التي اتخذت المخيم مقراً لها، تمّ تشريد ما يقارب 27,000 لاجئ فلسطيني من مخيم نهر البارد بعد تعرضه للقصف بالمدفعية الثقيلة والقنابل الجوية خلال حصار امتد ثلاثة أشهر. وقدّر أنّ ما يقارب 95% من كافة المباني والبنية التحتية قد دمّرت تماماً أو تضررت بشكل يتعذر إصلاحه، ممّا أجبر السكان على النزوح إلى مخيم البداوي المجاور.
ولا تزال حوالي 5900 عائلة بعيدة عن بيوتها وتعتمد بشكل كامل على مساعدات “الأونروا”، لتأمين تكاليف الإيواء والمساعدة الغذائية والرعاية الصحية الأولوية والدعم التربوي. وتقدم “الأونروا” هذه المساعدات الملحّة حتى إنهاء إعادة إعمار المخيم وعودة النازحين إلى بيوتهم.
كما أخذت “الأونروا” على عاتقها عملية إعادة إعمار المخيم بالتعاون مع الحكومة اللبنانية والدعم المالي من قبل المجتمع الدولي والدول المانحة. يصل آخر تقدير لكلفة بناء مخيم نهر البارد إلى ما يقارب 345 مليون دولار أمريكي. حتى اليوم لم يتمّ تأمين إلا 44% من المبلغ، مما يجعل النقص حوالي 183 مليون دولار.
في نيسان/ أبريل 2011، احتفلت الوكالة بإنجاز في إعادة الإعمار إذ بدأت العائلات الأولى تعود إلى بيوتها التي أعيد إعمارها في المخيم. في تشرين الأول/ أكتوبر 2011، تسلمت أكثر من 300 عائلة مفاتيح بيوتها الجديدة وتمكّن بعض أصحاب المحال من العودة أيضاً.
وتمّ أيضاً إنجاز بناء المدارس الثلاث الأولى في مجمّع الأونروا في المخيم. وقد سمح ذلك بنقل 2400 طالب من المرحلة الابتدائية إلى الثانوية في مدارس مؤقتة مكتظة.