يبدو أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تستثمر كل رصيدها السياسي في إحياء الاتفاق النووي مع حكام إيران، فيما يدفع النظام الإيراني برنامجه النووي إلى الأمام، ويكثف تخصيبه لليورانيوم ويعمل على إضافة نصب ألف جهاز طرد مركزي، ويحصل على معرفة لا يمكن الرجوع عنها في مجال التطوير النووي.
وقال مجيد رفيع زاده، رئيس المجلس الدولي الأمريكي للشرق الأوسط، في تقرير نشره معهد جيتستون الأمريكي، إنه يبدو واضحاً أن المؤسسة الدينية في إيران تعمل على كسب الوقت لدفع برنامجها النووي إلى الأمام، ووصلت الآن إلى النقطة التي تعتبر فيها قريبة من العتبة النووية.
ويُعتقد أن إيران على بعد أسابيع فقط من الحصول على المواد الضرورية لتصنيع سلاح نووي.
وأضاف رفيع زاده، عضو مجلس إدارة مجلة هارفارد إنترناشيونال ريفيو بجامعة هارفارد، أن الأمر الذي ينطوى على تناقض شديد، هو أن النظام الإيراني يحرز تقدماً في برنامجه النووي بسرعة عالية، بينما يشارك في مفاوضات هدفها الأساسي من الناحية الظاهرية، كبح البرنامج النووي الإيراني.
وتأتي الأزمة في وقت اعترف فيه زعماء إيران بأن البرنامج النووي لبلادهم يهدف من البداية لتصنيع أسلحة نووية، وليس للأغراض السلمية مثلما يزعم المرشد الأعلى على خامنئي.
وفي 29 نوفمبر (تشرين الأول) الماضي، كان الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية فريدون عباسي أول مسؤول إيراني يعترف بأن عمله كان جزءاً من نظام نووي لتطوير أسلحة نووية.
ورغم كل كُشف، يبدو أن كل ما تفعله إدارة بايدن هو استرضاء حكام إيران للتوصل إلى اتفاق.
وأبلغت إدارة بايدن الزعماء الإيرانيين، في بادىء الأمر، بأن الولايات المتحدة غير مستعدة فقط لرفع العقوبات على البرنامج النووي، بل تبحث أيضاً رفع كل العقوبات غير المرتبطة بالبرنامج النووي.
وجاء ذلك في أعقاب أول تنازل للحوثيين في اليمن، الميليشيا التي تعمل بالوكالة لحساب إيران.
وحتى في الوقت الذي كشفت فيه الأدلة، بما في ذلك تقرير للأمم المتحدة، أن النظام الإيراني ينقل أسلحة متقدمة إلى الحوثيين في اليمن، علقت إدارة بايدن بعض العقوبات لمكافحة الإرهاب على الحوثيين، والتي كانت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب قد فرضتها عليهم.
وبعد ذلك بوقت قصير، في 12 فبراير(شباط) 2021، ألغت إدارة بايدن تصنيف الحوثيين مجموعة إرهابية. وبعد ذلك ببضعة أسابيع، في يونيو (حزيران) 2021، رفعت إدارة بايدن العقوبات عن ثلاثة مسؤولين إيرانيين سابقين، والعديد من شركات الطاقة.
ويقول رفيع زاده إنه في ضربة للشعب الإيراني ومؤيدي الديمقراطية وحقوق الإنسان، وبعد مرور أيام من اختيار النظام إبراهيم رئيسي الذي يوصف بقاتل جماعي رئيسه المقبل، أعلنت إدارة بايدن أنها تدرس أيضاً رفع العقوبات على المرشد الأعلى الإيراني على خامنئي.
وخلال جلسة استماع بالغة الأهمية في مجلس الشيوخ في 25 من الشهر الجاري، دافع روبرت مالي، المبعوث الخاص للرئيس بايدن المكلف بإيران، عن جهود الإدارة لإحياء الاتفاق النووي مع حكام إيران.
ورغم تقرير يفيد بأن إدارة بايدن لن تحذف الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية، أشار مالي بوضوح إلى أن حذف الحرس الثوري من القائمة على طاولة المحادثات.
ولكن مالي رفض كشف ما تطالب به الإدارة الأمريكية من النظام الإيراني لحذف الحرس من القائمة.
وأشار مالي أيضاً إلى أن إدارة بايدن ستقدم مسودة نهائية للاتفاق النووي للكونغرس الأمريكي لمراجعتها.
ويرى رفيع زاده أنه يجب التذكير بأن إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، التي كان يشغل فيها بايدن منصب نائب الرئيس، قالت أيضاً إن الكونغرس سيحصل على فرصة لمراجعة الاتفاق النووي.
ولكن أوباما مضي قدماً وتوصل إلى اتفاق مع إيران دون موافقة مجلس الشيوخ، وأمكن التوصل إلى الاتفاق النووي، عبر أمر تنفيذي وليس عبر مجلس الشيوخ.
وفي وقت لاحق كُشف أن الإدارة الأمريكية أبرمت عدة اتفاقيات سرية مع حكام إيران، تضمنت إحداها السماح للنظام الإيراني بالحصول على دولارات أمريكية في تجاوز للعقوبات.
ووافقت إدارة أوباما سراً أيضاً على شطب عقوبات على العديد من البنوك الإيرانية، بما فيها بنك سباه، وسباه انترناشونال.
وأوضح رفيع زاده أنه في الوقت الذي يتفاوض فيه حكام إيران للتوصل إلى اتفاق نووي ، فإنهم يواصلون دفع برنامجهم النووي للأمام، والاقتراب أكثر من الحصول على قنبلة نووية والصواريخ التي توصلها إلى هدفها، وشن هجوم، والاستيلاء على ما يبدو على أراضي الدول المجاورة، عندما يكون ذلك ممكناً.
واختتم رفيع زاده تقريره بالقول إن القيادة الضعيفة لإدارة بايدن تساعد نظام إيران على زيادة زعزعة استقرار المنطقة، وتزيد، حتى مع وجود اتفاق، صعوبة محاسبة إيران على الفوضى المحتملة التي تخطط لها الآن.