حينما قامت الحروب الصليبية باحتلال فلسطين والمسجد الأقصى في القرن السادس من الهجرة، قام نور الدين زنكي بالسعي لتحرير فلسطين، واتخذ من المنبر الذي قام ببنائه أيقونة لهذا النصر حتى يتذكر دائماً المهمة التي عاش من أجلها، واستكمل المشوار صلاح الدين الأيوبي لتتحقق بذلك الرؤية التي قام عليها نور الدين زنكي ليتم تحرير فلسطين، ونقل المنبر صلاح الدين الأيوبي إلى القدس والمسجد الأقصى؛ فكان للمنبر رمزية النصر وعودة فلسطين والمسجد الأقصى لهذه الأمة المباركة.
ليس من باب المصادفة أن يقوم الشيخ أحمد القطان بإطلاق «منبر الدفاع عن المسجد الأقصى» كأيقونة جديدة لنصر مأمول ووعد من الله سبحانه وتعالى لتحرير هذه الأرض المباركة؛ فكان الشيخ القطان، رحمه الله، يعبر بهذه الرمزية عن هدف الأمة لتحرير أرضهم من الاحتلال الصهيوني، ودور المنبر اليوم لم يعد فقط في شكله المادي، وإنما أصبح وسيلة لشحذ الهمم والاستمرار في رفع القضية ذات الأولوية لدى الأمة الإسلامية حتى تتوحد نحو هدفها الأسمى وهو تحرير المسجد الأقصى المبارك.
بدأ الشيخ القطان باعتلاء هذا المنبر في أواخر السبعينيات يقوم بدور التوعية والدفاع والذود عن حريات هذه الأمة، وكان للشيخ القطان العديد من الخطب والمحاضرات التي جعلت من فلسطين اتجاهاً دائماً لكل المسلمين؛ فأصبح لخطبه الدور الكبير الذي وصل آفاقه إلى العالم كله، بل أصبحت أشرطته تتناقلها كل الأيادي حتى يسمع من يريد إيصاله.
ساهم الشيخ القطان في توعية الشباب، وقام بدور كبير في التوجه نحو الشباب، فكانت خطبه ومحاضراته وسفره إلى الشباب أينما كانوا سواء طلبة خارج الكويت أو مع الشباب في مساجدهم ومنتدياتهم، فقد كان لصيقاً بهم لدرجة أنه لا تكاد تسمع عن مكان يمكن أن يقدم فيه علمه إلا وكان، رحمه الله، حريصاً للوصول إليهم والحديث معهم بحبه لهم؛ فكان دائماً يقول: «إني أحبكم في الله»، وكأنها رمزية لهذا الإنسان الذي يرجو الخير للجميع، ويريد أن يكون تحت مظلة هذا الإسلام الواسع.
الشيخ القطان أثبت أن الحياة في سبيل الله لها ثمن وليس فقط الموت في سبيل الله؛ فأن تعيش لقضية وتموت عليها يحتاج إلى همة عالية وثبات على الحق والدين, فليس من السهولة أن تتجاوز هذه الفتن الدنيوية وأنت صاحب كلمة مسموعة وتأثير عال.
وقفية القطان
وكان للشيخ، رحمه الله، باع في العمل الخيري والإنساني؛ حيث عمل مستشاراً في العديد من اللجان الخيرية التي تخدم المسلمين في العديد من القارات، مثل دول أفريقيا والفلبين وباكستان، من خلال الإشراف على إقامة المشاريع التنموية كالمدارس ودور الأيتام وغيرها.
وتميز الشيخ القطان، رحمه الله، بحبه للخير، وهذا الحب الذي ترجم من خلال ترؤسه لأهم عنصر من عناصر العمل الخيري وهو العمل الوقفي، فكان يرأس العديد من المشاريع الوقفية التابعة لجمعية الإصلاح الاجتماعي، وكان متفاعلاً بشكل كبير حول تنمية العمل الوقفي وإدراكه لأهمية الوقف في دعم المشاريع الخيرية واستمرار الخير في مساعدة الناس، وتقديم هذا الخير للناس بطريقة متميزة، فالشيخ له بعد إستراتيجي في اهتمامه بالوقف الخيري.
وتفاعلاً مع ما يحمله الشيخ القطان من معان سامية وقيم عالية وأهداف نبيلة؛ اتخذ مجلس إدارة جمعية الإصلاح الاجتماعي أن يكون لما مات من أجله الشيخ القطان حياة مستمرة بإطلاق وقفية خاصة للشيخ أحمد القطان لعموم الخير والدفاع عن المسجد الأقصى لترسيخ هذه القيم والمعاني الجميلة التي يحملها، رحمه الله، لتستمر هذه المسيرة ولا تنقطع بوفاته، واليوم نقوم بتجهيز وقفية كبيرة للشيخ بحوالي مليوني دينار كويتي، سيصرف من ريعها على القيم التي حملها الشيخ القطان في قلبه نحو الشباب والدعوة إلى الله تعالى والمسجد الأقصى المبارك.