نشرت مجلة إيكونوميست (The Economist) البريطانية مقالاً يصف الرئيس السوري بشار الأسد بأنه أكثر الحكام الذين نهبوا أوطانهم تماماً، مشيراً إلى أنه فرّغ الدولة المدمرة من كل ما تملك، كما أصبح كزعيم مافيا مستمرة في تدمير سورية.
ويضيف المقال، الذي كتبته ميرزا شهناز، أن الأسد يبدو نموذجاً للتواضع بين الحكام العرب، إذ إنه لا يرتدي أي مجوهرات ولا خاتم زواج ولا حتى ساعة متلألئة، وأكثر ملابسه شهرة هي ملابس السباحة وربطة العنق السوداء، ومع ذلك فهو يدير مافيا لنهب بلاده والاتجار بكل شيء.
وضع مزرٍ
وأوردت الكاتبة جوانب من الوضع الراهن المزري لسورية: كهرباء منقطعة في العادة، وانخفاض عدد سكان المناطق الواقعة تحت إدارة النظام إلى النصف مقارنة بعام 2011 ويعيش 90% منهم في فقر، ويعتمد الكثير منهم على الدعم والتحويلات الخارجية، ويلقي المسؤولون باللوم على العقوبات الغربية ووباء “كوفيد-19” وانهيار البنوك المجاورة في لبنان، وقبل وقت ليس ببعيد الصراع في أوكرانيا.
لكن الكاتبة تقول بعد ذلك: إن السبب الرئيس هو قيام الأسد بتفكيك أمته، وتنقل عن أحد المقربين منه، الذي انشق منذ وقت ليس ببعيد، قوله: إنه يحكم مثل زعيم المافيا.
وذكرت أن الأسد هز المؤسسة المالية بعد استدعائه كبار رجال الأعمال إلى فندق شيراتون دمشق، واحتجز بعضاً ممن رفضوا تسليم ممتلكاتهم أو حصصهم، وأخضعهم لاستجواب إضافي في الفرع (251)، وهو واحد من مراكز الاحتجاز التابعة له في دمشق والمشهورة بالتعذيب؛ فقد تم وضع رامي مخلوف، ابن خال الأسد والوسيط الأعلى للنظام تحت الإقامة الجبرية، وفر العديد من أغنى الرجال في سورية، وتم الاستيلاء على مئات الشركات أو إغلاقها.
وحل محل أولئك، وفقاً للكاتبة، مجموعة متواطئة من كبار رجال الأعمال وكثير من أمراء الحرب الذين يغسلون عائدات التهريب، وبدلاً من ضخ الأموال في المشاريع الصناعية التي قد يستولي عليها النظام فإنهم يحبون أماكن تناول الطعام الفاخرة، وفق تعبير شهناز.
يبيع كل شيء
وقالت شهناز: إن الأسد يكسب ثروة من مبيعات الوقود والطاقة الكهربائية، فهو يبيع الوقود لوسطاء في لبنان يدفعون بالدولار، وسيوفر لـ”حزب الله” اللبناني وقوداً كمكافأة لدعمه نظامه، كما أنه يبيع جوازات السفر لمختلف السوريين العازمين على المغادرة أو يحصل بواسطة المافيا التي يتزعمها على مقابل مالي لإزالة الأسماء من القوائم السوداء عند نقاط التفتيش.
أما الدخل الأكثر ربحاً للأسد، وفقاً للكاتبة، فهو الأدوية والمخدرات، ووفقاً لمعهد نيولاينز (New Lines) للإستراتيجية والسياسة في واشنطن، ينتج 15 مصنعاً داخل إقطاعيته: الكبتاغون، الأمفيتامين، الكريستال ميث وغير ذلك، ويجعلها قريبة من الحدود مع لبنان والأردن.
النقابة
وتحدثت الكاتبة عن عملية قالت: إن السوريين يصفونها بالعملاقة ويسمونها “النقابة” يُستخدم فيها البدو لتهريب الكبسولات في بطون الأغنام وعربات الخضار.
وأضافت أنه يتم تصدير الأدوية غير المشروعة هذه الأيام في سيارات مصفحة تحميها طائرات مسيرة وأسلحة ثقيلة.
وقالت شهناز: إن الأسد ينفي مزاعم التورط، لكن رفاقه يقولون: إن “النقابة” تعمل انطلاقاً من التقسيم “النقدي” للرئاسة، ويشرف عليها مساعد يوصف بأنه “بابلو إسكوبار السوري” (نسبة لأحد أباطرة المخدرات الكولومبيين)، ويُزعم أن هذا الشخص الغامض ينسق النقل على السفن قبالة ساحل البحر الأبيض المتوسط مستفيداً من شركة السلامة الخاصة التي تتبع له لمرافقة القوافل، وبالإضافة إلى ذلك فإنه يستدعي رجال الأعمال نيابة عن الأسد ويدعوهم إلى التبرع لصندوق شهداء سورية، وهو مصدر جيد آخر، وذُكر أن التجار يأتون إلى القصر الرئاسي بحقائب مليئة بالمال.
ويقول البعض: إن تجارة المخدرات الخاصة بالأسد تسمح له بشراء ولاء زملائه العلويين، الأقلية الطائفية التي طالما خدمت قاعدة نظامه وبدأت بالابتعاد عنه مؤخراً.
وتضيف شهناز أنه مع انشغال حليفه الروسي بسبب الصراع في أوكرانيا، فإن الأسد أصبح أقل ثقة بشأن سلامته الشخصية، ففي 10 يونيو الجاري أصابت صواريخ “إسرائيلية” مطار دمشق الرئيس، وتقول تقارير في الصحافة العبرية: إن قصور الأسد قد تكون أهدافاً لاحقة.