بعد أن منَّ الله تعالى عليهم بالوقوف على صعيد عرفات، وقد أدُّوا الركن الأعظم من أركان الحج، ثم باتوا ليلتهم في “مزدلفة” تحفهم عناية الله تعالى ورعايته، وهم يعيشون الأجواء الإيمانية، توافد حجاج بيت الله الحرام إلى مشعر مِنى مع بزوغ فجر اليوم السبت العاشر من ذي الحجة، مهلِّلين مكبِّرين، تملأ قلوبهم الفرحة والسرور.
يصل الحجاج إلى مشعر مِنى ويشرعوا في رمي جمرة العقبة اتباعًا لسُنَّة المصطفى عليه الصلاة والسلام.
ويأتي رمي الجمار تذكيرًا بعداوة الشيطان الذي اعترض نبي الله إبراهيم عليه السلام في هذه الأماكن، فيعرفون بذلك عداوته ويحذرون منه.
وبعد أن يفرغ الحجاج من رمي جمرة العقبة يشرع لهم في هذا اليوم أعمال النحر؛ حيث يبدأون بنحر هديهم، ثم بحلق رؤوسهم، ثم الطواف بالبيت العتيق والسعي بين الصفا والمروة.
بعد ذلك يستمر الحجاج في إكمال مناسكهم فيبقون أيام التشريق في مِنى يذكرون الله كثيرًا ويشكرونه أن منَّ عليهم بالحج، ويكملون رمي الجمرات الثلاث يبدأون بالصغرى ثم الوسطى فالكبرى كل منها بسبع حصيات.
الذبح والحلق أو التقصير
يذبح الحاجُّ هديَه، وهو واجب على القارن والمتمتع، والآن يدفع الناس ثمن الهدي لبعض الجهات الخيرية، والتي تقوم بالذبح وتوزيعه على الفقراء، بما عُرف عند الناس بـ(الصكوك).
ثم يأتي حلق الشعر الذي يكون بالموس، أو تقصيره الذي يكون بالمقص وغيره، والمقصود أخذ بعض شعر الرأس، والحلق أفضل من التقصير؛ لأنَّ النبيّ صلى اللَّه عليه وآله وسلم دعا للمحلِّقين ثلاث مرات وللمقصِّرين مرة، والمرأة تقص من شعرها قدر أنملة الإصبع.
طواف الإفاضة
ويُسَمَّى أيضًا طواف الزيارة، أو طواف الركن، ويشترط له الطهارة؛ لأنَّه بمنزلة الصلاة إلَّا أنَّ الله أباح الكلام فيه، كما ورد في الأثر، ويكون بالطواف حول الكعبة سبع أشواط، يبدأ الشوط من الحجر الأسود وينتهي عنده، ويجعل الكعبة عن يساره، أي: كما يقال: يكون الطواف ضد عقارب الساعة، ولا نهاية لوقت الطواف عند بعض الفقهاء كالشافعية والحنابلة، لكن لا بد من الإتيان به، ولا يكفي الفداء عن أدائه إجماعًا؛ لأنه ركن، والركن لا يُجْزِئُ عنه البدل.