كانت أول جملة قالها الرئيس الأمريكي جو بايدن بعد هبوطه في مطار بن غوريون هي تشديده على أنه “صهيوني”، حيث قال: “لا تحتاج أن تكون يهودياً حتى تكون صهيونياً”.
هذه ليست أول مرة يقولها بايدن، إذ سبق له أن أكد، في 10 نوفمبر 2014، وهو نائب الرئيس الأمريكي، أنه صهيوني بالرغم من أنه ليس يهودياً، لكنها الأولى له وهو رئيس أمريكي.
فأثناء عمله كنائب للرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، وصف بايدن نفسه بأنه “صهيوني”، قائلاً: “والدي أشار إلى أنه لا يشترط بي أن أكون يهودياً لأصبح صهيونياً، وهذا أنا (صهيوني)”.
وحين بدأ بايدن زيارته للمنطقة التي تهدف لتشكيل حلف عربي بمشاركة الاحتلال بالقول: “إنه لا يشترط أن تكون يهودياً لتكون صهيونياً”، كان يقول بشكل أو بآخر: إن هذا الحلف هو حلف صهيوني بأهدافه ومكوناته، وانتهى عصر مقاطعة الكيان الصهيوني.
كانت رسالة بايدن السلبية والعدائية الثانية للفلسطينيين والعرب هي رسالة سياسية، حيث اختار فندق “وولدورف أستوريا” كمقر لإقامته أثناء زيارته للقدس المحتلة، رغم أنه يعلم أن هذا المبنى كان مبنى المجلس الإسلامي الأعلى الواقع في حيّ مأمن الله في القدس.
وبُني هذا المبني عام 1929 ليكون منارة معمارية إسلامية في فضاء بيت المقدس، لكن سلطات الاحتلال حولته إلى فندق يحمل اسم “وولدورف أستوريا”.
ويرى مختصون ومهتمون في الشأن الفلسطيني أن اختيار هذا المبنى الذي يمثل رمزاً دينياً وسياسياً وتاريخياً للفلسطينيين مقراً لإقامة الرئيس الأمريكي يمثل رسالة سياسية سلبية للفلسطينيين، وتأكيداً للانحياز الأمريكي لدولة الاحتلال وسياساتها العنصرية.
يقولون: إن الرئيس الأمريكي باع الأوهام للفلسطينيين، وأعطى الدعم للكيان الصهيوني، فهو قال عام 1973: لو لم تكُن “إسرائيل” لكان علينا خلقها، وعاد عام 2022 ليقول: “لست بحاجة لأن تكون يهودياً كي تكون صهيونياً”.
وقال حاييم سابان، رجل أعمال “إسرائيلي”-أمريكي، ومؤسس مركز “سابان” لسياسة الشرق الأوسط في معهد بروكينغز: “يحرص جو بايدن على أمن “إسرائيل” منذ العام 1973، حين التقى كسناتور شاب غولدا مئير، وإسحق رابين، قبل وقت قصير من حرب يوم الغفران، ودفع باتجاه المساعدة الأمنية الأمريكيّة”.
ونقل سابان عن بايدن قوله خلال زيارته الأولى للكيان: لو لم تكن “إسرائيل” موجودة، لكان على الولايات المتحدة الأمريكية أن تخلق “إسرائيل” كي تحمي مصالحها.
وفي عام 2001، قال الإرهابي أرئيل شارون، رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق: نحن الشعب اليهودي نُسيطر على أمريكا، والأمريكيون يعرفون ذلك.. اليهود بأمريكا يتحكّمون بوسائل الإعلام الأمريكيّة وبأعضاء الكونجرس.
ولفت شارون أيضًا إلى أن اليهود بأمريكا يتحكمون بشكل رائع بوسائل الإعلام الأمريكيّة، حتى إنهم يتحكمون بأعضاء الكونجرس، إذ إنهم لا يسمحون له باتخاذ أي قرار ضد “إسرائيل”.
واختتم قائلاً: إنّ سفارة “تل أبيب” في واشنطن هي التي تُملي عمليًا أجندتها على الكونجرس، من خلال اليهود الأثرياء جدًا في أمريكا!
أكبر داعم للاحتلال
ويحرص بايدن على أمن الكيان الصهيوني منذ عام 1973، ودفع باتجاه المساعدة الأمنية الأمريكية، ولم يلتزم بأمن الكيان فحسب بل يظهر حبه وعشقه له وللصهاينة.
خلال ولايته كنائب للرئيس في عام 2016 صمّم مذكرة التفاهم للمساعدة الأمنية الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة للكيان الصهيوني بقيمة 38 مليار دولار على مدى 10 سنوات.
وقال دوف زاخيم في مقال “ذا هيل”: إن علاقة بايدن بـ”إسرائيل” قصة الحب المتبادلة.
وأضاف: إن عشق بايدن لـ”إسرائيل” ظل كما هو منذ زيارته الأولى وهو في سنته الأولى بمجلس الشيوخ الأمريكي، إلى درجة أنه أصبح يتفاخر بأنه صهيوني كما تفاخر مراراً بخدماته للمصالح “الإسرائيلية” أثناء رئاسته.
وقال زاخيم: إن “الإسرائيليين” يشعرون بحظ كبير لأن لديهم صديقاً مخلصاً في البيت الأبيض.
الفارق بين الصهيونية واليهودية
لكن حديث بايدن عن الصهيونية أعاد الحديث في الإعلام العربي والعالمي حول الفارق بين الصهيونية واليهودية، وشدد مؤرخون وكتَّاب على أن بني صهيون ليسوا “بني إسرائيل” الذين ورد اسمهم في القرآن.
وأكدوا أن اليهودية دين، والصهيونية فكر سياسي عنصري واحتلالي، وما بين “بني إسرائيل” المذكورين في القرآن المجيد، و”بني صهيون” القرن التاسع عشر والقرن العشرين والقرن الراهن، الذين هم من لُمامة العالم بون شاسع.
وقالوا: حتى لو حاولت الصهيونية التلاعب بالدين اليهودي الذي تم التغيير فيه والتحريف باعتراف القرآن واعتماد التلمود بعد ذلك، من أجل ترسيخ الأساطير التي أسستها لقيام الكيان الصهيوني، فهؤلاء ليسوا بيهود إلا بالاسم.
وليسوا بدينيين لأنهم يعرفون «تحريف التوراة» التي غيروها إلى التلمود والكابالاة وبكتب السحر وعبادة الشيطان.
وأشاروا لظهور “المتصهينين العرب” أيضاً وهم ليسوا يهوداً ولكنهم يفعلون ذلك للإسراع في التطبيع، والضحك على الشعوب العربية لتقبل بذلك التطبيع.
واستقبل الفلسطينيون بتشاؤم متزايد أول زيارة للرئيس جو بايدن بعد ما يصفونه بسلسلة من وعود واشنطن الكاذبة في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة جاهدة لتعزيز العلاقات الدفاعية بين الكيان الصهيوني والدول العربية.
وقالوا: إن طلبات إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس، التي أغلقها الرئيس السابق دونالد ترمب، أو إلغاء تصنيف منظمة التحرير الفلسطينية على أنها منظمة إرهابية، لم تلق أي استجابة.
أيضاً استبعد بايدن فكرة إقامة دولة فلسطينية بدعوى أن الظروف ليست مهيأة حالياً، رغم أن الأمم المتحدة أصدرت بياناً تحذر فيه من أن حل الدولتين يكاد ينقرض وينتهي بسبب الاستيطان الصهيوني.