نشر موقع “بلومبيرغ” مقال رأي للمعلق بوبي غوش قال فيه إن زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى طهران تعكس تراجع تأثير موسكو في الشرق الأوسط. وقال “لم يكن من الصعب التكهن بأن الإعلان عن زيارة فلاديمير بوتين إلى طهران جاء عندما كان جوي بايدن في طريقه إلى القدس وجدة. فربما كان الرئيس الروسي يتشوق لوقت كان فيه ساكن البيت الأبيض والكرملين يعاملان بنفس المكانة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفي الحقيقة، عليه الآن الأمل بوضعية الدولة العظمى”.
ولا يمكنه الاستمرار بوهم أن زياراته هي على قدر أهمية زيارات بايدن، من خلال لقائه مع المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية والرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وإذا كان هناك شيء، فقد أدت الحرب في أوكرانيا لتراجع وضعية بلاده في المنطقة، بدلا من تقديمها حلولا جيوسياسية واقتصادية وأمنية للمشاكل التي خلفتها الولايات المتحدة من خلال فكها الارتباط بالمنطقة. و”أصبحت روسيا الآن مصدر أزمات جديدة”. فنقص الحبوب وتضخم الطعام في الدول العربية الأفقر هي نتاج مباشر لنزعة بوتين المحاربة، كما أن دعمه المستمر لإيران رغم مواصلتها برامجها النووية هو مصدر إحباط في إسرائيل ودول الخليج.
ولا تشعر إيران نفسها بالشكر لروسيا في هذا الوقت، لأنها باتت تنافسها في حصة النفط التي تشتريها الصين. يضاف إلى هذا الأداء الفقير للقوات الروسية في الحرب الأوكرانية والذي لم يفت انتباه الدول التي تشتري أسلحتها من روسيا وبخاصة الهند والصين ودول الصحراء في أفريقيا، وبخاصة بعدما تراجعت موسكو لوضع باتت تشتري فيه أسلحتها من إيران.
وإن كان محرجا للرئيس بايدن أن يضرب قبضته بقبضة الأمير السعودي الذي تعهد يوما أن يجعله منبوذا فمن المحرج أكثر لبوتين أن يطلب أسلحة من دولة منبوذة على مستوى العالم. وعلى خلاف بايدن، يستطيع بوتين الاعتماد على إعلام يتم التحكم به لكي يوفر عليه المواقف الحرجة. وهذه رحمة صغيرة لرجل يقارن نفسه بإيفان العظيم، القيصر الروسي الذي كبد الإمبراطورية الصفوية في إيران خسائر عظيمة في القرن الثامن عشر.
وإذا كان هدف رحلة بايدن للمنطقة متعلقا بطموح واحد وهو دفع دول الخليج، والسعودية تحديدا لزيادة معدلات إنتاج النفط فإن هدف بوتين من زيارته لطهران يظل أقل، فهو يأمل بالحفاظ على توازن القوة في سوريا التي تدعم فيها القوات الروسية والإيرانية والتركية الأطراف المتصارعة. في ظل المتطلبات التي تواجه جيشه في أوكرانيا، فبوتين ليس بحاجة إلى مشاكل تقلب الميزان في سوريا وتتطلب منه إرسال مزيد من القوات إلى هناك.
ويهدد أردوغان بشن عملية عسكرية في شمال سوريا ضد المقاتلين الأكراد. وترفض إيران خامنئي التوسع التركي في سوريا، ولكنهما سيجدان صعوبة في الحديث بعقلانية مع أردوغان الذي يواجه انتخابات ويحتاج بشكل ماس لانتصارات تخفف من المشاكل الاقتصادية المتزايدة. وحصل بايدن على صفقة مع أردوغان لرفع الفيتو عن انضمام كل من السويد وفنلندا للناتو، لكنه يهدد الآن بتجميد العضوية حالة لم يلتزم البلدان بتعهدات مكافحة الإرهاب. وربما فكر بوتين أنه يشترك مع بايدن في مشكلة واحدة وهي أردوغان، لكن المقارنة تنتهي هنا.