تلقى محللون وإعلاميون وهيئات سياسية ونقابية وشبابية ودعوية باستغراب كبير “مساواة الجلاد بالضحية” في بيان وزارة الخارجية المغربية، حول العدوان الصهيوني الجديد على قطاع غزة، الذي ارتقى على إثره العشرات من الشهداء من بينهم أطفال.
ووصف بيان الخارجية المغربية ما جرى في قطاع غزة بـ”أعمال العنف والاقتتال”، مشيراً إلى تتبع المملكة المغربية بقلق بالغ ما تشهده الأوضاع من تدهور كبير، وما خلفته عودة هذه الأعمال من ضحايا وخسائر في الأرواح والممتلكات.
وذكّر البيان برئاسة المغرب للجنة القدس، داعياً إلى تجنب مزيد من التصعيد واستعادة التهدئة لمنع خروج الأوضاع عن السيطرة وتجنيب المنطقة مزيداً من الاحتقان والتوتر الذي يقوض ما وصفته بـ”فرص السلام”.
وأكد موقف المملكة المغربية الثابت والداعم لحقوق الشعب الفلسطيني، مشيرة إلى أن الحل المستدام للصراع بين الجانبين، الفلسطيني و”الإسرائيلي”، يكمن في إقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنباً إلى جنب مع ما سمته دولة “إسرائيل” في أمن وسلام.
بلكبير: نتيجة حتمية لمسار التطبيع الذي دشنه المغرب وسار فيه بمسارات غير مسبوقة
خيانة لأهل فلسطين
واعتبر محللون وإعلاميون بيان وزارة الخارجية الأضعف في تاريخ الدبلوماسية المغربية، الذي كتب بمداد التنكر للقضية الفلسطينية بمنحى تراجعي واضح، كما ضجت منصات التواصل الاجتماعي بعبارات التضامن والتأييد للشعب الفلسطيني وإدانة الكيان المحتل.
وقال المحلل السياسي عبدالصمد بلكبير لـ”المجتمع”: إن هذا البلاغ الضعيف شكلاً ومضموناً هو نتيجة حتمية لمسار التطبيع الذي دشنه المغرب، وسار فيه في مسارات غير مسبوقة.
فيما استغرب الإعلامي المغربي يونس مسكين وصف البيان للعدوان بـ”أعمال العنف والاقتتال”، وأضاف: الحمد لله على لطف الله، لحسن الحظ لم يوجهوا الإدانة للفلسطينيين ولا وصفوهم بالإرهاب!
وتساءل، في تدوينة له: ماذا سننتظر من سياق أصبحنا فيه بمثابة بلد إقامة قادة مسؤولي دولة الاحتلال، يكاد لا يغادر أحدهم قبل أن يحل آخر، أو كما قال صديق ظريف: يصافح أحدهم الآخر في المطار كما يصافح اللاعب المستبدل بديله عند خط الملعب!
وأكد أن التاريخ سيسجل أن المغرب عاش أسوأ وأحلك فتراته التاريخية في علاقته بفلسطين، في هذه اللحظة بالضبط، منذ عرف المغاربة القدس وعرفتهم، لكن الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.
فيما قال المحلل السياسي عبدالصمد بنعباد: إن موقف الحد الأدنى مما يجري في فلسطين، وفي كل النزاعات الدائرة في العالم، يقوم على عدم المساواة بين الضحية والجلاد، والمدافع عن الأرض والمستبيح لها، وبين الأطفال والطائرات.
وأكد أن بيان خارجية المغرب تجاوز سافر لمواقف رئيس لجنة القدس، وإهانة لشعب المغرب، وخيانة لأهل فلسطين، مضيفاً أنه لا يشرف الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس.
وأجمع عدد من الهيئات السياسية والنقابية والشبابية المغربية، بعد إدانتها الشديدة للعدوان الغاشم، على وصف بيان الخارجية المغربية بالهزيل الذي لا يمثل المغاربة ولا موقفهم من القضية الفلسطينية.
بنعباد: تجاوز سافر لمواقف رئيس لجنة القدس وإهانة لشعب المغرب وخيانة لأهل فلسطين
وفي هذا الصدد، عبرت “مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين” عن إدانتها الشديدة للعدوان المتواصل على غزة والجريمة الجديدة في حق الشعب الفلسطيني وفي حق الأمة العربية والإسلامية جمعاء، مؤكدة الحق المشروع للمقاومة الفلسطينية التي أثبتت أنها موحدة في وجه العدو الصهيوني، في الرد على العدو.
وأضافت أنها تدين الصمت الدولي والتواطؤ الغربي أمام المجازر الصهيونية وخاصة موقف الإدارة الأمريكية الراعية لأعتى استعمار عنصري إرهابي عرفه التاريخ.
كما استنكرت “حركة التوحيد والإصلاح” التواطؤ الغربي والصمت الأممي والعربي الذي يوفر الغطاء السياسي والإعلامي للكيان الصهيوني للقيام بجرائمه في حق الشعب الفلسطيني.
وطالبت الأنظمة العربية والهيئات الإسلامية والعربية والأممية بالتعبير الصريح عن إدانتها لجرائم الصهاينة وعن التزامها بحماية الشعب الفلسطيني، معلنة في الوقت نفسه دعمها المبدئي والمتواصل للمقاومة الفلسطينية بمختلف فصائلها ولكفاح الشعب الفلسطيني.
من جهته، عبر أمين عام حزب “التقدم والاشتراكية” نبيل بنعبد الله، عن إدانته للعدوان “الإسرائيلي” على غزة، حيث وصف الغارات “الإسرائيلية” بالعدوان الغاشم على فلسطين.
وأضاف أن “إسرائيل” بذلك تواصل نفس سياسة الغطرسة والجبروت والتصعيد العسكري المتواصل دون اكتراث بالمنتظم الدولي والقانون الدولي، ولا بضياع القتلى والجرحى في صفوف الشعب الفلسطيني الأعزل.
مساواة بين المحتل والضحية
بدوره، عبر حزب العدالة والتنمية ببيانات متتالية آخرها بيان صادر عن لجنة العلاقات الدولية، عما أسماه أسفه العميق للغة التراجعية لبلاغ وزارة الخارجية الذي جاء متأخراً، وخلا على غير العادة، من أي إشارة إلى إدانة واستنكار العدوان الصهيوني ومن الإعراب عن التضامن مع الشعب الفلسطيني والترحم على شهدائه، بل وخلا أيضاً من أي إدانة لاقتحام الصهاينة لباحات المسجد الأقصى المبارك.
واستغرب الحزب مساواة بيان “الخارجية” المغربية بين المحتل والمعتدي “الإسرائيلي” والضحية الفلسطيني، وهو يصف ما تتعرض له غزة بـ”الاقتتال والعنف”، والحقيقة أن الأمر يتعلق بالقتل والتقتيل الذي يمارسه الاحتلال الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني، الذي بلغت حصيلته 44 شهيداً فلسطينياً، بالإضافة إلى مئات المصابين.
واعتبر الحزب أن بيان وزارة الخارجية والتعاون هو هروب من إدانة المعتدي، وهو موقف غريب لا يشرف بلدنا، في الوقت الذي عبرت فيه مجموعة من الدول العربية والإسلامية الشقيقة عن مواقف واضحة في تحميل المسؤولية للاحتلال وإدانة عدوانه الإجرامي.
وشدد البيان على أن الهدف العام من تأسيس لجنة القدس، التي تشكلت بقرار من منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد بفاس عام 1975، كان هو حماية القدس من المخططات والمؤامرات الصهيونية لتهويد القدس، ولا يمكن لبلدنا الذي يرأس لجنة القدس في شخص جلالة الملك إلا أن يكون سباقاً للدفاع عن القدس الشريف وعن الأقصى المبارك.
“العدالة والتنمية”: جاء متأخراً وخلا على غير العادة من أي إشارة إلى إدانة واستنكار العدوان الصهيوني
وأكد الحزب أن التطبيع، الذي ما فتئ الحزب يعبر عن رفضه له، لا يمكن أن يبرر السكوت عن إدانة العدوان الصهيوني الإجرامي وعدم الوقوف بجانب الشعب الفلسطيني في محنته المستمرة، حيث يتزايد عدد شهدائه وجرحاه جراء هذا الهجوم الغاشم.
وطالب “العدالة والتنمية” الدولة المغربية باستنكار وإدانة الحرب الغاشمة وقطع علاقتها مع الكيان الصهيوني المجرم وإغلاق مكتب اتصاله بالرباط وطرد ممثله وإلغاء كافة الاتفاقات والمعاهدات التي وقعت معه، كما جدد رفضه المطلق وشجبه لكافة أشكال التطبيع التي دخلت فيها الدولة المغربية.
ودعت الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع إلى المشاركة المكثفة في وقفة احتجاجية، اليوم الإثنين الساعة السابعة مساء، أمام البرلمان المغربي بالعاصمة الرباط.