انتقد الأمين العام للمجلس الإسلامي البريطاني زارا محمد تجاهل المرشحين لقيادة حزب المحافظين الحاكم، ومنصب رئيس الحكومة، إيجاد سبل للتصدي لجرائم الكراهية الممارسة ضد المسلمين “الإسلاموفوبيا”.
وطالب محمد المرشحين بأخذ هذه القضية على محمل الجد، مشيراً إلى صمت رئيس الوزراء البريطاني المنتهية ولايته بوريس جونسون عنها طوال فترة حكمه.
وقال: إنه كان على جونسون الاعتذار في خطاب استقالته إلى الجالية المسلمة، لافتاً إلى أنه لم يتخذ أي خطوات ملموسة لمعالجة هذه القضية.
وكشف محمد أن المجلس الإسلامي في بريطانيا رصد أكثر من 300 حالة معاداة للمسلمين ارتكبها أفراد من حزب المحافظين نفسه منذ عام 2019.
“إسلاموفوبيا” المحافظين
وجاءت تصريحات الأمين العام للمجلس الإسلامي في أعقاب اتهام عضو البرلمان عن حزب المحافظين النائبة نصرت غني بأن الحزب معادٍ للإسلام بشكل مؤسسي، وأثيرت قضية معاداة الحزب للمسلمين عندما طردت غني من منصب وزيرة النقل، بحسب وكالة “الأناضول”.
وفي السياق، قال الكاتب السياسي بيتر أوبورن: كتبت كثيرًا عن مشكلة “الإسلاموفوبيا” والتعصب ضد المسلمين في حزب المحافظين، أخشى أن يكون جونسون نفسه في المقدمة، وكان مذنباً بإطلاقه عدداً من الملاحظات السيئة (ضد المسلمين).
الحكومة البريطانية لم تتخذ أي خطوات ملموسة للتصدي لجرائم الكراهية الممارسة ضد المسلمين
وأشار إلى أنه تم التسامح مع “الإسلاموفوبيا” لفترة طويلة داخل حزب المحافظين.
وأضاف: ثقافة معاداة المسلمين واضحة لدى نواب حزب المحافظين بمستشاريه وأعضائه العاديين الذين غالباً ما يؤمنون بنظريات المؤامرة حول المسلمين، وهو أمر غريب جداً عن المجتمع الغربي المتقدم الذي يدعي التسامح.
وفي كتابه “مصير إبراهيم: لماذا الغرب مخطئ في الإسلام؟”، يشرح أوبورن كيف ساهم مركز الفكر البريطاني المحافظ في تفكيك تقاليد التسامح والتعددية الثقافية في المملكة المتحدة مع وضع المسلمين كأهداف رئيسة له.
وأوضح أوبورن أنه يصف في كتابه الطرق المختلفة التي يتم من خلالها تكوين صورة للإسلام وللمسلمين في الغرب، لافتاً إلى أن ذلك يتم من خلال الإعلام والسياسة والمراكز الفكرية.
تخاذل حكومي
وفي السياق، قال محمد أمين، الرئيس السابق لـ”منتدى المحافظين المسلمين”: إن الحكومة لا تفعل ما يكفي للتصدي لـ”الإسلاموفوبيا”، مشدداً على أن حزب المحافظين يعطي الأولوية فقط لإعادة انتخابه.
ويصوت المسلمون في المملكة المتحدة بأغلبية ساحقة لحزب العمال، إلا أنه في عهد رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ديفيد كاميرون، حقق حزب المحافظين تقدمًا كبيرًا بكسب الناخبين المسلمين.
وانخفضت معدلات تصويت المسلمين لحزب المحافظين في الانتخابات العامة بشكل كبير منذ عام 2015.
وتأسس منتدى المحافظين المسلمين داخل حزب المحافظين البريطاني عام 2005 بهدف تطوير العلاقات مع المجتمعات المسلمة في البلاد لدعم الحزب.
دعوات للتحقيق
لعدة سنوات، كانت هناك دعوات عديدة بما فيها من منتدى المسلمين المحافظين لإجراء تحقيق مستقل في مظاهر “الإسلاموفوبيا” والتعصب ضد المسلمين في حزب المحافظين.
وفي البداية، ظل الحزب يرفض إجراء تحقيق، لكن في انتخابات زعامة الحزب لعام 2019، نجح المرشح السابق النائب ساجد جافيد في إقناع المرشحين الآخرين بالوعد بإجراء تحقيق مستقل في “الإسلاموفوبيا”.
أكثر من 300 حالة معاداة للمسلمين ارتكبها أفراد من حزب المحافظين منذ عام 2019
بيد أنه فيما بعد بدأ رئيس الوزراء البريطاني المنتهية ولايته بوريس جونسون في الابتعاد عن هذه الدعوات.
وأضاف الرئيس السابق لـ”منتدى المحافظين المسلمين”: فشل حزب المحافظين في التعامل مع التعصب ضد المسلمين وسط أعضائه.
خليفة جونسون
ويعلق المتحدث باسم الحكومة البريطانية قاري عاصم على تلك الاتهامات قائلاً: نحن لا نتسامح مطلقاً مع الكراهية ضد المسلمين، وسنواصل التصدي لممارسات التمييز والتعصب.
وكانت الحكومة البريطانية عينت عاصماً كمستشار مستقل للتعريف بـ”الإسلاموفوبيا”، في يوليو 2019، لكن تمت إقالته في نهاية المطاف.
وقال عاصم، في تصريحات صحفية: لا أستطيع الإجابة عن سبب قرار الحكومة إقصائي من المكتب، لكن أعتقد أن الحكومة لم ترغب في معالجة قضية تعريف “الإسلاموفوبيا”.
ويظل الترقب باقياً حول ما إذا كان رئيس الوزراء البريطاني المقبل سيبذل جهدًا لمعالجة قضية “الإسلاموفوبيا” أكثر من جونسون الصامت.
وكان جونسون فاز بأكبر أغلبية لحزب المحافظين منذ عقود في انتخابات عام 2019، لكن رئاسته للوزراء تزعزعت على خلفية فضائح متعددة أشهرها انتهاكه لقواعد مكافحة كورونا التي عرفت باسم “بارتي غيت” واستضافته حفلاً في مقر الحكومة بلندن، في ظل غضب واسع من سياساته واتهامه بالكذب.
ويتوقع إعلان اسم رئيس الوزراء الجديد في 5 سبتمبر المقبل، بعد أن يدلي أعضاء حزب المحافظين بأصواتهم عبر البريد.