الأوضاع في تونس تتدهور بشكل متسارع ومريع، وهناك مقربون من الحكومة ومن الرئيس قيس سعيد يتحدثون عن مجاعة قادمة في تونس ونقص في كل شيء؛ فحتى الحليب سنستورده لأن الفلاح التونسي لم يعد قادراً على تربية المواشي في ظل ارتفاع أسعار العلف بل فقده، وعلف الأرانب سيتسبب في انقراض هذا النشاط خلال شهرين حسب إفادة من مختص، والتضخم يرتفع إلى نحو 8%، وهناك نحو 150 ألف تونسي فقدوا عملهم خلال عام واحد، ولا ضوء في آخر النفق.
ومن المنتظر تسجيل صعوبات في تزويد السوق بعدد من المنتجات خلال الفترة القادمة على غرار الألبان ومشتقاتها والدواجن واللحوم الحمراء والخضر والغلال، وفق توقعات كشف عنها المعهد الوطني للاستهلاك في ندوة صحفية عقدها بمقره أول سبتمبر.
وتأتي هذه التوقعات في ظل تراجع الإنتاج لعدد من المواد على غرار البطاطا والبصل والطماطم والفلفل والغلال.
وقد حمّلت المعارضة سلطة الانقلاب المسؤولية عن التدهور الحاصل والارتفاع المريع للأسعار؛ فمن جانبها حمّلت حركة النهضة، في بلاغ لها الخميس 1 سبتمبر، السلطة الحالية في تونس مسؤولية فشل التصدي لالتهاب الأسعار واتساع قائمة المواد المفقودة من السوق منذ أشهر طويلة، والعجز عن اتخاذ إجراءات استباقية للحد من أزمات الحليب والبطاطا ومواد أساسية كثيرة كالسكر والزيت والقهوة وغيرها، وفق ما جاء في بلاغها.
وأدانت الحركة إصرار السلطة على توجيه التهم ونسبتها للمجهول، في إشارة للمعارضين والمخالفين رغم علم الجميع بأن الدواوين المعنية بتوفير هذه المواد تفتقد للاعتمادات المالية الضرورية لاقتنائها.
وحذرت حركة النهضة في بلاغها، الذي نشرته بعد اجتماع مكتبها التنفيذي، من خطورة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمالية وتداعياتها في خلق ضغوطات متزايدة على المواطنات والمواطنين في شتى المستويات المعيشية.
وأكدت، في هذا السياق، مواصلة نضالاتها إلى جانب كل القوى الحية من أجل إنهاء الأزمة السياسية والتصدي لحكم الفرد والعودة للديمقراطية كشروط أساسية للاستقرار ولنهوض الاقتصاد المنهار، وتوفير مناخ استثمار جذاب ومساعد على التطور في شتى المجالات وتجنيب البلاد مخاطر الهزات والانفجارات الاجتماعية
هل سيتم تعويم الدينار التونسي؟
وفي ظل الأوضاع العامة غير المسبوقة من حيث البؤس والعجز، بلغ عجز الميزانيّة 470.8 مليون دينار خلال السّدس الأوّل من عام 2022، كما كشفت معطيات وزارة الماليّة، أيضاً، انخفاض موارد الخزينة بنسبة 23% لتبلغ مستوى 5.4 مليارات دينار (الدولار أكثر من 3 دنانير تونسية)، مشيرة إلى أنّ هذه الموارد تمّ تخصيصها فقط لسداد أصل الدّين.
وبخصوص قائم الدّين العمومي، أفاد المصدر ذاته أنّه تجاوز 106.7 مليارات دينار (ما يعادل 77.7% من النّاتج الدّاخلي الخام، خلال السّدس الأوّل من عام 2022، مقابل 99.2 مليار دينار خلال الفترة ذاتها من سنة 2021 (79.4% من النّاتج الدّاخلي الخام).
وارتفع الدّين الدّاخلي إلى ما قيمته 40.6 مليار دينار، في حين بلغت قيمة الدّين الخارجي 66 مليار دينار.
ويتساءل ناشطون وخبراء عمّا إذا كانت الحكومة ستلجأ لتعويم الدينار وفق الشروط المعتادة لصندوق النقد الدولي كجزء من الإصلاحات التي يطلبها من الدول التي تلجأ إليه في أزماتها الاقتصادية بتعويم العملة المحلية، والتعويم يكون إما تعويماً كاملاً أو تعويماً مداراً؟
فالتعويم الكامل هو ألا يتدخل البنك المركزي مطلقاً في تحديد سعر الصرف، وبالتالي يبقى سعر الصرف خاضعاً لقواعد السوق، أما التعويم المدار فهو أن يتدخل البنك المركزي بصفة دورية كصانع لسوق الصرف، وبالتالي يحدد البنك المركزي أسعار بيع وشراء العملة المحلية عن طريق التحكم في كمية المعروض من العملات الأجنبية أو العملة المحلية عن طريق شراء وبيع العملة المحلية والعملات الأجنبية.
ويعتبر سعر صرف الدينار حالياً خارجاً عن كل موازين الصرف العادل والسعر الحقيقي للدينار، وبالتالي يتوقع الخبراء أن تلجأ الحكومة في إطار استجابتها لشروط صندوق النقد الدولي إلى التعويم التدريجي للدينار، ولا يستبعدون أن يصل سعر صرف الدولار الواحد إلى ما لا يقل عن 10 دنانير.
التحذير من المجاعة
التحذير من المجاعة لم يأت من المعارضة التي يمكن أن تُتهم بالمبالغة؛ بل من الشخصية التي اختارها الرئيس سعيّد للانقلاب على رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحر؛ حيث حذّر رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري نور الدين بن عياد، من سيناريو مخيف متعلق بالأمن الغذائي وهو بلوغ البلاد المجاعة.
وقال بن عياد، يوم الإثنين الماضي، لإذاعة “الديوان إف إم”: إن البلاد لا تملك الاكتفاء الذاتي من حيث إنتاج القمح اللين والصلب، فضلاً عن تسجيل نقص يقدر بـ20% من إنتاج الحليب بسبب تدهور منظومة الإنتاج، مشيراً إلى أن الدولة قد تلجأ إلى توريد الحليب أواخر العام الجاري.
وأضاف بن عياد أن سلطة الإشراف تعتمد سياسة اعتباطية في إدارة قطاع الفلاحة والصيد البحري.
عسكرة الدولة
بدوره قال الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان: إن الدولة خائفة من الاعتراف بالعجز، مشيراً إلى أن بلادنا تشتغل بلا ميزانية.
واعتبر سعيدان، في تصريح لإذاعة “جوهرة إف إم”، أن الميزانية لا تشبه الواقع التونسي بتاتاً، مشيراً إلى أن نسبة النمو الحقيقية المسجلة خلال الستة أشهر سلبية، عكس ما تم التصريح به من أنها في حدود 3.1%.
وتساءل الخبير الاقتصادي عن المعالم الكبرى لميزانية السنة القادمة، التي من المفترض أن يتم الانطلاق في العمل بها بداية يوليو الماضي، مضيفاً أن 2023 سيكون عاماً ثقيلاً جداً من حيث تسديد الدين الخارجي والتحديات كبيرة، وفق تعبيره.
ولمزيد من توريط المؤسسة العسكرية في تونس في الانقلاب، وتحاشياً لثورة جياع كما تصفها النقابات المهنية، دعا حراك 25 يوليو إلى وضع الإدارات الحيوية تحت إشراف المؤسسة العسكرية.