حمّل المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف الساسة الأوروبيين مسؤولية توقف خط “نورد ستريم-1” (Nord Stream-1) المزود الرئيس للغاز الطبيعي في القارة العجوز، بينما يزور رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال الجزائر وقطر هذا الأسبوع لبحث أزمة الطاقة في أوروبا.
وأضاف بيسكوف، أمس الأحد، أن أوروبا ارتكبت أخطاء كثيرة يجب أن تدفع ثمنها، على حد وصفه، وإن قادة أوروبا وحدهم من يتحملون مسؤولية وقف خط “نورد ستريم-1” عن العمل الجمعة الماضية.
وكانت شركة الغاز الروسية العملاقة “غازبروم” (Gazprom) أرجعت توقف إمدادات الغاز كليا، عبر الخط الذي يمر عبر بحر البلطيق إلى ألمانيا، إلى اكتشاف تسرب للزيت في أحد التوربينات.
وتتهم السلطات الروسية القادة الأوروبيين بأنهم مسؤولون عن الصعوبات في تسليم شحنات الغاز، مؤكدة أن العقوبات الغربية التي فرضت على موسكو إثر حربها على أوكرانيا حرمت خط أنابيب الغاز “نورد ستريم-1” من معدات تضمن عمله بشكل سليم.
في المقابل، يقول الأوروبيون: إن روسيا تستخدم هذه الذريعة لإخضاعهم للابتزاز في مجال الطاقة مع اقتراب الشتاء وتخشى عدة دول من مواجهة نقص في إمدادات الغاز.
وجاء وقف موسكو الإمدادات عبر خط “نورد ستريم-1” إلى أجل غير مسمى، بعد ساعات من إعلان وزراء مالية مجموعة الدول السبع (بريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والولايات المتحدة)، الجمعة الماضي، أنهم يخططون لتطبيق حد أقصى لسعر النفط الخام لروسيا ومنتجاتها البترولية.
وقال وزراء مالية مجموعة السبع: إن الخطوة تهدف إلى “تقليل قدرة روسيا على تمويل حربها العدوانية (على أوكرانيا) إلى جانب الحد من تأثير هذه الحرب على أسعار الطاقة العالمية”.
الجزائر وقطر
وفي سياق متصل، نقلت “وكالة الأنباء الألمانية” عن مصادر دبلوماسية أن رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال سيزور الجزائر اليوم لبحث آفاق التعاون خاصة في مجال الطاقة، وأوضحت هذه المصادر أن ميشال سيبحث مع الرئيس عبدالمجيد تبون ملفات، على رأسها إمكانية توريد المزيد من الغاز إلى أوروبا.
ونقلت وكالة “رويترز” عن مسؤول حكومي قطري أن رئيس المجلس الأوروبي سيزور البلاد هذا الأسبوع، لبحث قضايا إقليمية ودولية عدة، بينها أزمة الطاقة، والأزمة الروسية الأوكرانية.
وكان لويس ميغيل بوينو، المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قال، في مقابلة سابقة مع “الجزيرة”: إن دول الاتحاد تلقت الأشهر الماضية غازاً من دول أخرى بلغت كميته نحو 21 مليار متر مكعب.
المستشار الألماني
أمس، وصف المستشار الألماني أولاف شولتز روسيا بأنها ليست شريكاً موثوقاً به في مجال الطاقة، وشدد على أن بلاده استعدت لهذا الاحتمال وباتت في وضع يمكنها من مواجهة الأشهر المقبلة، وقالت وزارة الاقتصاد: إن مستوى تخزين الغاز في البلاد بلغ نحو 85% من الطاقة الاستيعابية.
لكن ديمتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، سارع بالرد على شولتز حين اتهم برلين بالعمل كعدو لبلاده وشنها حرباً “هجينة” عليها، فهي لم تكتف بفرض عقوبات على روسيا بل تزود أوكرانيا بأسلحة فتاكة موجهة ضد الجيش الروسي، على حد قوله.
ولمواجهة تداعيات توقف الغاز الروسي، سارعت دول الاتحاد الأوروبي لاتخاذ إجراءات طارئة لتلافي أي أزمة خلال الشتاء المقبل حيث يزيد الطلب على الغاز للتدفئة.
إذ أعلنت فنلندا والسويد أمس عن خطط لتقديم مليارات الدولارات لشركات الطاقة لتجنب خطر الإفلاس وقت الأزمة، وكشفت برلين عن خطة مساعدة بقيمة 65 مليار يورو لتخفيف الأعباء المالية للأُسر جراء تراجع إمدادات الغاز الروسي وارتفاع فواتير الطاقة.
وقد خرجت أول أمس مظاهرة حاشدة في العاصمة التشيكية براغ تحمّل الأوروبيين مسؤولية نقص إمدادات الطاقة وارتفاع الأسعار.
ومن جانبه، قال وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي برونو لومير: إن التحدي القريب الذي تركز عليه بلاده مع اقتراب الشتاء هو الحصول على مزيد من الغاز والنفط والكهرباء من دول أخرى غير روسيا.
اجتماع أوروبي
ذكرت “رويترز” أن وثيقة -اطلعت عليها- تفيد بأن من المقرر أن يناقش وزراء الطاقة بدول الاتحاد الأوروبي، الجمعة المقبل، خيارات كبح جماح أسعار الطاقة المرتفعة، بما في ذلك وضع حد أقصى لسعر الغاز وتمويلات طارئة للفاعلين بسوق الطاقة.
وقال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل: إن الأشهر الستة المقبلة ستكون حاسمة، مشيراً إلى أن الأوروبيين يعلمون أن شتاء صعباً ينتظرهم وهم بصدد إعادة النظر في اعتمادهم على مصادر الطاقة الروسية.
تجدر الإشارة إلى أن أزمة الطاقة في أوروبا تتزامن هذا العام مع موجة جفاف بالقارة العجوز، وارتفاع كبير في المعدلات العالمية للتضخم، مع استمرار تداعيات الحرب الأوكرانية الروسية على الاقتصاد العالمي.