يشتهر الساحل الليبي بأنه مقصد للمهاجرين غير الشرعيين من غير الليبيين، الراغبين في عبور البحر المتوسط إلى شواطئ أوروبا المقابلة له، غير أنه ضمن التغيرات المفاجئة التي تعصف بليبيا انضم الليبيون لرحلات الهجرة غير الشرعية من خلاله.
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بغضب كبير حول ما تداول عن إعادة قارب هجرة غير شرعية على متنه ليبيون، وحمَّل الغاضبون المليشيات والساسة المتصارعين على النفوذ مسؤولية وصول البلد النفطي لهذا الحد.
وانطلقت رحلة القارب من شاطئ بشرق ليبيا، أعاده حرس الحدود إلى الأراضي الليبية.
والفترة الأخيرة، زادت أعداد الليبيين المضبوطين خلال محاولتهم الفرار بقوارب هجرة غير شرعية.
1.5 مليون ليبي يريدون الهجرة
وأظهر استطلاع أجراه الباروميتر العربي، وهو مصدر رئيس للبحث الكمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن ربع الليبيين يفكّرون في الهجرة (نحو1.5 مليون من عدد السكان الذي يقترب من 7 ملايين).
والأكثر إقبالاً على الهجرة، بحسب الاستطلاع، هم الذكور الحاصلون على تعليم جيد، وتتراوح أعمارهم بين 18-29 سنة.
وعزا الاستطلاع انتشار هذه الظاهرة لتفاقم التأزم الأمني والاقتصادي في البلاد.
أسباب هجرة الليبيين
– ازداد معدل هجرة الليبيين بعد اضطرابات ثورة 2011 إلى دول الجوار وأوروبا، ولكن كان أكثرها بشكل قانوني باسم لاجئين ومستثمرين وغير ذلك.
– في الآونة الأخيرة، اتجه ليبيون للهجرة غير الشرعية نتيجة تعقيد إجراءات السفر لأوروبا منذ جائحة كورونا، والتوقف عن قبول طلبات اللجوء من الليبيين التي كانت وسيلة سهلة للحصول على تأشيرة أوروبية.
– تراجع الأمن بزيادة المليشيات وزيادة الجريمة وتصفية الحسابات بالسلاح خارج القانون.
– انحدار مستوى التعليم والصحة والخدمات العامة بعد عزوف العمالة الأجنبية عن التوجه إلى ليبيا.
– فقدان الشباب للأمل في المستقبل والترقي المهني مع توقف المشروعات الكبيرة.
– انهيار دخل المواطن إلى النصف مقارنة بما قبل عام 2011، كما ورد في تقرير للبنك الدولي بعنوان “ليبيا الآفاق الاقتصادية- سبتمبر 2022”.
– وفي عام 2011، كان دخل المواطن الليبي أكثر من 15 ألف دولار سنويًّا، وانحدر في عام 2022 إلى 6000 دولار.
الأعزاء يهربون من الجحيم
وبتعبير المحلل السياسي الليبي إبراهيم الفيتوري، فإن الأعزاء أصحاب التاريخ والثروات تكون نهايتهم في قارب تحت رحمة المليشيات؛ هرباً من جحيم الساسة.
وتنطلق قوارب الهجرة غير الشرعية في ليبيا تحت إشراف المليشيات والعصابات المسلحة في جنوب وغرب ليبيا، التي يتخذ بعضها من هذا النشاط مصدراً للتربح الوفير والسريع.
ويواصل الفيتوري أن أعداد الليبيين الذين يستقلون قوارب الموت أمر مفزع.
ومقارناً بين الحال اليوم وما كان قبل تحكم المليشيات في البلاد يتابع: في وقت من الأوقات كان الليبيون يدخلون أوروبا بأسهل الإجراءات، وشركات السياحة تتكالب عليهم للظفر بهم داخل بلدانهم للاستفادة من أموالهم، والآن ترفض دخولهم بطريقة شرعية، وتدفعهم للهجرة بقوارب الموت.
بدوره، يحمِّل المحلل الليبي السياسيين وقادة المليشيات مسؤولية كل ما يحدث للشباب الليبي من انحدار تعليمي ومعيشي يدفعهم لتعريض حياتهم للخطر.
وبحسب محمد داود، فإن الإحصائيات الرسمية تشير إلى أن تونس ومصر أكثر الجنسيات العربية التي يستقل مواطنوها قوارب الموت من ليبيا، وأصحاب الجنسيات من النيجر ونيجيريا وتشاد الأكثر من الدول الأفريقية.
ورغم الأوضاع التي تعيشها ليبيا منذ 12 سنة، لكن لم تُلاحظ زيادة أعداد المهاجرين من الجنسية الليبية مثل هذه الفترة، كما يقول داود.