إدراكاً لشرف وجلالة المعلم في بناء الأنفس، وإنشاء العقول، وإعداد الأجيال القادمة، تحتفل جمهورية الهند بيوم المعلم كل عام بتاريخ 5 سبتمبر 1962م بمناسبة عيد ميلاد د. سارفيبالي راداكريشنان، رئيس جمهورية الهند الثاني بعد الاستقلال، الذي كان يتمتع بشعبية واسعة بين أوساط طلابه خلال تدريسه في الجامعات الهندية المختلفة، وقدم مساهمة قيمة في ترقية النظام التعليمي في الهند.
وتحتفل المدارس والكليات والجامعات والمؤسسات التعليمية في الهند من خلال أنشطة عديدة بهذا اليوم بحماس بالغ، ويجرب الطلاب العديد من الطرق الإبداعية للاحتفال بهذا اليوم من خلال الاعتراف بخدمة المعلمين وتقدير جهودهم، وجعلهم يشعرون بالفخر لتفانيهم من أجل رفاهية وتعليم الطلاب.
ويقدم الطلاب في هذا اليوم نوعًا من الهدايا وكلمات الإشادة والذكرى كبادرة تقدير لكل العمل الشاق الذي يقوم به مدرسوهم طوال العام.
أول مدرسة لتعليم النساء بالهند
وبالإضافة إلى مساهمة د. راداكريشنان، يوجد العديد من المعلمين العظماء الذين ساهموا بشكل كبير في رفع مستوى نظام التعليم بالهند، بمن فيهم المؤلف الشهير رابندرا ناث طاغور، ومولانا أبو الكلام آزاد، أول وزير للمعارف في الهند المستقلة، وسوامي فيفيكاناندا، ود. إيه بي جيه عبدالكلام، وغيرهم كثيرون.
ولكن نحن هنا بصدد تسليط الضوء على دور بارز ومساهمة قيمة لفاطمة شيخ التي أدت دورًا أساسيًا في تأسيس أول مدرسة لتعليم النساء والبنات في بيتها، مع مساعدة كل من أخيها عثمان شيخ، وجيوتيراو، وسافيتريباي فولي، وهما ناشطان كبيران في مجال التعليم والإصلاح الاجتماعي (عام 1848م) في مدينة بونه بولاية ماهاراشترا، وذلك في وقت كان يعتبر التعليم للنساء والبنات والأطفال من الطبقات المتخلفة شيئاً محظوراً، وكان مخصصاً للطبقات العليا فقط.
كانت تقوم فاطمة، وفولي بتدريس النساء والبنات والأطفال من مجتمعات الداليت المهمشين والمسلمين الذين حرموا من تلقى التعليم في المدارس العامة المتواجدة على أساس ديانتهم وطبقتهم الاجتماعية والجنس في المدرسة المذكورة أعلاه، بالإضافة إلى إجراء نشاطات إصلاحية اجتماعية أيضاً.
تجاهل دورها في حركة تعليم المرأة بالهند
يتمتع جيوتيراو، وسافيتريباي فولي اللذان زودتهما فاطمة بكل ما لديها من أدوات ومؤهلات لإجراء الأنشطة التعليمية وإصلاح المجتمع الهندي المنقسم على الطبقات الاجتماعية بشعبية كبيرة، ويعتبران رائدين معروفين على نطاق واسع في حركات تعليم المرأة الهندية، ويتم تقدير وتبجيل جهودهما الدؤوبة في التاريخ السياسي والتعليمي الهندي، ولكن لا نعرف إلا قليلاً عن حياة فاطمة ودورها في توعية المجتمع بمجال التعليم.
وتحتل مساهمات فاطمة في تعليم المجتمع النسائي الهندي أهمية قصوى؛ فقد مر ما يقرب من قرنين من الزمان منذ أن قامت بتحدي الوضع القائم حينها لضمان حصول جميع النساء والبنات الأطفال من جميع شرائح المجتمع على التعليم رغم ديانتهم وجنسهم وطبقتهم الاجتماعية، ومن المهم اليوم حينما نحتفل بيوم المعلم أن نتذكر مساهمتها القيمة، ونعترف بجهودها البناءة في مجال العلم والتعليم، ونغرس أفكارها العالية عن التعليم والحرية والمساواة في حياتنا اليومية.
وصدق أمير الشعراء احمد شوقي حينما قال:
أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي يَبني وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا