يرى بن جودا -وهو صحفي بريطاني ومؤلف كتاب “هذه لندن”- أن الملك تشارلز الثالث، الذي كانت عائلته رمزا للاستعمار، سيفاجئ العالم بما أمضى من حياته لتحرير عقله من التحيزات الراسخة للإمبراطورية. وأضاف في مقاله بصحيفة واشنطن بوست (Washington Post) أن الملك الجديد معجب قوي بالإسلام ومنتقد للتدخل الغربي ومدافع عن التعددية الثقافية وأنه سيكسب بلاده أصدقاء جددا، وبعض الأعداء الشعبويين، في جميع أنحاء العالم.
وقال الكاتب -الذي ينحدر من عائلة يهودية عراقية- إن الملك الجديد سعى منذ عقود إلى تحرير نفسه مما يسميه “المادية الغربية”؛ فعندما كان أمير مقاطعة ويلز تفرغ لدراسة المنسوجات والحدائق والعمارة الإسلامية، ولم يتوقف عند هذا الحد، حيث درس اللغة العربية لفهم القرآن.
فقد حذر في خطاباته في وقت مبكر من عام 1993 من أن “درجة سوء الفهم بين العالمين الإسلامي والغربي لا تزال عالية بشكل كبير”، وكان من أشهر تصريحاته “أعتقد بصدق أن الروابط بين هذين العالمين مهمة اليوم أكثر من أي وقت مضى“.
الإسلام جزء من ماضينا وحاضرنا
وتابع الكاتب أن رفض الرواية الشعبية عن “صراع الحضارات” الذي يختمر بين العالم الإسلامي والغرب، جعل أمير ويلز آنذاك يعلن أن “الإسلام جزء من ماضينا وحاضرنا في جميع مجالات السعي البشري؛ فقد ساعد في إنشاء أوروبا الحديثة، وهو جزء من ميراثنا وليس شيئا منفصلا“.
ولفت إلى أنه مع تفشي التعصب وكراهية الإسلام (الإسلاموفوبيا) بعد أحداث الـ 11 من سبتمبر 2001، ضاعف تشارلز من موقفه بقوله عام 2006 في باكستان “سيعتمد بقاء هذا الكوكب على فهمكم أنه يمكن تحقيق الوحدة من خلال التنوع”، وتابع مقتبسا من القرآن قوله تعالى: {وما يذّكر إلا أولو الألباب}، {وما يعقلها إلا العالمون}.
وأشار إلى أن آراء تشارلز أبعدته عن التيار السائد، ليس فقط بمعارضته لحظر فرنسا للحجاب، ولكن أيضا بانتقاده للرسوم الكاريكاتيرية الدانماركية التي سخرت من النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وأضاف الكاتب أن “احتضان” تشارلز للإسلام جاء على خلفية تصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا في الغرب، وقد انتقد ضمنيا عام 2016 الرئيس الأميركي المنتخب حديثا دونالد ترمب وسياسته المتمثلة في حظر دخول الزوار من البلدان ذات الأغلبية المسلمة.
ووصف الكاتب ملك بريطانيا الجديد بأنه رجل أولويته هي التعددية الثقافية، وختم مقاله بأنه يمكنه -كما يفعل في المناسبات الدينية وفي دفاعه عن التنوع ومقته للإسلاموفوبيا- أن يكسب الأصدقاء، ويمكن أيضا أن يصنع أعداء في الولايات المتحدة إذا عاد ترمب إلى البيت الأبيض من خلال السياسة العنصرية البيضاء التي رفضها تشارلز.