التمييز عند التوظيف وفي سوق العمل يحدث عندما يتم التعامل مع الأشخاص ذوي المؤهلات والقدرات المماثلة بشكل مختلف بسبب هويتهم أو خلفياتهم الاجتماعية والدينية، وقامت السلطات المعنية في الهند ببذل جهود قليلة للتعامل مع هذه الظاهرة ولتحديد مدى التمييز وتأثيره على حياة المجتمعات المهمشة.
يستند التقرير إلى بيانات الحكومة الهندية بنفسها، حيث أجرت منظمة أوكسفام- الهند تحليلاً شاملاً للبيانات الحكومية خلال الفترة ما بين عام 2004 إلى 2020 لفهم ظاهرة عدم المساواة والتمييز بالهند في الحصول على الوظائف والدخل والصحة والائتمانات الزراعية بشكل أفضل.
التمييز ضد المجتمع المسلم والطبقات المهمشة الأخرى:
أصدرت منظمة أوكسفام- الهند “تقرير التمييز في الهند لعام 2022م” أخيراً، وتوصلت إلى نتائج تعرقل تعزيز الأهداف الاقتصادية التي تسعى إليها الحكومة الهندية الحالية، وذلك للوصول إلى اقتصاد يبلغ حجمه إلى 5 تريليونات دولار بحلول عام 2025.
يشير التقرير المذكور أعلاه إلى أن المسلمين وطبقة الداليت وأعضاء القبائل المختلفة القاطنة في أرياف الهند يتعرضون للعديد من الممارسات التمييزية في أماكن العمل والسوق خلال التوظيف.
ويؤكد التقرير أن التمييز ضد المسلمين قد ازداد خلال السنوات الـ16 الماضية، حيث سجلت حوادث التمييز الذي واجهه المسلمون ارتفاعاً، وبلغ معدله من 59.3% خلال عام 2004 – 2005م إلى نسبة 68.3% في عام 2019 – 2020م.
كما يشير التقرير إلى أن المسلمين لا يزالون يواجهون تحديات متعددة الأبعاد في الحصول على الوظائف مقارنة من السكان غير المسلمين، وسجلت البطالة زيادة بنسبة 17% عند المسلمين القاطنين في المناطق الريفية مقارنة من السكان غير المسلمين خلال الربع الأول من جائحة “كوفيد-19″، مما جعل معدل بطالة المسلمين في الأرياف يصل إلى 31.4% خلال تلك الفترة.
وتواجه الطبقات المهمشة والقبائل التي لها نسبة سكانية كبيرة وتحاول الصعود إلى التيار الرئيس في الهند حوادث التمييز، الأمر الذي يعرقل في الوصول إلى الوظائف المتساوية أو تأمين سبل عيشهم.
يوضح التقرير بأن معدل مشاركة المرأة في القوى العاملة وسوق العمل في الهند قد انخفض بسرعة لتصل إلى 25.1% فقط في عام 2021 من 42.7% في عام 2004 – 2005، مما يدل على انسحاب المرأة من القوى العاملة على الرغم من النمو الاقتصادي السريع الذي شهدته الهند خلال نفس الفترة.
يسلط التقرير الضوء على أن النساء في الهند على الرغم من نفس المؤهلات التعليمية والخبرة العملية التي يتمتع بها الرجال يتعرضن للتمييز في سوق العمل بسبب التحيزات المجتمعية وأفكار منحازة عند أرباب العمل.
وأفاد أميتاب بيهار، الرئيس التنفيذي لمنظمة أوكسفام- الهند، بأن 67% من النساء الهنديات يكسبن أجوراً أقل من الرجال بسبب التمييز في سوق العمل، و33% فقط يكسبن أجوراً أقل من الرجال بسبب نقص في التعليم والخبرة.
دراسة أخرى وصلت إلى نفس النتائج:
قامت مؤسسة “Led By Foundation” التابعة لجامعة هارفارد الشهيرة بإجراء دراسة في الآونة الأخيرة، حيث توصلت إلى نتائج تشير إلى وجود تمييز وتباين كبير بين توظيف النساء الهندوسيات والمسلمات.
استهدفت الدراسة إلى تحديد تمثيل المرأة المسلمة في القوى العاملة التي أصدرت تقريرها بعنوان “التحيز في التوظيف: توظيف النساء المسلمات في مناصب مبتدئة”، وأجريت الدراسة على مدى 9 أشهر خلال الفترة من عام 2021 إلى عام 2022.
توصيات أوكسفام للحكومة الهندية:
قدمت منظمة أوكسفام الهند توصيات عديدة أمام الحكومة الهندية، ودعت إلى تطبيق تدابير حاسمة بشكل فعال للتعامل مع ظاهرة التمييز لحماية حق المساواة في الأجور والعمل للجميع ولاسيما للنساء، وحثت على اتخاذ تدابير تحفز مشاركة المرأة في القوى العاملة بما فيها تعزيز الأجور وتحسين المهارات وحجز الوظائف وخيارات العودة السهلة إلى العمل بعد الأمومة.
وتشمل الاقتراحات الأخرى تعزيز مشاركة المجتمع المدني لضمان توزيع أكثر إنصافًا للأعمال المنزلية وواجبات رعاية الأطفال بين النساء والرجال وتسهيل زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل.
كما أكدت المنظمة ضرورة تنفيذ المبادرات الرئيسة لمعالجة العجز وعدم الوصول إلى التسهيلات الحكومية بين الأقليات الدينية وخاصة المسلمين بشكل فعال.
_________________________
(*) كاتب وصحفي بنيودلهي.