خسرت الأمة الإسلامية والعربية علماً بارزاً من أعلامها الأصوليين، الرئيس المؤسس للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، سماحة الشيخ يوسف القرضاوي الأزهري، رحمه الله تعالى وأدخله فسيح جنانه.
جاهد بالفكر والقلم والموقف والرأي والفكرة، وهب حياته في خدمة الإسلام محققاً لمقاصده ومتماً لواجباته، الراحل الشيخ القرضاوي من العلماء الإسلاميين الأوائل، حقاً لقد خسرت الأمة برحيله أهم عالم من علماء العصر الحديث.
لا اعتراض على حكمة الخالق عز وجل، لكن خسارة د. القرضاوي كبيرة وموجعة للمسلمين، فهو أعلم أهل الأرض في زمانه، ومن أهم علماء أهل السُّنة والجماعة، إن كان في علم مقاصد الشريعة الإسلامية، ومؤلفاته خير شاهد، التي استفادت منها وزارة الأوقاف الكويتية، وكذلك اللجنة العليا لاستكمال تطبيق الشريعة، خاصة في قضية المصارف المالية، والزكاة، وأنا شخصياً تتلمذت على كتبه ومحاضراته بشكل كبير، ولن ننسى أبداً البرنامج الشهير “الشريعة والحياة” الذي كان من أقوى وأروع البرامج الذي لم أفوت حلقة منه، فهو بحق مدرسة متكاملة لكل أصولي وكل إنسان مهتم بالأمور الفقهية، وأفتخر أن حظيت بلقائه أكثر من مرة، منها في مؤتمر “نصرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم” في الكويت، حيث تميز بروحه الجميلة وأخلاقه العالية.
وفي الظروف الحالية، وخاصة أن المسجد الأقصى في خطر في ظل الاقتحامات المتكررة للعصابات الصهيونية، الراحل القرضاوي حمل لواء المقدسات عالياً، وهو من أهم المدافعين الإسلاميين عن المسجد الأقصى المبارك، والقضية الفلسطينية، والتزم بخط المقاومة، ودعم جهاد الشعب الفلسطيني بكل الوسائل التي كان يملك، ونجد هذا باستمرار في جميع خطبه وجلساته ومجالسه خاصة كانت أم عامة وبرامجه التلفزيونية والإذاعية.
من مآثر الراحل الخالدة في الذاكرة وزاخرة وعامرة في المكتبتين العربية والإسلامية، عالماً في الدين والفقه والشريعة، خطيباً اعتلى المنابر، وبرز اسمه بين الخطباء والعلماء، وكان مجتهداً في دراسته، وعلومه، وكثرة اطلاعه، ساهم إصداره عدداً من الكتب في تعرف العالم الإسلامي عليه، وانتشر صيته في العالم.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يغفر له ويرحمه رحمة واسعة ويعفو عنه، ويحشره مع النبيين والصديقين، وأن يلهم أهله وذويه ومحبيه وزملاءه الصبر والسلوان، “إنا لله وإنا إليه راجعون”.
__________________
(*) كاتب ومفكر كويتي.