تطغى أحاسيس القلق والترقب على الجاليات المسلمة بإيطاليا، بعد وصول ائتلاف يميني فاشي متطرف إلى الحكم يتبني أفكار الفاشي موسوليني.
حيث ينظرُ بعض أفراد الجاليات المسلمة بتوجس كبير إلى وصول الأحزاب اليمينية إلى السلطة بإيطاليا، بالنظر إلى مواقفها، التي توصف بأنها “عنصرية وعدائية”، والتي عبّرت عنها في قضايا متعلقة بالإسلام والهجرة واللجوء.
وبعد السويد، حقق اليمين المتطرف تقدماً جديداً في أوروبا، بفوز حزب جورجيا ميلوني “إخوة إيطاليا” في الانتخابات التشريعية بإيطاليا، في 25 سبتمبر 2022، ليصبح الحزب الذي تعود جذوره إلى الفاشية الجديدة حاكماً للبلاد للمرة الأولى منذ الحكم الفاشي لموسوليني عام 1945.
ويثير هذا التيار الشعبوي اليميني المتطرف الذي سيحكم البلاد قلق الأقلية المسلمة في إيطاليا والعرب المهاجرين؛ لأنه ينظر إلى الهجرة وفق نظرية المؤامرة التي لا ترى فيها سوى وسيلة ناعمة لأسلمة أوروبا وتغييرها.
حيث شددت ميلوني، رئيسة حزب “إخوة إيطاليا” المرشحة لمنصب رئيس الوزراء، التي ينتمي حزبها إلى مدرسة “الفاشية الجديدة”، في خطابها، على الهوية المسيحية بوضوح، ووصفت المهاجرين بأنهم خطر على الهوية الأوروبية.
ويتبنى حزب ميلوني القيم العائلية الكاثوليكية، كما أنها تتبنى مواقف محافظة متشددة، وقالت، في يونيو 2022: “نعم للعائلة المسيحية الطبيعية، أنا امرأة وأم ومسيحية”.
وسبق لها القول أمام أنصارها، في أكتوبر 2019، بروما: “سنحارب أسلمة أوروبا، لأننا لا نعتزم أن نصبح قارة مسلمة”.
وأضافت ميلوني موجهة حديثها للجاليات المسلمة بإيطاليا: “إذا شعرت بالإهانة من الصليب، فهذا ليس المكان الذي يجب أن تعيش فيه، العالم شاسع ومليء بالدول الإسلامية حيث لن تجد صليبًا لأن المسيحيين يتعرضون للاضطهاد والكنائس تُهدم هناك، لكن هنا سندافع عن هذه الرموز وسندافع عن هويتنا، سندافع عن الله والوطن والعائلة.. اتخذوا قراراتكم”!
واعتبر تقرير لصحيفة “التايمز” البريطانية بأن فوز حزب “إخوان إيطاليا” اليميني المتشدد سيشكل كابوساً للمهاجرين الحالمين بالوصول إلى قارة أوروبا عن طريق البحر المتوسط.
معاداة “الأسلمة” والمهاجرين
ويتلخص برنامج حزب ميلوني في تخفيف البيروقراطية وإغلاق الحدود و”حماية إيطاليا من الأسلمة”، ورفع نسب الولادات والتخفيف من تدفّق المهاجرين واللاجئين، وتعزيز القيم “اليهودية والمسيحية” وتخفيض الضرائب.
ويقول العضو السابق بالبرلمان الإيطالي مدير “الشبكة الإيطالية للدبلوماسية” خالد شوقي: إن الجاليات المسلمة عاشت قبل الانتخابات على وقع الترقب والتخوف من وصول اليمين المتطرف إلى الحكم بإيطاليا، خصوصاً حزب جورجيا ميلوني، الذي طالما دعا إلى سياسات أكثر تشدّداً في استقبال اللاجئين والمهاجرين بصفة عامة.
جذور فاشية
وتعود جذور حزب “إخوة إيطاليا” إلى حركة ما بعد الفاشية التي أسسها أنصار بينيتو موسوليني، وقد أشادت ميلوني نفسها بالدكتاتور في مرحلة شبابها، لكنها سعت إلى النأي بنفسها عن ماضيها مع تحول حزبها إلى قوة سياسية وازنة، فيما تظل أطروحاتها حول الهجرة والمهاجرين مصدر قلق الجالية العربية اليوم.
وقد اعترفت ميلوني، في تصريحات لها، بأن موسوليني سياسي جيد لم تستطع إيطاليا أن تنجب مثيله على مدار نصف القرن الأخير، وميزته أنه كان يدافع عن مصلحة الإيطاليين ولا شيء غير إيطاليا.
وقد ظهرت خلال حملتها الانتخابية مع حفيد موسوليني، كما أنها اعتمدت شعار الشعلة المتقدة لحزبها السابق، حركة الاجتماعية الإيطالية، شعاراً لحركتها الجديدة، وقد دلت رموزه اللاتينية المكونة من حروف “أم.أس.إي” المختصرة لاسمه الكامل موفمنتو سوسيالي إيطاليانو، عن تشفير يعني “موسوليني سيمبري إيترنالي”، الصاعد من منصة على شكل تابوت، مثل الروح من الجسد الميت، وتعني “موسوليني خالد إلى الأبد”.
ويقول مراقبون: إن القاسم المشترك بين موسوليني، وميلوني هو ذلك المشروع السياسي الذي تأسس على استثمار مربح، هو خوف الناس من المستقبل، ومن الفقر والجوع والبطالة، والأهم من كل هذا الخوف من المهاجرين الأغراب عن الهوية ونمط الحياة الغربية.
ويقول تقرير لصحيفة “الجارديان” البريطانية: إنه في نهاية التسعينيات، بدأ آلاف الإيطاليين في الانضمام إلى جماعات تصف نفسها بالفاشية، وعمدوا إلى التحريض على المناهضين لها، واتهامهم بأنهم السبب في أزمة اللاجئين والاضطراب الاقتصادي والسياسي في إيطاليا.