حذّرت مؤسسات الأسرى الفلسطينية من خطورة ما تشهده قضية الأسرى الفلسطينيين، في ظل تصاعد أوامر الاعتقال الإداري وإضراب الأسرى الإداريين، واعتماد سياسات مجحفة للتضييق على الأسرى وعائلاتهم.
ويواصل 50 أسيرًا إضرابهم المفتوح عن الطعام، رفضًا لجريمة الاعتقال الإداريّ، بينهم 30 معتقلًا مضربون منذ 17 يومًا، و20 ما بين معتقل إداري ومحكوم وموقوف، لليوم الثالث على التوالي.
رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس، يقول إن سلطات الاحتلال تنتهج سياسة الاعتقال الإداري لقمع الفلسطينيين، وإن إضراب الأسرى الحالي هو “رسالة واضحة بأنّ هذه المعركة ليست معركة الإداريين وحدهم، وإنّما معركة الحركة الأسيرة كافة”.
وينوّه “فارس” إلى أن عدد الأسرى المضربين من الممكن أن يزداد في الأيام القادمة، في حال استمرت إدارة سجون الاحتلال على موقفها وسياستها في تصعيد عمليات الاعتقال الإداريّ.
ويعتبر أن بلوغ عدد المعتقلين الإداريين في سجون الاحتلال نحو 800، “أمراً غير مسبوق، ومرتفعأً مقارنةً بالحالة السائدة في فلسطين”.
ومنذ بداية عام 2022 حتى نهاية شهر أيلول/سبتمبر الماضي، أصدرت سلطات الاحتلال 1533 أمر اعتقالٍ إداريّ جديد، بمعزلٍ عن أوامر الاعتقال الإداري التي صدرت بحق معتقلين من الداخل المحتل والقدس، والتي تُقدر بحوالي 40 أمراً؛ ما يمثل ارتفاعاً كبيراً وملحوظاً مقارنة بالأعوام الخمسة الماضية، التي تجاوز خلالها الـ 5728 أمرٍ اعتقال إداري.
وفي تقريرٍ أصدرته مؤسسات الأسرى فإن أعلى نسبة اعتقال إداري في الأعوام الخمسة الماضية، كانت في عام 2021، حيث وصلت إلى 1595 أمر، ومع زيادة أوامر “الإداري” والحملات المُستمرة التي تشنّها سلطات الاحتلال، تتوقع مؤسسات الأسرى، أن يزداد عدد المعتقلين الإداريين خلال الأشهر القادمة.
غراماتٌ باهظة..
وفي سياق آخر، يوضح “فارس” أن هناك تحوّلات خطيرة في السياسات والإجراءات التي تتّخذها سلطات الاحتلال بحق الأسرى، أهمها قضايا الغرامات المالية الباهظة، والتعويضات المالية التي تفرضها عليهم لحق “المستوطنين الذين يلحقهم الضرر”.
ويضيف: “خلال الأيام الأخيرة، صادرت سلطات الاحتلال، مئات آلاف الشواقل من أسرى الداخل المحتل، استناداً إلى قرار من وزير جيش الاحتلال بيني غانتس، بعد أن تم تفعيل قانون طوارئ بريطاني مُجمد”.
ويُتابع: “في شباط/فبراير 2018، صدر قانون تصادر بموجبه سلطات الاحتلال أموال المقاصة، واقتطاع كل ما يُنفق لعائلات الأسرى والشهداء والجرحى، ومؤخراً، تم تفعيل القانون حتى يشمل أهالي الداخل؛ وهذا يعني أنه سوف يتم حساب المبالغ المتراكمة منذ عام 2018 حتى يومنا هذا، وجعله دَين على عائلة الأسير ومطالبتها بدفعه”.
ويخشى “فارس” من خطورة ما يُمكن أن يحدث مستقبلاً، مضيفًا: “ما يحدث يجب أن يستوقف قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية؛ فنحن نخشى مستقبلاً أن تُعرض ممتلكات الأسرى الذين صدر بحقهم حُكم، إلى المزاد العلني، وفي حينها ستسارع مجموعة من المنظمات الإسرائيلية المتطرفة لشرائها والاستيلاء عليها”.
ويشير ضيفنا إلى أن “عائلات الأسرى تعيش في ظروفٍ صعبة، وممكن أن يتم مصادرة أموالها في أيّ لحظةٍ كانت، حتى لو وُجد في جَيْبها”.
ويطالب “فارس”، منظمة التحرير الفلسطينية والرئيس محمود عباس، والفصائل والهيئات القيادية العليا، بـ “تخصيص جلسة خاصة للوقوف أمام ما يجري بحق الأسرى، واتخاذ قرارات جادّة، تتخلّلها قاعدة الوحدة الوطنية، وعدم الاكتفاء بالشعارات والكلمات”.
صرخة جماعية..
بدورها، تقول تالا ناصر من مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، إن “إضراب
المعتقلين الإداريين، لا ينبع من سببٍ فردي، إنّما “صرخة جماعية بوجه الاعتقال الإداري، الذي يُستخدم منذ عشرات السنوات بوجه الشعب الفلسطيني، كإجراءٍ عقابي، دون تهمةٍ أو محاكمة”.
وتوضح أن “المعتقلين المضربين يوجهون رسالةً لشعبهم، بالتوعية والحديث بشكلٍ مستمر عن سياسة الاعتقال الإداري، وطرق مواجهتها ومحاربتها”.
وتكمل: “الأسرى لا يقفون مكتوفي الأيدي أمام هذه السياسات التعسفية الظالمة، بل يحاربونها عن طريق الإضراب عن الطعام ومقاطعة المحاكم، لإثبات أنها محاكم صورية ولا حاجة للمثول أمامها”.
وتلفت “ناصر” إلى خطورة سياسة الاعتقال الإداري، قانونياً، وأثرها النفسي على عائلات المعتقلين الذين يمضون سنواتٍ طويلة من أعمارهم، بعيداً عن عائلاتهم، ومشاركتهم لحظاتهم السعيدة والحزينة”.
ضرورة الإسناد..
من جانبه، يرى رئيس الهيئة العليا لمتابعة شؤون الأسرى والمحررين أمين شومان، أن الحدث الأهم من بين كل ما يجري في الميدان الفلسطيني، هو ما تشنّه سلطات الاحتلال من سياساتٍ ظالمة وعقابية، بحق الأسرى الفلسطينيين، خاصةً المعتقلين الإداريين والمرضى.
ويطالب “شومان” بالعمل على إسناد الأسرى ومؤازرتهم، من خلال الحضور الدائم في الوقفات الاحتجاجية وإسناد عائلاتهم، وتسليط الضوء عليهم في وسائل الإعلام.
ويردف: “نريد أن يكون العمل مُوحدًا، وأن يتم تسليط الضوء على هذه القضايا؛ حتى نفضح سياسات الاحتلال وممارساته، وما يقوم به بحق الأسرى، وما يسنّه من قوانين عنصرية من قبل الكنيست خاصةً على مدار السنوات الأخيرة، واستباحة الدم الفلسطيني دون أيّ حسيبٍ أو رقيب”.
وبدأت الأوضاع الصحية لجزء من المعتقلين الإداريين المضربين عن الطعام تتراجع، بينهم جهاد شريتح، وكنعان كنعان، المحتجزان في سجن “عوفر” العسكري، ويعانيان من تقيؤ مستمر، وفق بيان لنادي الأسير.
وذكر النادي أنه لجانب خطوة الإضراب يواصل المعتقلون مقاطعتهم لمحاكم الاحتلال، كخطوة استراتيجية هامة يسعون من خلالها إلى ترسيخ هذه الخطوة كأساس لمواجهة جريمة الاعتقال الإداريّ”.
وبلغ عدد المعتقلين الإداريين في سجون الاحتلال 800 معتقل، بينهم 6 أطفال على الأقل، وأسيرتان، وفق معطيات مؤسسات شؤون الأسرى والمحررين.