دون جدوى، يواصل النازحون في الشمال السوري ترميم خيامهم البالية بكل السبل المتاحة استعدادًا لموسم الشتاء وشدة البرد الذي يقض مضاجعهم كل سنة بعدما حُرموا أمانهم وهُجّروا من أراضيهم وديارهم.
وبدلًا من قضاء نهارهم في المدرسة كسائر أطفال العالم، يقضي هؤلاء الصغار بالمخيمات معظم يومهم في جمع الحطب من الجبال لأجل الطبخ والتدفئة.
{tweet}url=1581538204582178818&maxwidth=400&align=center&media=false{/tweet}
ترقيع الشوادر.. هل يفلح؟
ورصدت كاميرا الجزيرة مباشر أحوال النازحين في مخيم (التح) شمالي إدلب، حيث يرقّع ساكنوه الشوادر المثقوبة ويدعمون أطرافها بالحجارة والتراب لمنع تسلل المياه إلى فُرُشهم حيث بدأت الأمطار بالهطول واستمر بعضها طوال الليل حتى منعتهم النوم والراحة.
ورغم ذلك لم تصمد تلك الرقع أمام المطر، ولم تفلح محاولاتهم في إنقاذ متعلقاتهم التي أغرقتها المياه بالفعل، مما يضاعف من مخاوفهم حال اشتداد موجات البرد.
{tweet}url=1581901803989278720&maxwidth=400&align=center&media=false{/tweet}
لم تعد الخيام صالحة للسكن ولا لحماية النازحين، يقول أحدهم “بالنسبة للتدفئة تاركينها لله، فقط الحِرامات، تدفئة ما في، مصاري ما في، لا دعم ولا شيء لتجهيز الخيم للشتاء”.
لم تقف المعاناة عند هذا الحد فحسب، بل إن التفشي المتسارع لمرض الكوليرا ينذر بشتاء أكثر قسوة وصعوبة من سابقيه.
{tweet}url=1582303220805804033&maxwidth=400&align=center&media=false{/tweet}
“أعِنّا يا الله”
ولا يختلف حال مخيمات الشمال السوري عن نظيراتها في لبنان، فالأمطار والبرد هناك يقضان مضاجع اللاجئين الذين ناشدوا المنظمات المعنية وفاعلي الخير -عبر الجزيرة مباشر- تقديم المساعدات الإنسانية لهم في ظل أوضاعهم المأساوية والأحوال الجوية السيئة التي بدأت تخيّم عليهم.
تصرخ لاجئة من داخل مخيم (القليعات) في عكّار الريفية شمالي لبنان “إحنا جوعانين، ذابحنا الوحل، أين أهل المروءة والنخوة؟ شوادر ما في”.
ويوضح لاجئ آخر “منين التدفئة؟ لسّة ما مجهّزين حالنا، وضعنا صفر، ما عارفين نجيب أي شيء، معونات ما في”، وختم بالقول “أعِنّا يا الله”.
شتاء قاسٍ
وتعرضت مخيمات النازحين خلال الشتاء الماضي لعواصف مطرية وثلجية تسببت في أضرار بمئات الخيام وشرّدت آلاف العائلات، وخلال يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط، تضررت أكثر من 3 آلاف خيمة بشكل جزئي و1500 خيمة انهارت بشكل كامل.
وكانت تقطن في تلك الخيام أكثر من 3800 عائلة، إضافة لانقطاع الطرق إلى تلك المخيمات بشكل كامل. وتعكس آثار تلك المنخفضات الجوية الواقع المأساوي بالمخيمات في ظل غياب حلول فعالة لمعاناة النازحين.
ووفقًا لتقرير أعدّه الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) أواخر عام 2021 يعرض احتياجات النازحين الأساسية في 192 مخيمًا في شمال غربي سوريا، فقد تعرضت 81% من المخيمات المقيَّمة لفيضانات وغرق الخيام، كما عانت 78% منها عدم وجود وسائل تدفئة مناسبة.
{tweet}url=1581298864077869057&maxwidth=400&align=center&media=false{/tweet}
وعانت 69% من المخيمات تشكّل مستنقعات المياه والوحل نتيجة سوء حالة الطرق والأرصفة، كما شهدت 66% منها تمزق الخيام واقتلاعها نتيجة الرياح العاتية والأمطار، وتعرضت 40% من المخيمات لصعوبات نتيجة عدم قدرة المنظمات الإنسانية على الوصول نتيجة سوء حالة الطرق المؤدية إليها.
ويعيش أكثر من 1.5 مليون مدني هجّرهم النظام السوري وحليفه الروسي في مخيمات على الشريط الحدودي بريفي إدلب وحلب، وتفتقد المخيمات البنية التحتية الأساسية من طرقات ومياه وشبكات صرف صحي، وتتكرر مأساة النازحين فيها كل فصل شتاء بسبب الأمطار التي تُغرق الخيام.
{tweet}url=1582370665151156224&maxwidth=400&align=center&media=false{/tweet}
وقالت الخوذ البيضاء في تقريرها إن ضعف أعمال الاستجابة الإنسانية على الصعيدين الدولي والمحلي -على حد سواء- يزيد من الأوضاع الكارثية التي يعيشها النازحون في المخيمات منذ أكثر من 10 سنوات.
يأتي ذلك بينما تسعى روسيا إلى عدم تمديد تفويض آلية إدخال المساعدات عبر الحدود وتحويلها لصالح إدخال المساعدات عبر خطوط النزاع، أي عبر مناطق سيطرة نظام بشار الأسد، لتجعل منها سلاحًا بيدها وبيد النظام السوري وتمارس سياسة التجويع والحصار كما مارستها في درعا والغوطة وداريا والزبداني وحمص وحلب، وتمارسها الآن في مخيم الركبان، وفق تقرير الخوذ البيضاء.