صفارات الإنذار لا تتوقف في تونس بخصوص انتشار مرض الحشرة القشرية القرمزية التي تفتك بمنابت ومزارع التين الشوكي في عدد من الولايات من بينها المهدية وصفاقس والقيروان وسوسة، وهناك خشية من تحولها إلى القصرين حيث بها نحو 50% من ثروة التين الشوكي في تونس.
وإلى جانب فوائده الغذائية والدوائية يؤدي التين الشوكي دوراً مهماً في مقاومة التصحر والمحافظة على النوع السيسيولوجي، كما يعد أحد أهم الفواكه والغلال، ويقول عنه التونسيون: “سلطان الغلة”، كما أنه مصدر للعلف الحيواني وله خصائص علاجية كما سلف وأخرى تجميلية.
وتعتبر الحشرة القشرية القرمزية وفق خبراء تحدثنا معهم من أخطر الحشرات الضارة والمدمرة لنبات التين الشوكي أو ما يعرف في تونس ومنطقة المغرب الكبير بـ”الهندي”.
بدأ انتشار الحشرة في تونس بمنطقة السواسي من ولاية المهدية سنة 2021 ثم السبيخة بالقيروان ثم صفاقس وسيدي بوزيد كما انتشر المرض في ولاية المنستير و جهات بني حسان، واللجم، وشربان.
وتعرّف الحشرة القشرية القرمزية بأنها من الحشرات الرخوية على شكل بيضاوي لونها أرجواني داكن يتحول إلى قرمزي إذا ما تم عصرها، ولذكورها أجنحة في حين أن إناثها غير مجنحة مغطاة بطبقة شمعية بيضاء.
بعد التزاوج تضع الإناث البيض الذي يتحوّل بسرعة إلى حوريات دقيقة تفرز مادة شمعية بيضاء على أجسامها وذلك لحمايتها.
تقوم الحشرة القرمزية بامتصاص مياه التين الشوكي فتجففه حتى تحوّله إلى ما يشبه أوراق الخريف اليابسة.
وقال الخبير بالحشرات الضارة د. الحبيب غنّام: دخلت الحشرة القرمزية إلى تونس عبر نباتات زينة جلبتها امرأة أصيلة ولاية المهدية من تلمسان الجزائرية، فانتشرت العدوى بسرعة في المهدية حتى أتت على معظم معتمدياتها، كما انتشرت في القيروان، وسيدي بوزيد، وصفاقس، وسوسة، وهي حشرة لا ترى بالعين المجردة ولكن عند فرك كف التين الشوكي أو لوحة التين الشوكي المصابة تفرز لونا أشبه ما يكون بالدم.
د. الحبيب غنّام
أما الموطن الأصلي للحشرة فهو البرازيل والمكسيك وبعض دول أميركا اللاتينية، وهناك يتم استغلالها في بعض مستحضرات التجميل ومنها أحمر الشفاه (الروج).
يؤكد غنّام على أنه لا يوجد دواء خاص للقضاء على الحشرة القشرية القرمزية، وإنما يتم رشها بالمبيدات الحشرية المختلفة، وعند رصد أي بؤرة لانتشار المرض يتم اقتلاع النباتات المصابة وردمها في خنادق للغرض، وإن كان الأمر تحت السيطرة الآن إلا أنه لا يعرف إلى ماذا ستؤول إليه عملية انتشار العدوى، ففي المغرب أتت الحشرة القشرية القرمزية على 150 ألف هكتار مما دفع الحكومة المغربية إلى إعادة زراعة التين الشوكي بأصناف مقاومة للحشرة القشرية القرمزية.
وسائل المقاومة في تونس ذاتية كما يؤكد الخبير غنام فهناك مقاولات يتم إسناد مهام اقتلاع النباتات المصابة وردمها، من خلال صفقات تعقد في الغرض، وهناك جهود للإدارات الفلاحية بوسائلها الخاصة للقيام بهذه الإجراءات في المناطق الموبوءة.
تنتشر العدوى عن طريق التصاق الحشرة بأصواف الأغنام أو السيارات والشاحنات وكذلك الدجاج والبشر، ويؤدي ذكر الحشرة دورا في ذلك حيث يقوم بالتلقيح ثم يموت، وإذا كان الأمر يبدو تحت السيطرة فهناك مخاوف من انتقال المرض إلى القصرين حيث هناك نحو 50% من ثروة التين الشوكي والتي لا تقدر بثمن.
يعتبر التين الشوكي ثروة كبيرة في تونس والدول التي تملك مساحات كبيرة منها، فهو مصدر رزق لآلاف العائلات، لا سيما في ذروة الإنتاج حيث ينشط الفلاحون، والعاطلون عن العمل، ومن يبحثون عن مصدر رزق إضافي بجمعه من مضانه وتنظيفه وغسله ومن ثم نقله إلى السوق بطرق مختلفة وبيعه في سوق الجملة أو في شاحنات أو حتى عربات في الشوارع.
وقال محمد الفطناسي، الذي يعمل حارسا ليلياً: “أقوم في موسم التين الشوكي بالتوجه من العمل إلى مزارع التين الشوكي في الأراضي المملوكة للدولة مع زوجتي وأقوم بجمع ما بين 30 و 50 كيلو من التين الشوكي وتنظيفه وغسله وبيعه”. وذكر بأن مردوده لا يقل عن 40 ديناراً يومياً.
ويستخدمه الناس لتحديد الممتلكات من الأراضي فيوضع للفصل بين الأراضي كما يستخدمه الفلاحون طعاماً لمواشيهم.
وقال الفلاح البشير الفطناسي: الضلف (التين الشوكي) ثمرته طعام لنا وأكفه طعام لمواشينا ولا سيما البقر حيث نقوم بحرق شوكه ثم تقطيع أكف التين الشوكي للحيوانات وهو مفيد غذائياً ولا سيما للإبل والبقر كما يخلطه البعض مع العلف المكوّن من الحبوب.
وتابع غنام: يتم تحويل التين الشوكي إلى زيوت سعر اللتر الواحد يتجاوز الثلاثة آلاف دينار تونسية، في حين يبلغ سعر الكيلو الواحد من ثمار التين الشوكي في فصل الخريف الأربعة دنانير.