لا يوجد شيء اسمه الشعب الفلسطيني بالنسبة لزعيم التيار اليميني المتطرف إيتمار بن غفير الذي يتحدث عن “أزمة وجودية من أجل بقاء الشعب اليهودي” فقد بنى شعبيته على كراهية العرب والدعوة لطرد الفلسطينيين من وطنهم.
وأكدت النتائج الرسمية شبه النهائية لفرز أصوات الناخبين يتوعد الفلسطينيين
وتبوأ تحالف اليميني المتطرف بن غفير الموقع الثالث في الكنيست (البرلمان) من حيث القوة، بعد “الليكود” اليميني بزعامة نتنياهو و”هناك مستقبل” الوسطي بزعامة رئيس الوزراء يائير لبيد.
وشكل فوز تحالف “الصهيونية الدينية” مفاجأة سارة لأنصاره، وهو مؤلف من حزبين يمينيين متشددين هما “القوة اليهودية” برئاسة بن غفير و”الصهيونية الدينية” برئاسة بتسلئيل سموتريتش.
وبعد صدور النتائج الأولية، قال بن غفير مخاطبا مناصريه “صوّتَ الجمهور للهوية اليهودية.. حان الوقت أن نعود أسياد بلدنا”. وفسر صعود حزبه الكبير إلى غياب الأمن في “إسرائيل”.
وأكد في خطابه أنه يريد أن يسير الناس بأمان في الشارع وألا تكون “أيدي الجنود والشرطة مقيدة” مجددا النداء للسماح لعناصر القوى الأمنية باستخدام مزيد من القوة ضد الفلسطينيين.
حقيبة الداخلية
وسبق أن أعلن بن غفير أنه يطمح لحقيبة الأمن الداخلي المسؤولة عن الشرطة، في حين أعلن سموتريتش أنه يطمح لحقيبة الدفاع في حكومة يشكلها نتنياهو، مما تسبب بقلق واسع في “إسرائيل” بسبب مواقفهما المتشددة.
ونتنياهو لم يحسم في المقابلات الصحفية -التي أجراها خلال الأسبوعين الماضيين- الموقف بشأن مطلب بن غفير أو سموتريتش.
وليس من الواضح أيضا إذا ما كان “الصهيونية الدينية” سيبقي على تحالفه مع “القوة اليهودية” بعد أن احتفلا بالانتصار في الانتخابات بصورة منفصلة.
وأعلن بن غفير أنه يسعى إلى تشكيل “حكومة يمينية بالكامل” برئاسة نتنياهو.
“الإسرائيليين” فوزا ساحقا حققه معسكر أقصى اليمين بزعامة رئيس حزب الليكود ورئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، حيث حصد مع حلفائه 65 مقعدا، وهو ما يعني أنه على وشك العودة للسلطة التي غادرها قبل 18 شهرا.
وسيلعب بن غفير دورا محوريا في مساعدة نتنياهو على العودة إلى السلطة مع تحالف “الصهيونية الدينية” الذي يتزعمه، إذ تشير النتائج إلى حصوله على 14 مقعدا.
وقبل أسابيع من الانتخابات، لوّح بن غفير بمسدس في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية المحتلة وسط مواجهات بين الفلسطينيين من جهة وقوات الاحتلال التي ترافق مؤيديه من جهة أخرى.
اليوم التالي، نشر اليميني المتطرف صورته واقفا بجانب اثنين من أطفاله حاملين بنادق ألعاب. وكتب على تويتر “بعد أعمال الشغب.. أقوم بتعليم الأطفال كيفية التعامل مع الإرهابيين”.
{tweet}url=1580921410586693632&maxwidth=400&align=center&media=false{/tweet}
ويقصد بن غفير ما يجري في المسجد الأقصى، والذي تشهد باحاته بانتظام اقتحامات للمستوطنين واستفزازات تندلع على إثرها مواجهات بين الشرطة “الإسرائيلية” والفلسطينيين، ويتصاعد التوتر مع قوات الاحتلال التي تؤمن الحماية للمستوطنين عند كل اقتحام يقوده بن غفير.
لكن نتنياهو بحاجة إلى هذا تحالف “الصهيونية الدينية” الذي أظهرت نتائج فرز الأصوات إنه حصل على 14 مقعدا.
من جانبه، حذر جدعون ساعر وزير العدل الحالي زعيم حزب “الأمل الجديد” -الذي انشق عن حزب الليكود سابقا- من خطر رؤية “إسرائيل” تتجه نحو “تحالف من المتطرفين” بقيادة نتنياهو وحلفائه.
قلق أميركي
من جهتها، دعت الولايات المتحدة أمس الأربعاء الحكومة “الإسرائيلية” المقبلة إلى احترام حقوق الأقليات.
وقال المتحدث باسم الخارجية نيد برايس للصحفيين إن علاقة بلاده “بإسرائيل” كانت دائما قائمة على “مصالحنا المشتركة، لكن الأهم من ذلك قيمنا المشتركة” بحسب صحيفتي “يديعوت أحرونوت” (Yedioth Ahronoth) و”تايمز أوف إسرائيل” (The Times of Israel) “الإسرائيليتين”.
وقالت صحيفة “تايمز أوف “إسرائيل” إن تصريح برايس جاء رد فعل على صعود حزب “الصهيونية الدينية” اليميني المتطرف، الذي من المتوقع أن يلعب دورا مركزيا بتشكيل الحكومة الجديدة.
كما وصل القلق إلى الكونغرس الأميركي، وكتب العضو براد شيرمان، في تغريدة يوم 4 أكتوبر/تشرين الأول الماضي “أحث القادة السياسيين “الإسرائيليين” من جميع جوانب الطيف السياسي على نبذ المتطرفين مثل بن غفير”.
{tweet}url=1577072440731000833&maxwidth=400&align=center&media=false{/tweet}
وسبق أن وجّه السيناتور الأميركي الديمقراطي روبرت مينديز تحذيرا مشابها، بحسب موقع “تايمز أوف إسرائيل” الإخباري.
الموت للعرب
وينظر إلى بن غفير على أنه ظاهرة صعود اليمين المتشدد في “إسرائيل”، وقد هتف أنصاره في حفل الانتصار فجر الأربعاء بشعار “الموت للعرب”.
غير أن طموح بن غفير السياسي جعله يخفّف من حدة بعض آرائه، فبدلا من “الموت للعرب” صار يهتف “الموت للإرهابيين!”.
وبرز اسمه في العديد من الأحداث، السنوات الأخيرة، وخاصة عندما أقام خيمة في حي الشيخ جراح بمدينة القدس الشرقية.
وسبق أن دعا بن غفير إلى تهجير الفلسطينيين من أرضهم، وتسبب في تصعيد الأوضاع بالقدس الشرقية عقب إقامته مكتبا برلمانيا في حي الشيخ جراح، كما قاد المستوطنين مرات عديدة لدى اقتحامهم المسجد الأقصى.
وبن غفير مولود بالقدس الغربية عام 1976 لأم وأب مهاجرين من يهود العراق، ومعروف بمواقفه المتطرفة تجاه الفلسطينيين، وهو من سكان مستوطنة “كريات أربع” المقامة على أراضي الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة.
وبرز اسمه في كل الأحزاب اليهودية المتطرفة بدءا من “موليدت” الذي دعا إلى تهجير المواطنين الفلسطينيين من “إسرائيل”، مرورا بـ “كاخ” المصنف “إرهابيا” وفق القانون “الإسرائيلي”، وصولا إلى “الصهيونية الدينية” الذي أدخله الكنيست في أبريل/نيسان 2021 بعد محاولات فاشلة.
ويستلهم أفكاره من الحاخام المتشدد مائير كاهانا، زعيم حركة “كاخ” التي سعت لطرد الفلسطينيين في “إسرائيل”.
وكان كاهانا -الذي اغتيل في نيويورك العام 1990- مصدر إلهام أيديولوجي لباروخ غولدشتاين الذي قتل 29 مصلياً فلسطينياً بالخليل سنة 1994.
واعتاد بن غفير تعليق صورة غولدشتاين في منزله، لكنه أزالها بعدما دخل عالم السياسة. ويُكسبه خطابه مؤيدين في جميع أنحاء “إسرائيل”، كما لوحظ أن نسبة الشباب من مؤيديه تتزايد.
وعندما بلغ سن 18 عاما، أُعفي من الخدمة الإلزامية بالجيش “الإسرائيلي” بسبب مواقفه اليمينية المتشددة.
عام 2007، أُدين بن غفير بالتحريض على العنصرية بسبب حمل لافتة في مظاهرة كتب عليها “اطردوا العدو العربي”.
درس بن غفير القانون، إلا أن نقابة المحامين رفضت منحه العضوية بسبب سجله الجنائي، لكن بعد احتجاجات قادها بنفسه تم السماح له بالانتساب للنقابة.
وفي يناير/كانون الثاني 2011، كتب موقع “والا” (walla) الإخباري “الإسرائيلي” أن “اللجنة المركزية لنقابة المحامين رفضت طلبا من الناشط اليميني بن غفير للحصول على إذن للتخصص كمحام”.
لكن في يونيو/حزيران 2012، قالت صحيفة “معاريف”(Maariv) “الإسرائيلية” “بن غفير اجتاز امتحانات نقابة المحامين بعد صراع طويل”.
ومع حصوله على شهادة مزاولة المحاماة، برز بن غفير مدافعا عن عناصر اليمين المتشدد المتهمين بارتكاب جرائم ضد الفلسطينيين، بما فيه جماعة “لاهافا”.
وكان نتنياهو فشل، السنوات الأخيرة، في الحصول على ثقة هذا العدد من الأصوات مما منعه العام الماضي من تشكيل حكومة، وأخرجه من السلطة إلى المعارضة.