تتجه أنظار العالم كله إلى دولة قطر بمناسبة تنظيم بطولة «كأس العالم 2022»، وهي مناسبة عالمية تشد الأنفاس وتأسر القلوب بحكم شعبية كرة القدم في مختلف القارات.
وأكد علماء ومفكرون وباحثون، في أحاديث لـ«المجتمع»، أن هذا التنظيم فرصة ذهبية لدولة صاعدة، للاستفادة بما تزخر به من ثقافة وحضارة عربية وإسلامية بحكم أنها المرة الأولى التي تنظم هذه المسابقة العالمية في دولة عربية مسلمة، بل هي مناسبة فريدة تتعدى ذلك إلى تعريف شعوب العالم برسالة الإسلام سلوكاً وعملاً.
أكد المفكر الإسلامي والأكاديمي المصري د. كمال حبيب أهمية انتقال جميع الهيئات الشرعية والعلمية والدعوية من مربع التفكير في الخلافات البينية الداخلية إلى البعد الحضاري العالمي المعني بقضية الإسلام الكبرى؛ وهي تعريف الناس على رب الناس، عبر خطط موضوعة بالتعاون مع هيئات الأوقاف في قطر والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وغيرهم من الفاعلين في الدوحة.
وأضاف حبيب، في حديث لـ«المجتمع»، أن العرب والمسلمين إزاء حدث كوني معولم يشاهده كل العالم، وبالتالي فرصة لأصحاب الحضارات وبالأخص الحضارة الإسلامية العظيمة لاستغلال المونديال في عرض الإسلام بصورة مناسبة وجميلة لجذب الغرب إليه في ظل إصرار اليمين المتطرف وصانعي «الإسلاموفوبيا» على تشويه المسلمين.
ودعا المعلقين الرياضيين والمحللين في الشأن الكروي كالنجم المصري محمد أبو تريكة وأمثاله إلى استغلال الحدث في التعليق على المباريات أو التحليل في ثنايا حديثهم من أجل تبيان خطورة ظاهرة الشذوذ وأسباب رفض الأديان لها، وجمال الدين الإسلامي.
ووصف حبيب المونديال القطري بأنه لحظة حضارية بامتياز تحتاج إلى مسلمين وعرب على قدر اللحظة لجذب ملايين الغرب إلى حضارتنا ودعوتنا وقيمنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم، بجانب عرض الجانب الإنساني والحقوقي للقضية الفلسطينية وخاصة القدس.
وطالب حبيب السلطات القطرية بالسماح بإسعاد الروح عبر كافة الهيئات المعنية بأمور الدعوة ونشر الإسلام، كما تبذل جهدها في إسعاد الجماهير بإخراج بطولة كروية على مستوى عالمي مميز، يستطيع أن يحسن الصورة الذهنية عن المسلمين في الغرب ويجذب وافدين جدداً لهذا الدين العظيم.
حبيب: فرصة لأصحاب الحضارة الإسلامية لعرض الإسلام بصورة مناسبة
ومن الجزائر، أكد البرلماني والمتحدث الإعلامي باسم حركة مجتمع السلم الجزائرية (حمس) ناصر حمدادوش، أن تنظيم «كأس العالم 2022» سيكون مناسبة لنقلة حضارية لقطر وللعالم العربي والإسلامي بإبراز الإرث الثقافي والعادات والتقاليد والمعالم التاريخيَّة والحضارية التي يجب أن يتعرَّف عليها العالم.
وقال حمدادوش: من المؤكد أن كرة القدم ليست مجرد لعبة محايدة، مجردة من القيم والأخلاق والأبعاد الحضارية، وأن تنظيم كأس العالم ليس مجرد حدث كروي عابر، لا يمكن اغتنامه في الجمع بين القيم والترفيه، بما يتجاوز المستطيل الأخضر إلى آفاق أرحب في عالم الأفكار والقيم.
وأشار إلى أن دولة قطر حرصت على تنظيم فعاليات ثقافية وترفيهية استثنائية في تاريخ تنظيم كأس العالم تبرز البعد العربي والإسلامي والحضاري لقطر وللعالم العربي، ومن بينها تخصيص فريق لمراقبة مدى تطبيق معايير حقوق الإنسان، بدمج الرياضة بهذه القيم الإسلامية والإنسانية، مثل كرامة الإنسان، والحرية والعدل والمساواة والتسامح واحترام التنوع والاختلاف.
ولفت إلى أن الفوز بتنظيم كأس العالم في قطر وفي العالم العربي فرصة للطموح الثقافي والحضاري والفكري، وأنَّ هذا المونديال قد أحدث تطورات مهمة في فكر الناس وفي ثقافتهم، والانفتاح على ثقافات مُختلفة، وما يمكن أن ينقله هذا الحدثُ عبر تعريف جماهير كرة القدم بمختلف دول وقارات العالم بإرث وثقافة وتقاليد العرب عموماً، وقطر خصوصاً، وأن يكون جميع المشاركين في هذا العرس الكروي خير سفراء للتعريف بذلك في بلدانهم.
ومن المغرب، قالت الأكاديمية أمال اليحياوي لـ«المجتمع»: إن الإشعاع الثقافي والحضاري لهذه التظاهرة أعمق، لأن الثقافة العربية والإسلامية معروفة لدى الناس الذين زاروا البلدان العربية أو الذين درسوا الثقافة العربية ولدى المستشرقين، لكن الأغلب يعرفونها بشكل سطحي أو مغلوط.
وأضافت اليحياوي أن المناسبة نقطة تحول وجسر مؤدٍّ إلى اكتشاف القدرات المحلية وما يمكنها أن تصنع إن توافرت الإمكانات والوسائل، وهي تؤدي دوراً جوهرياً في تصحيح الصورة النمطية عن العالم العربي والإسلامي، مشيرة إلى أن معجماً مفسراً للموروث والمخزون الثقافي الخليجي والعربي الإسلامي يواكب العصر وتحولاته المنطقية، سيكون دليلاً على تسامح وانفتاح العرب والمسلمين على الثقافات الأخرى، ويرسخ مفهوماً جديداً للحضارة العربية الإسلامية، عنوانه التجدد القائم على معايير الأصالة والقيم.
ويرى الناشط التونسي الطاهر الخنجري أنه يمكن الاستفادة من احتضان قطر لكأس العالم بإقامة معرض يعرّف بالتراث الإسلامي، ومعرض لكتب بشتى اللغات تعطي تعريفات مبسطة لقيم الإسلام ومبادئه ومساهماته في الحضارة الإنسانية، كما يمكن أن تقدم للمشاركين صورة حية عن واقع المرأة في المجتمعات الإسلامية لدحض الفكرة التي تقول: إن النساء مقموعات في مجتمعاتنا.
وقال الكاتب الصحفي اليمني وديع عطا: يجب النظر لفعالية بطولة كأس العالم والحضور الجماهيري على أنها فرصة تاريخية ثمينة قد لا تتكرر على المدى القريب ولا المتوسط لتقديم صورتنا كعرب ومسلمين بما يليق بنا وتاريخنا وحضارتنا الإسلامية.
حمدادوش ليس مجرد حدث كروي عابر لا يمكن اغتنامه في الجمع بين القيم والترفيه
وأضاف عطا: واثق تماماً بأننا نمتلك من الوسائل والأدوات والكفاءات والنماذج ما يمكننا من كسب قلوب الآلاف الذين يجهلون حقيقة ديننا الحنيف وثقافتنا الأصيلة المستمدة من روح الإنسانية وتلتقي في نقاط مشتركة مع مختلف الأديان والأعراق والقوميات.
فرصة دعوية
من جانبه، دعا الأمين العام لرابطة علماء أهل السُّنة د. جمال عبدالستار الهيئات والمؤسسات إلى تقديم خطة دعوية وقيمية لاستغلال هذه الفرصة النادرة المتاحة، وتدارك ما تبقى من الوقت إذا لم يتم وضع ما يلزم من وسائل لطيفة ومناسبة للمونديال، ويمكن في هذا الإطار، تقديم نسخ من القرآن الكريم مترجمة إلى لغات العالم، وكذلك تفاسير مترجمة، ويمكن لقطر أن تساعد في ذلك عبر توفير صناديق في أماكن واضحة لتذليل وصول الجماهير الزائرة لها.
واقترح عبدالستار توفير شباب وعلماء متخصصين من حاملي العلم المعتدلين للتواصل مع الجمهور، على أن يكون لهم أماكن معينة ومعروفة، كي يجيبوا عن أسئلة الوافدين ويعرفوهم بالإسلام، لافتاً إلى أنه دور دعوي مطلوب من الجهات الرسمية والمجتمعية المعنية.
ودعا كافة المسلمين المتواجدين في قطر إلى تقديم نموذج عملي تطبيقي سلوكي إيجابي يتناسب مع الإسلام والضبط الأخلاقي، وأن يكونوا منارات أمام القادمين، تنير لهم طريق التعرف على الإسلام وقيمه الجميلة، فالصور الجميلة الفريدة في أخلاقها بلا شك ستجذب الجمهور إلى معرفة ما خلفها من دستور ومنهاج وقيم.
ورأى عبدالستار كذلك أنه يمكن أن يكون لقضية المسجد الأقصى والقدس مساحات وساحات، لإبرازهما على هامش المونديال، ولفت الانتباه إلى معاناة الفلسطينيين، وفي القلب منهم المقدسيون، دون استفزاز.
بدوره، اعتبر رئيس هيئة العلماء والدعاة بألمانيا الشيخ طه عامر كأس العالم فرصة واسعة لإظهار قيمنا الأخلاقية والاجتماعية والروحية، والتعريف بتعاليم الإسلام العظيم الذي يغالي بقيمة الكرم والمروءة وحسن استقبال الضيف والحرص على أمنه وسلامته وبلوغ الغاية في حسن معاملته، وتحقيق مقصد «لتعارفوا» التي نطقت بها آية سورة «الحجرات».
ودعا عامر إلى إقامة حوارات فردية وجماعية حول القضايا التي تهم العالم وتُجسد القيم المشتركة، وقال: نثق بأن عندنا ما نضيفه لشعوب العالم من قيم روحية واجتماعية وأخلاقية نبعت من طبيعة البيئة العربية التي جسدت مكارم الأخلاق، وجاء الإسلام فزاد عليها وألبسها ثوب الربانية والهدى والرشاد.
عبدالستار: تقديم نموذج عملي ينير للقادمين طريق التعرف على الإسلام وقيمه
وأضاف عامر أن الإنسان هو الإنسان في الشرق والغرب، تُسعده كلمة، وتُريح نفسه ابتسامة صادقة، ويأسره المعروف، ويؤلف قلبه حسن الخلق وصدق القول وإخلاص العمل، فلنحرص على أن يرى منا ضيوفنا كل خير ولطف وبِر حتى يرزقنا الله سعادة الدارين.
ومن أيرلندا، قال الأمين العام للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث د. حسين حلاوة: إن المشجعين القادمين إلى قطر ربما بعضهم لأول مرة يأتوا إلى بلد عربي مسلم، فعلينا أن نكون خير مثال للدعوة، مضيفاً أن حسن المعاملة هي أصدق رسول لدخول قلوب الآخرين، ولدينا في تاريخنا هؤلاء التجار العظام الذين فتحوا البلدان وجذبوا شعوباً شتى للدخول إلى الإسلام بأخلاقهم وحسن معاملتهم.
من إسبانيا، أكد عضو اتحاد علماء الأزهر في أوروبا الشيخ طه هندي أن تأثير كرة القدم العالمية على شباب العالم حتى صار محترفو هذه اللعبة قدوة لها تداعياتها على جانب القيم والأخلاقيات والسلوكيات؛ مشيراً إلى أن هذا الحدث فرصة للتأكيد على منظومة قيمنا وأخلاقياتنا الإسلامية المتمثلة في إكرام الضيف، والتنظيم الراقي للدخول والخروج، وتقديم صورة حية عملية على أرض الواقع باحترام القيم والأخلاقيات للدولة المضيفة، واحترام هذه القيم من قبل كافة الضيوف الوافدين لتشجيع دولهم في هذا المونديال.
وشدد هندي على الاهتمام بمن يريدون التَّعرف على الإسلام؛ فتُجهز لهم المطويات والكتيبات والوسائل التكنولوجية المتطورة وإيصالها لهم بسرعة وسهولة وبمختلف اللغات لكي يتعرفوا على مضمونها بطريقة صحيحة، فضلاً عن إتاحة المناشط الدعوية المختلفة لضيافتهم وتقديم المساعدة لهم في هذا الصدد.
ومن تركيا، أشار المحلل السياسي د. يوسف كاتب أوغلو إلى أن تسخير الإعلام العربي والإسلامي أهم الأدوات التي يمكن أن تحقق أهدافاً دعوية وقيمية خلال كأس العالم لإبراز قيمة التسامح والتعاون وقبول الآخر التي تتميز بها الحضارة الإسلامية.
من جانبه، أكد المسؤول السياسي للجماعة الإسلامية في لبنان إيهاب نافع أن المؤمن لا يدع فرصة إلا ويستغلها لنشر دعوة الإسلام، وإيصال هذه الدعوة للآخرين، «فلأنْ يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك مما طلعت عليه الشمس».
عامر: فرصة واسعة لإظهار قيمنا الأخلاقية والاجتماعية والروحية
وقال نافع: إن العالم اليوم غارق في المادية ويفتقد إلى الروحانية التي يتميز بها الإسلام والمسلمون، وكذلك إلى القيم التي دعا إليها الإسلام، وأضاف: لعلّ وجود الكثيرين اليوم في الدوحة لحضور المونديال واحتكاكهم بالمسلمين يطلعهم عن كثب على أخلاق المسلمين وقيمهم وتقاليدهم وعاداتهم فيتأثرون بها ويعودون إلى بلدانهم لينقلوا هذه الصورة المشرقة.
ومن العاصمة الليبية طرابلس، يؤكد المحلل السياسي عصام الزبير أهمية الحدث الكروي العالمي في المحافل الدولية، وهو ما يشجع قطر على استغلال هذا الأمر بالدعوة للإسلام وتعاليمه وآدابه بأحدث وسائل العلم والتكنولوجيا الرقمية وغير الرقمية المتاحة التي تمتلكها قطر، فضلاً عن نشر المطبوعات بمختلف لغات العالم وتوزيعها على ضيوف المونديال بشكل راق ومهذب لجذبهم نحو الثقافة الإسلامية وتعريفهم عليها، ونشر روح التسامح بين الشعوب.
ويضيف الزبير: لا يمنع ذلك من أن يكون حدثاً رياضياً واقتصادياً وسياحياً وترفيهياً واجتماعياً في آن واحد، واستثمار ذلك في الحصول على مكاسب اقتصادية وتجارية وسياحة، ودفع المشجعين للاطلاع على المتاحف العربية والإسلامية، وفنون العمارة وتطور الحياة في البلاد، فالتجارة تنهض بالبلد وتتعدد في المحافل والثقافات والفنون التي يتطلع ويتوقع الإنسان لرؤيته ومتابعتها.
وأشار الداعية المغربي د. محمد بولوز، لـ«المجتمع»، إلى أن الكتيبات الصغيرة وترجمات المصحف الشريف ومختصراً في سيرة الحبيب المصطفى وأخلاقه الرفيعة ومطويات وصوتيات وملصقات ولافتات ومرئيات مناسبة ومعارض ثابتة ومتنقلة ومتاحف ومواقع إلكترونية؛ وسائل مناسبة للتواصل مع للزوار بدءاً من المطار ومحطات مختلف المواصلات وفي مداخل الملاعب وحتى في مدرجاتها أو توضع في غرف الفنادق والأماكن السياحية.
أما أستاذ الدراسات الإسلامية والعلوم السياسية د. عبدالسلام بلاجي فيبرز، لـ«المجتمع»، أهمية الاستعانة باللافتات الضوئية في الطرقات والملاعب وفي الوصلات التلفازية التي تعرف بالإسلام وتحمل آيات أو أحاديث أو مقاطع منها أو من أقوال السلف، تكون مناسبة ومفيدة وقصيرة تحث على خلق أو تعرض قيمة من القيم أو سلوكاً تجاه الناس وكافة المخلوقات بلغات مختلفة وبطريقة جذابة.
وذكر الإعلامي بقناة «الجزيرة» أحمد القاضي، لـ«المجتمع»، أن مركز الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود الثقافي الإسلامي في قطر يمكنه أن يقوم بدور في مجال الاستفادة الحضارية القيمية من هذه المناسبة وهذه فرصته الذهبية.
ومن الولايات المتحدة الأمريكية، أوضح أستاذ العلوم السياسية د. عبدالموجود الدرديري أن العالم الآن أصبح قرية واحدة، ويجب التواصل مع أبناء هذه القرية من مختلف الثقافات، فالإسلام يدعو المسلمين للتعرف على بقية الشعوب والأمم المحيطة.
واقترح اللاعب الدولي التونسي الأسبق خميس العبيدي أن يكون هناك تعريف بالقضية الفلسطينية، وتكون هناك منشورات تشرح سماحة الإسلام، ورد الشبهات، وضيافات مجانية تستقطب الشباب، وقبل ذلك حملة لتوعية الشباب المسلم الموجود في قطر للابتعاد عن المشبوهين الذين يمكن بالتماس معهم أن يصابوا بأمراض لا شفاء منها عن طريق تجارة الرقيق الأبيض.
حلاوة: حسن المعاملة أصدق رسول لدخول قلوب الآخرين
بُعد اقتصادي
لا يخفى على أحد المكاسب الاقتصادية لهذه التظاهرة التي تمتد إلى البلدان المجاورة وجل الدول العربية.
في هذا السياق، أكد المحلل الاقتصادي المغربي محمد أفزاز، لـ«المجتمع»، أن هذا الحدث الرياضي الكبير ساعد دولة قطر في إنجاز مشاريع ضخمة بالبنية التحتية تجاوزت قطاع الرياضة، بمبالغ ضخمة تقدر بأكثر من 200 مليار دولار، منها فقط مبلغ 7 – 8 مليارات دولار خصص للملاعب الرياضية وتبعاتها، وهو ما يعزز قدرتها على جلب الاستثمارات الخارجية، خارج قطاع النفط والغاز، وفي تعزيز علامتها السياحية والاقتصادية على مستوى العالم، والتحول إلى مركز مالي إقليمي وعالمي، وأيضاً إضافة ما بين 0.5 ونقطة إلى الناتج المحلي.
وأضاف أن دول الخليج نفسها تستفيد من مكاسب شتى، خاصة في قطاع النقل الجوي والفنادق، وفي قطاع السياحة بشكل عام، لأنه أتيح لها إقامة الجمهور بها مع الانتقال بسلاسة من وإلى الدوحة.
وأوضح أفزاز أن كأس العالم مناسبة لإرسال رسائل طمأنة للمستثمرين عبر العالم بأن المنطقة العربية قادرة على جلب الاستثمارات الخارجية، والمشاريع الاقتصادية الكبرى في أكثر من قطاع، وكسر الصورة النمطية كونها منطقة عدم استقرار.
ومع تنظيم مثل هذه المنافسات في دولة مسلمة، يتبادر إلى الأذهان الطريقة الصحيحة للتعامل معها، هل هي تدافع واستيعاب وانفتاح وتواصل وجدل بالحسنى، أم قطيعة وتوجس؟
وأشار الباحث والتربوي كمال وجاد، لـ«المجتمع»، إلى أن التنافس الرياضي يوازيه تنافس قيمي وحضاري ساخن في جنبات الملاعب، وعبر مختلف وسائط التواصل الإعلامي والاجتماعي.
وأوضح أن إعلان العاصمة الفرنسية باريس انضمامها إلى عدة مدن قررت الامتناع عن عرض المباريات على شاشات عملاقة أو تخصيص أماكن للمشجعين، وتدشين الاتحاد الإنجليزي حملة لمكافحة التمييز تتضمّن شارة تحمل عبارة «وان لايف»، ورد فعل منظمة «هيومن رايتس ووتش» على هذا القرار وتساؤلها المشروع عن توقيت هذه الخطوة، وانتقادات بعض الرياضيين والإعلاميين الأوروبيين لقرارات تهم الدعوة لاحترام عادات وثقافة البلد المنظم من حيث رفض التطبيع مع الشذوذ الجنسي، ورفع أعلامه، ونشر المشروبات الكحولية وإظهار العلاقات «الحميمية» وسط المدرجات، يشكل أحد أوجه هذا التدافع القيمي والحضاري.
وأكد وجاد أن الاستعداد الكبير الذي بذله البلد المنظم لاستضافة التظاهرة ينبغي أن يصحبه استعداد أكبر للحضور القيمي والحضاري على السواء، بما يعزز مكان الذات وتاريخها وحضارتها ويدفع ثقافة المركز والمحيط، وذلك أحد السبل لجعلها حقاً بطولة للعالم وليس بطولة عالمٍ، ما دامت «الرياضة تلك القوة الناعمة لتغيير العالم»، على حد تعبير أحد القادة الأفارقة.
وقال الناشط المدني والباحث الأكاديمي د. غسان الياكدي، لـ«المجتمع»: إنه بالإضافة إلى «العلامات» الخاصة بالتظاهرة والملاعب الرياضية ذات المواصفات العالية، التي تمتح من الموروث الثقافي والحضاري الإسلامي، فإن دولة قطر تستعد لإثبات القيم الإسلامية والحضارية، والمنافية لكل مظاهر العنف والتمييز العنصري، ومن أبرز القرارات المتخذة منع رفع أعلام منافية للمبادئ الأخلاقية، أو موالية للشذوذ والتطرف.
ويرى الباحث التونسي توفيق الدغاري أن أفضل طريقة للدعوة هي عبر القدوة والسلوك الحضاري للأفراد المسلمين الذين سيتعاملون معهم في قطر والدول المجاورة، أي للمجتمع والدولة المضيفة، ويكون ذلك بحسن الضيافة وإكرام الضيوف والنظافة.
أما الناشط والمحلل السياسي السوري أسامة الملوحي، فيقول: لا بد من إظهار المأساة الإنسانية للمهجرين واللاجئين في المنطقة، فهي أعظم مأساة يشهدها العالم، وسبق للرياضيين أن تفاعلوا في كل بلاد العالم مع الطفل السوري اللاجئ الذي غرق أثناء هربه مع أهله إلى أوروبا، والوقوف دقيقة صمت حداداً على هذه المأساة المستمرة في حفل الافتتاح إذا أمكن كأمر مهم.
وذكر الإعلامي في قناة «الجزيرة أحمد القاضي أن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) يسيطر على الكثير من فعاليات كأس العالم، ويتدخل في الكثير من الأمور بمنعها أو السماح بها.