الجد الأب الداعية الرباني جالس بين أولاده وأحفاده يصف لهم ما يحدث من خطف رسمي قانوني جائر ومحيِّر لأطفال المسلمين في بعض الدول الأوروبية!
الأبناء والأحفاد يرون كل ذلك في مختلف أجهزة التواصل الاجتماعي، مستغربين متعجبين وكأن على رؤوسهم الطير!
يخترق هذا الصمت كلمات الأب والجد الداعية الرباني:
لا تستغربوا فقد حصل مثل هذا الخطف زمان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين انتزع الكفار طفلاً من أسرة أبي سلمة وأم سلمة وفرقوا بين الأم والأب والولد، بل تجاذبوا الولد بينهم حتى خلعوا يده في سوء نزاع بين أهل الزوج وأهل الزوجة تعصباً وغيظاً من الإسلام وأهله، والقصة مفصلة في كتب السيرة!
ويستغرب الأبناء والأحفاد:
ماذا يريد هؤلاء من أطفال المسلمين؟!
ألم يُعطَ المهاجرون في بلاد الغرب الأمان على حفظ أنفسهم وأسرهم وأطفالهم؟!
أين العدالة؟ بل أين الرحمة والأمان؟!
هل سيشعر الآباء والأمهات بالأمان والراحة والاستقرار بعد أخذ فلذات أكبادهم؟!
الجد والأب والداعية الرباني يفكر طويلاً ثم يجيب الأبناء والأحفاد:
لقد زرت هذه البلاد وما جاورها، وكنت أسمع من المسلمين أن أهل هذه البلاد في تناقص عددي، وأن المسلمين في تزايد.
وقرأت كتاباً لكاتب غربي بعنوان «موت الغرب»(1) يحذر أهل ملته من بعدهم عن الدين ويقرع أجراس الخطر، كل ذلك خوفاً من الانقراض والفناء.
فلعل هذا سبب خطف أطفال المسلمين كي يعوضوا النقص الذي يشعرون به جراء خلل أسرهم وقلة المواليد الشرعيين داخل إطار الزواج، وقد يكون لدى البعض أولاد خارج إطار الزواج وهو الآن لا يريدهم فيعطيهم للدولة، وهذا يشجع الدولة على أخذ أطفال المسلمين ولو بغير رغبة والديهم، وقد أعدوا لذلك القوانين والمحامين الذين يقنعون القضاء بمبرر سرقة أطفال المسلمين، وقد يكون لاستخدام القانون الاستخدام الخاطئ لجلب المال الحرام والرشوة بين الشركات والحكومة.
بل قد يهدد الوالدين بسرقة أولادهم وعدم السماح لهم برؤية أطفالهم طول عمرهم، وذلك بقوة القانون.
الأبناء والأحفاد يستمعون هذه الأخبار من جدهم الداعية الرباني ذي الخبرة والأسفار خلال عمله الخيري واحتكاكه مع المسلمين في المراكز والجمعيات والجامعات والمعاهد الإسلامية.
تعالوا الآن لننظر إلى التقارير في «يوتيوب»، ولنأخذ مثالاً على السويد:
يا للهول! تقارير محزنة وكلام يؤلم القلب ويجرح الضمير.
هذا أب عربي يقول: منذ سبع سنين لم أرَ أولادي!
وآخر يقول: أخذوا مني أولادي ومنذ أربع سنين لم أرهم!
وتظاهر الآباء والأمهات قرب البرلمان في تلك الدولة ورددوا: نريد استرجاع أطفالنا.
وأب آخر جريح الفؤاد يقول: طفلي وُلد وأُخذ من غرفة العمليات!
وأم تقول: أخذوا طفلها وعمره ثلاثة أيام!
وأم أخرى تقول: أعرف عنوان المنزل الذي يسكن فيه أولادي، ولكن ليس لي حق بزيارتهم وقد غيّروا أسماءهم!
والبعض يقول: اختطاف الأطفال يعاني منه المسلمون وغير المسلمين.
والبعض يبرر هذه الجريمة بمخالفة القوانين الاجتماعية لتلك الدول التي منها تعنيف الأطفال.
أقول: ومهما كان السبب، فالغاية لا تبرر الوسيلة؛ فإذا الغاية حماية الطفل فيجب أن تكون الوسيلة مشروعة، فخطف الطفل وإبعاده عن والديه الشرعيين ما هو إلا نزع الطفل من المكان الآمن إلى مكان مجهول يترتب عليه آلام نفسية واجتماعية لا يعلمها إلا الله تعالى.
ولحضانة الطفل أحكام مفصلة في الشريعة الإسلامية.
وليت الدعاة الربانيين من الآباء والأمهات والأجداد والجدات يتواصلون مع الأبناء والأحفاد كي يُعرّفوهم بخطورة مكر الأعداء وتاريخ احتلالهم لبلاد المسلمين وفسادهم وسفكهم الدماء وسرقاتهم الثروات ومنعهم الأذان، وتدخلهم كي يحولوا بين المسلمين وشريعتهم وأخوتهم ووحدتهم التي بها ينتصرون ويكونون خير أمة أُخرِجت للناس.
وويل لمن يؤذي الأطفال طغياناً واستبداداً وغروراً وبهتاناً؛ فالله سبحانه وتعالى ينتقم لهؤلاء الأطفال المظلومين كما انتقم من فرعون الذي كان يقتّل ويذبّح الأطفال المواليد؛ فتربى موسى عليه السلام في قصر فرعون، ثم كان غرقه وموته في البحر بعد أن كان يريد قتل موسى عليه السلام!
ويضيف الجد والأب بحزن وألم: إنهم يحسدون المسلمين على ما آتاهم الله من إيمان ودين وطهارة وذرية، وصدق الله: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ) (النساء: 54)، (مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ) (البقرة: 105)، (وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء) (النساء: 89).
اللهم احفظ أبناء المسلمين في كل مكان، والحمد لله رب العالمين.
_______________________________
(1) المؤلف: باتريك جيه بوكانن، الناشر: مكتبة العبيكان.