إن حقوق الإنسان أصبحت أكذوبة مخادعة؛ لأنها دائماً ما تكون لصالح أناس دون أناس من الغربيين وإخوانهم الصهاينة، أما إن كانت الدعاوى ضد المسلمين فإنها ستقام عليهم وتنصب لأجلهم المحاكم، وسيتم القبض على المتهمين منهم بالقوة ويعتبرون ملاحقتهم ومطاردتهم واجباً إنسانياً، فمن ظن أن البشرية لم تعرف حقوق الإنسان إلا بعد مجيء الأمم المتحدة أو منظمات حقوق الإنسان الغربية فهو متخرص واهم، لم يتأمل كتاب الله -سبحانه وتعالى- حق التأمل، ولم ينظر في شرع الله بنظرة دقيقة فاحصة, فالإسلام قد سبقهم بأربعة عشر قرناً حينما أنزل الله تلك الحقوق في القرآن والسنة، وكانت محل إعجاب كل المنصفين حتى من الغربيين أنفسهم، وخلال هذا التقرير نستعرف جرائم الكراهية في الغرب والحرب الأكثر دموية في العالم
جرائم الكراهية في الولايات المتحدة
زادت جرائم الكراهية في الولايات المتحدة خلال النصف الأول من العام الجاري 2022، حيث شهدت العديد من المدن الكبرى ارتفاعا بهذا النوع من الجرائم، وفقًا لبيانات الشرطة التي جمعها مركز “دراسة الكراهية والتطرف” في جامعة ولاية كاليفورنيا في سان برناردينو، وذكرتها مؤخرا منصة “في أو إيه نيوز” (voanews).
وأظهرت بيانات جمعت من 15 قسما للشرطة بهذه المدن الكبرى أنه كان هناك زيادة بنسبة 5% في الحوادث المتحيزة بالنصف الأول من العام الجاري، ويبلغ عدد سكان المدن الـ 15 التي تم جمع البيانات منها 25.5 مليون نسمة.
وبالمقارنة، أظهرت عينة أكبر من البيانات -المستقاة من 52 مدينة رئيسية وجمعها المركز- أن جرائم الكراهية في الولايات المتحدة زادت بنسبة 30% تقريبا عام 2021، وفقًا للتقرير.
ويُعرِّف مكتب التحقيقات الفدرالي جريمة الكراهية على أنها “جريمة جنائية ضد شخص أو ممتلكات يكون دافعها كليا أو جزئيا بسبب العرق أو الدين أو الإعاقة أو التوجه الجنسي أو الهوية الجنسية“.
وازدادت جرائم الكراهية بسرعة في هذا البلد، السنوات الأخيرة، مدفوعة بعدد من العوامل: من زيادة المشاعر المعادية للأشخاص من أصول آسيوية أثناء جائحة الفيروس التاجي، إلى العداء ضد السود ردا على احتجاجات العدالة العرقية بجميع أنحاء الولايات المتحدة عام 2020 بعد مقتل المواطن من أصل أفريقي جورج فلويد من قبل أحد أفراد الشرطة.
وإذا استمرت الزيادة هذا العام، فسيكون العام الرابع على التوالي الذي يتواصل فيه ارتفاع جرائم الكراهية بالولايات المتحدة و”يمكن أن يصبح هذا اتجاها لعدة سنوات قادمة” حسب المدير التنفيذي لمركز “دراسة الكراهية” بريان ليفين.
الأمر أسوأ بدول الاتحاد الأوروبي
شهدت دول الاتحاد الأوروبي الآونة الأخيرة ارتفاعا حادا في خطاب الكراهية وجرائمها، علما بأن قانون الاتحاد الأوروبي يجرم مثل هذا السلوك.
وتسعى المفوضية، بدعم من البرلمان الأوروبي، إلى معالجة هذا الخلل من خلال توسيع قائمة “جرائم الكراهية بالاتحاد الأوروبي” (EU crimes) المدرجة في المادة 83 من معاهدة عمل الاتحاد الأوروبي (TFEU) لتشمل خطاب الكراهية وجرائمها، ولا يمكن القيام بذلك إلا بقرار بالإجماع من المجلس بموافقة البرلمان.
وحسب دراسة عام 2020 للبرلمان الأوروبي وأخرى عام 2021 بدعم من مبادرة المفوضية الأوروبية لمكافحة خطاب الكراهية وجرائمها، زاد معدل حدوث هذه الظواهر بشكل مطرد في جميع أنحاء الاتحاد، السنوات الأخيرة.
ويزدهر خطاب الكراهية خاصة بوسائل التواصل الاجتماعي، حيث يميل مستخدموها، بما في ذلك الشخصيات السياسية، للتعبير عن أفكارهم دون تحفظ.
وتقدم الدراسة أمثلة على خطاب الكراهية وجرائمها التي تعرضت لها مجموعات مستهدفة مختلفة، مع بعض الإحصاءات. فمثلا، أبلغت 63% من الفتيات اللاتي شملهن الاستطلاع عن أحد أشكال التحرش عبر الإنترنت على منصات التواصل. وأفاد 38% من فئة ذوي الإعاقة أنهم تعرضوا لخطاب كراهية في الـ 12 شهرا التي سبقت المسح، ووقع 17% من هؤلاء ضحايا للعنف الجسدي مقابل 8% آخرين.
وارتبطت هذه التطورات بزيادة الهجرة، إضافة إلى الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، وانتشار نظريات المؤامرة والمعلومات المضللة، فضلا عن الاستخدام المتزايد للإنترنت، بما في ذلك وسائل التواصل.
كما يبدو جليا أن جائحة كورونا، وانعدام الأمن والصعوبات الاقتصادية التي أحدثتها، قد ساهم بشكل كبير في زيادة خطاب وجرائم الكراهية في أوروبا.
في الأول من سبتمبر/ أيلول 1939، احتلت القوات الألمانية، بولندا، لتدق معها طبول الحرب العالمية الثانية، التي خلفت آثارا كارثية في تاريخ البشرية جمعاء.
الحرب العالمية الثانية الأكثر دموية بالتاريخ
تلك الحرب شهدت ملايين الضحايا بين قتيل وجريح، في ميادين القتال ومعسكرات الاعتقال الجماعي وضحايا القنبلتين الذريتين اللتين ألقتهما الولايات المتحدة الأمريكية على مدينتي هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين.
اندلعت الحرب العالمية الثانية لعدة أسباب منها التسويات التي انتهت بها الحرب العالمية الأولى التي غيرت رسم خريطة العالم وخاصة أوروبا، والمعاهدات العقابية المفروضة على ألمانيا، ولاسيما معاهدة فرساي عام 1919التي كانت مجحفة بحق ألمانيا من الناحية الاقتصادية والعسكرية.
إلى جانب وصول الحزب النازي برئاسة أدولف هتلر في ألمانيا إلى الحكم، يناير 1933، وطموحه في إلحاق أوروبا بألمانيا، والفاشية بإيطاليا في أكتوبر 1922 على الرغم من خروجها منتصرة في الحرب العالمية الأولى، إلا أنها لم تحقق ما كانت تصبو إليه بالسيطرة على عدة مناطق استراتيجية في منطقة البلقان.
ومع اندلاع الحرب انقسم العالم إلى محورين ضم الأول دول الحلفاء وضم بريطانيا العظمى والاتحاد السوفيتي وفرنسا والصين والولايات المتحدة الأمريكية، وعلى الجبهة الأخرى دول المحور وضم ألمانيا وإيطاليا ولاحقا اليابان.
انضمت اليابان إلى دول المحور لرغبتها في طرد الدول الأوروبية من مستعمراتها في الدول الآسيوية، وبهجومها على القطع البحرية الأمريكية في ميناء “بيرل هاربر” بالمحيط الهادي في ديسمبر1941 مغرقة أكثرها، دخلت واشنطن بشكل رسمي في الحرب إلى جانب الحلفاء.
–الحرب الأكثر دموية في تاريخ البشرية
بلغ عدد الجنود المشاركين في الحرب العالمية الثانية سواء من دول المحور أو الحلفاء أكثر من 70 مليون جندي، لتكون الحرب الأكثر حصدا للأرواح في تاريخ الإنسانية.
استمرت الحرب 6 سنوات، حصدت خلالها حياة أكثر من 60 مليون إنسان بين جندي ومدني، أي 3 بالمئة من تعداد سكان الكرة الأرضية في أربعينيات القرن الماضي، الذي كان يبلغ 2.3 مليار نسمة.
وعند إضافة الذين فقدوا حياتهم بسبب الأمراض والمجاعة، نتيجة الحرب، يرتفع عدد القتلى إلى 80 مليون إنسان.
كما تسببت بتهجير الملايين من منازلهم، وعلى رأسهم اليهود في عدة دول أوروبية، بسبب السياسات العنصرية للنازية الألمانية، كما أجبرت الحرب المدنيين في بولندا وفنلندا ودول البلطيق وصربيا والمجر للنزوح واللجوء.
في السنوات التي دخلت فيها الولايات المتحدة الأمريكية الحرب، أجبر 127 ألف مواطن أمريكي من أصل ياباني، على العيش في معسكرات اعتقال، فقد ألف و800 ياباني على الأقل حياتهم فيها، بسبب سوء المعاملة والعن وسوء التغذية.
معسكرات الاعتقال والإبادة
تلك المعسكرات التي أنشأها النازيون في عدة دول، هي إحدى أسوأ الآثار التي تركتها الحرب العالمية الثانية في تاريخ الإنسانية.
أكبر هذه المعكسرات كان معسكر “أوشفيتز- بيركينو” في بولندا، وقُتل 1.1 مليون من أصل 1.3 مليون شخص أرسلوا لهذا المعسكر.
أُجريت اختبارات على البشر في معسكرات الاعتقال النازية، وأُحرقت جثث الموتى في الأفران، وفي إطار تطبيق السياسات التي تدعم “تفوق العرق الألماني”، قُتل الملايين من المنتمين للأعراق الأخرى وعلى رأسهم اليهود.
وخلال ذات الحرب قُتل أكثر من 6 ملايين يهودي، فيما اصُطلح على تسميته بعد ذلك بـ “الهولوكوست” ووافقت الأمم المتحدة على هذا المصطلح.
السلاح النووي
ألقت الولايات المتحدة الأمريكية قنبلة نووية على مدينة هيروشيما اليابانية في 6 أغسطس/ أب، وأخرى على مدينة ناغازاكي في 9 أغسطس/ أب 1945، ما تسبب في مقتل وإصابة وتشوه مئات الآلاف من الأشخاص.
دمرت القنبلة التي ألقيت على هيروشميا 70% من المدينة، وقتلت القنبلة في لحظاتها الأولى 80 ألف شخص، وبنهاية عام 1945 وصل عدد ضحاياها إلى 140 ألف قتيل.
فيما تسببت القنبلة التي أطلقت على مدينة ناغازاكي في استسلام اليابان، وتسبب تأثير القنبلة في مقتل حوالي 74 ألف شخص.
وفي السنوات التالية لإلقاء القنبلتين توفي قسم كبير من السكان في المناطق القريبة، نتيجة إصابتهم بالسرطان الناجم عن الإشعاع .
واستمر تأثير القنبلتين لسنوات عديدة بعد الحرب، حيث أصيب العديد من الأشخاص بأنواع مختلفة من الإعاقات وبالسرطان نتيجة تأثيرهما.
المجاعات والأمراض
تسببت الحرب كذلك في المجاعات والأمراض التي تضرر منها المدنيون ، وأصيب آلاف الأشخاص بالإعاقة وبالصدمات النفسية.
وفيما واجه الجنود اليابانيون والأمريكيون في جبهة المحيط الهاديء الملاريا، أصيب مئات الجنود في جبهات أوروبا وإفريقيا الشمالية بالتيفوئيد.
-2 سبتمبر.. تاريخ نهاية الحرب
انتهت الحرب التي دارت بين دول المحور بقيادة ألمانيا وإيطاليا واليابان، ودول الحلفاء بقيادة بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، على الأراضي الأوروبية باستسلام النازيين في 8 مايو1945.
إلا أن الحرب استمرت على جبهة المحيط الهادئ، نتيجة رفض اليابان للاستسلام.
وبعد تسبب القنبلتين النوويتين اللتين ألقتهما الولايات المتحدة على اليابان في مقتل 150 ألف شخص، وافقت اليابان على الاستسلام، لتنتهي الحرب العالمية الثانية في جميع أنحاء العالم في 2 سبتمبر/ أيلول 1945.
حقوق الإنسان والغرب
يقول الكاتب الصحافي محمد آل الشيخ ” إبان الحرب الباردة بين الغرب والاتحاد السوفييتي، ابتدع الغربيون (ذريعة) الدفاع عن حقوق الإنسان لتكون (مبرراً) يُعطي القوى الغربية الحق بالتدخل في الشؤون الداخلية لدول المعسكر الشرقي، وتحريض شعوب أوروبا الشرقية على الثورة وإسقاط أنظمتها.
وتابع آل الشيخ: ما من شك أن هذه الدعوات لاقت آذاناً صاغية، وساهمت في إسقاط تلك الدول وانتصار المعسكر الغربي، وعلى رأس ذلك المعسكر بالطبع الولايات المتحدة الأمريكية.
وأضاف آل الشيخ: يبدو أن الأمريكيين ومعهم دول الغرب قد وجدوا في هذه الذريعة سلاحاً فتاكاً من شأنه تهيئة الدول الأخرى، بما فيها دول العالم الثالث لابتزازهم من خلال المنصات الغربية الكبرى للإعلام، لتحويل تلك الدول إلى دول تدور في فلكهم، وسوقاً جاذباً لمنتجات اقتصادياتهم، لذلك أعادوا التجربة ولكنها هذه المرة ليست نحو أندادهم وإنما إلى كل من يحاول أن يتمرد ويستقل عنهم وعن هيمنتهم الغربية، أو بلغة أدق (احتلالهم) الاقتصادي.
وأردف قائلا: غير أن هذه الوسيلة الانتهازية يقوم الغربيون بتطبيقها بشكل (انتقائي) محض، فهي تطبق هنا، بينما يغضون البصر عن تطبيقها هناك، حسب المصالح التي يُقدّرون أنها ستحقق لهم إما أهدافاً تكتيكية مرحلية، أو أهدافاً استراتيجية نهائية.
وقال آل الشيخ: خذ مثلاً تعاملات أمريكا ترامب مع إيران وقارنها مع تعاملات أمريكا بايدن مع الدولة ذاتها، تجد أن لغة وممارسات ترامب في منتهى القوة والحزم الصارم، بينما تجد أن بايدن قد تعامل معهم بأسلوب أكثر ليناً وأقل حزماً من ذي قبل، مع أن إيران لم تتغير، لا في سياساتها ولا في رؤاها تجاه الغرب، خاصة أمريكا، ولم يصدر من ساستها ما يوحي بما يبرر هذا التعامل المتناقض، خاصة فيما يتعلق بحقوق الإنسان؛ بمعنى أن المصالح التكتيكية الوقتية هي ما دفعت بايدن للتسامح، رغبة في جذبها للجلوس معها على طاولة المفاوضات، أما (انتهاكها) لحقوق الإنسان فجرى تهميشه وتقديم المصالح الأمريكية عليها.
وبين آل الشيخ أن ما ينطبق هنا على إيران لأسباب تكتيكية مرحلية، نراه ينطبق على إسرائيل أيضاً ولكن لأسباب استراتيجية، فإسرائيل وتعاملاتها غير الإنسانية هي خارج العملية بشكل كامل؛ فهي تقتل وتغتال وتنكل وتسجن دون أي اعتبار لحقوق الإنسان، ومع كل ذلك لا يجرؤ أي سياسي أمريكي أو أوروبي أن يقول كلمة واحدة، ولو أنه تجرأ وفعل لاعتبر ذلك بمثابة الانتحار السياسي.
الدول الأوربية وتطبيق الشريعة الإسلامية
أجرت جامعة جورج واشنطن الأمريكية دراسة تتعلق بدول العالم التي تلتزم بتعاليم الشريعة الإسلامية حرفيا ؛ والتى اظهرت نتائج “صادمــــــــة ” بحيث أوضحت الداراسة أن دولة “إيرلندا” رغم أنها لا تدين بالإسلام الا انها من أكثر دول العالم التزاما بتعاليم الشريعة الإسلامية بينما حلت السعودية، بلد الحرمين الشريفين بالمركز رقم 91 بين دول العالم في تطبيق الشريعة وجاءت مصر بلد الأزهر الشريف، في مؤخرة الدراسة؛ حيث جاء ترتيبها رقم 128 بين دول العالم التي تطبق تعاليم الدين ؛ كما احتلت دول عربية ودول اشتهرت كذلك أنها إسلامية “ذيل” قائمة الدول التي تلتزم بمبادئ الشريعة الإسلامية الحرفية.
ووفق الدراسة فقد حلت الدول الأكثر التزاما بمبادئ الإسلام “إيرلندا والدنمارك ولوكسمبورج والسويد والنرويج بينما كانت السعودية في المرتبة رقم 91 وإسرائيل رقم 27 وماليزيا 33 والأردن 76.
وجاءت مصر في المرتبة 128 والمغرب في المرتبة 120، وجاءت اليمن في المرتبة 180، وقطر في المرتبة 111، وسوريا في المرتبة 168.
ووفق الدراسة التي استندت إلى بحث قام به مختصون في جامعة جورج واشنطن الأمريكية أن الدول العربية والإسلامية تقبع في مراكز متأخرة ضمن قائمة الدول التي تطبق تعاليم الإسلام.
وقارن الباحثون دساتير 218 دولة وأسس حكمها واقتصادها وتعاملها مع المواطنين مع 113 مبدأ إسلاميا مستمدا من القرآن والسنة فيما يتعلق بالعدالة وتوزيع الثروة والحريات والاقتصاد.
وانتهى البحث الذي أشرف عليه البروفيسور “حسين أسكاري” من جامعة جورج واشنطن شعبة إدارة الأعمال الدولية والعلاقات الدولية، إلى خلاصة تفيد أنه ليست الدول الإسلامية هي التي تحتل المراتب الأولى في الالتزام بالقرآن، بل إن دولًا مثل أيرلندا والدانمارك ولوكسمبورج تأتي على رأس اللائحة.
ويفسر ” اسكارى” حصول الدول الإسلامية على مراتب متدنية؛ بسبب سوء الحكام واستعمال الدين كوسيلة للسلطة وإضفاء الشرعية على نظام الحكم، بينما تنص تعاليم القرآن على أن الازدهار الاقتصادي جيد بالنسبة للمجتمع.
الحكمة من تشريع القصاص
ان الله تعالى شرع القصاص رحمة بالناس ، وحفظا لدمائهم ، وردعاً للعدوان وزجره ، واذاقه الجاني ما اذاقه لغيره، وفيه سكون للنفس واذهاب لحرارة الغيظ من قلوب اولياء المجني عليه ، وفيه حياة للناس ، وبقاء للنوع الانساني، لدلالة الايات على كل هذه المعاني.ومنها (ولكم في القصاص حياة يا اولي الالباب ) لأن القاتل إذا علم أنه سيقتل فلن يقدم على القتل وبذلك تكون الحياة، ثم إن القتل حق لأولياء المقتول فإن شاؤوا قتلوا القاتل وإن شاؤوا عفوا عنه مجاناً أو أخذوا الدية، وعليهم أن يراعوا المصلحة في ذلك فيأخذوا بما هو أصلح من عفو أو دية أو قصاص.
أن القصاص يحقق أهداف العقوبة بردع الجاني عن جريمته، وزجر غيره عن اقتراف مثل جنايته، فهو يؤكد تأكيدا جازما للمجرم قبل ارتكاب جريمته، وعند التكفير فيها وأثناء اقترافها أن الجزاء الذي ينتظره هو مثل عمله تماما، وهذا يجبره على التفكير كثيرا والتردد في الجريمة عند الإقدام عليها، فهو موعظة له ولغيره في التنفير من القتل وبيان عاقبته، ليبتعدوا جميعا عن الإجرام ويحافظوا على الحياة بحسب كتاب الإسلام عقيدة وشريعة للأستاذ محمود شلتوت.
القصاص يشفي غيظ المجني عليه أو أوليائه وأقربائه وأهله؛ لأنهم يوقنون أن الجاني لقي نفس المصير الذي وقع بهم، فتهدأ نفوسهم ويفقدون المسوغ والحجة للأخذ بالثأر؛ لأن القاتل قتل، وهذه الحكمة في شفاء غيظ المجني عليه أحد الأسباب لمنحه حق التنفيذ، ومباشرة القصاص والقتل بيده ليشفي ألم مصابه من جهة، وإنه أسلوب حكيم لاستدعاء الرحمة منه وإشفاقه من التنفيذ، ثم عفوه عن المجني عليه من جهة ثانية بحسب كتاب المدخل العام، للزرقا للدكتور محمد الزحيلي