اتفق حزبا “الليكود” و”عوتسما يهوديت” الاسرائيليان، خلال جلسة مفاوضات ائتلافية عقدت بين الجانبين الليلة الماضية، على شرعنة 65 بؤرة استيطانية عشوائية في الضفة الغربية المحتلة، خلال 60 يوما من تشكيل الحكومة الجديدة.
وبحب صحيفة “ايسرائيل هيوم” في عددها الصادر اليوم الخميس، سيتم إدراج هذه المسألة في بنود الاتفاقية الائتلافية بين “الليكود” بزعامة نتنياهو، و “عوتسما يهوديت” برئاسة إيتمار بن غفير، وتشمل “تسوية الأوضاع القانونية” لـ 65 بؤرة استيطانية عشوائية، وتزيدها بالمياه والكهرباء والبنية التحتية الخليوية مع تعزيز “التدابير الأمنية”.
ووفقا للمعطيات المتوفرة، هناك 451 ألف مستوطن في 132 مستوطنة و147 بؤرة استيطانية عشوائية في الضفة الغربية المحتلة تهدف إلى إحكام الطوق على التجمعات الفلسطينية والاستيلاء على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي، ولا تشمل هذه المعطيات 230 ألف مستوطن في القدس.
وبحسب الصحيفة الاسرائيلية تشمل البنود التي توافق “الليكود” و “عوتسما يهوديت” عليها، شرعنة البؤر الاستيطانية خلال 60 يوما من تشكيل الحكومة، وتعديل قانون الانفصال عن غزة وتسريع إجراءات التخطيط وإنشاء طرق التفافية للربط بين المستوطنات في الضفة المحتلة، وتوسيع شارع 60 وتخصيص الميزانيات اللازمة لذلك بقيمة تتراوح بين مليار ونصف مليار شيقل ، وشرعنة البؤرة الاستيطانية “أفيتار” جنوب نابلس ، وعقد جلسة للحكومة الإسرائيلية فيها.
هذا وقد أكد سياسيون أن اتفاق حزب الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو، و”عوتسما يهوديت” برئاسة إيتمار بن غفير، يعكس صورة “إسرائيل” الحقيقية وقال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، حسام الدجني، إن الاتفاق يعكس صورة “إسرائيل” الحقيقية، ويؤكد أن النظام الإسرائيلي نظام “أبارتهايد” (فصل عنصري).
رسالة إلى السلطة الفلسطينية
وأكد الدجني اليوم الخميس، أن “هذا القرار فيه مخالفة واضحة لقرار مجلس الأمن 2334، والذي يؤكد أن المستوطنات غير شرعية وغير قانونية”.
واعتبر أن “القرار يضع الحكومة “الإسرائيلية” الجديدة في تحدٍّ واضح أمام منظومة القيم في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي نص عليها الدستور الأمريكي”، مشيرًا إلى أن “الإجراء يحمل في طياته رسالة إلى السلطة الفلسطينية بأنه لا جدوى للعمل السياسي مع إسرائيل”.
وبيّن أن القرار “من شأنه أن يضعنا أمام موجة جديدة من التصعيد في المنطقة، ورفع وتيرة عمليات الشباب الفلسطيني الثائر ومقاوميه في الضفة الغربية المحتلة، وعموم فلسطين المحتلة”.
وشدد على أن “المرحلة القادمة هي مرحلة جديدة في تاريخ الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي”.
وأردف مؤكدًا أن “إجراءات الاحتلال هي رسالة للدول العربية والإسلامية التي هرولت إلى التطبيع بأن الكيان الصهيوني لا يمكن أن يكون في يوم من الأيام دولة سلام تسعى للاستقرار في المنطقة، بل على العكس، فهي دولة حرب ودولة قتل وتمييز عنصري”.
جريمة حرب
بدوره، قال المدير العام للمؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان “شاهد” (مؤسسة مستقلة مقرها بيروت)، محمود الحنفي، إن “اتفاق نتنياهو وبن غفير، يمثل جريمة حرب”.
وأكد الحنفي أن “القانون والعُرف الدولي يصف الاستيطان بأنه جريمة حرب، ويمثّل مخالفة واضحة وصريحة لقرارات الأمم المتحدة”.
وشدد على أن “إجراء أية تعديلات ميدانية أو قانونية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، هو مخالفة للقانون، بشهادة الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، الخاص بجدار الفصل العنصري عام 2004”.
وبيّن أن “القرار يذكر بأن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة جميعها تدعو إلى تكثيف سياسة الاستيطان، ويسعى الاحتلال لتنفيذ ذلك بتقسيم الضفة لكنتونات، ومحاصرة الشعب الفلسطيني بكافة الوسائل والطرق”.
واعتبر مدير عام “شاهد” أن “سياسات ومخططات حكومات الاحتلال تؤكد أن التطرف والعنصرية هي السائدة على قراراتها”.
الصهيونية الدينية
وقال المختص بالشأن “الإسرائيلي” عاهد فروانة، إن اتفاق رئيس حزب الليكود “بنيامين نتنياهو”، والأحزاب المتحالفة معه على شرعنة البؤر الاستيطانية العشوائية وتشديد “إنفاذ القانون” على البناء الفلسطيني في المناطق المسماة (ج) بالضفة الغربية المحتلة، يكشف مدى تطرف هذه الحكومة في محاربة الحقوق الفلسطينية.
وأضاف فروانة في حديث مع صحيفة “الاستقلال”، الاثنين، أن حزب “الصهيونية الدينية” له مشاريع كبيرة تتعلق بالاستيطان وضم الضفة الغربية بالكامل، لذلك هم يتطلعون إلى وزارة “الحرب” لخصوصيتها في ضم اللجنة الخاصة ببناء المستوطنات والتي تعطي الأوامر في هذا الشأن.
وبين فروانة، أن هناك سعياً لشرعنه كافة البؤر الاستيطانية بالضفة المحتلة وتوسيع المستوطنات الحالية، لافتاً إلى أن قادة “الصهيونية الدينية” يتحدثون عن إعادة المستوطنين إلى بؤر استيطانية يُنظر بشأنها في القضاء داخل دولة الاحتلال كـ مستوطنة (ايتمار و حومش).
ولفت إلى أن هناك أجندة كاملة لجميع أقطاب حكومة “نتنياهو” المقبلة، مشيراً إلى أن أحزاب “الحريديم” يطالبون بإلغاء “الإدارة المدنية”، بالضفة الغربية، القائمة على تنسيق الأمور بين الاحتلال وطبيعة الحياة بالضفة، ما يعني ضم فعلي للضفة الغربية، الامر الذي سيمكن الاحتلال من سيطرة كاملة ومباشرة على الضفة من النواحي المدنية والعسكرية.
وأشار فروانة، إلى أن “نتنياهو” يخشى الاصطدام مع الإدارة الامريكية، خاصة وأن “جو بايدن” رئيس الولايات المتحدة يسعى إلى تهدئة ملفات الشرق الأوسط للتركيز على الازمة (الروسية الأوكرانية)، ما يعني أن أي تصاعد في عمليات الاستيطان من الممكن أن يقلب الأمور رأسا على عقب.
مرحلة خطيرة
من جهته قال المختص بالشأن الإسرائيلي ناجي البطة، إن رئيس حزب الصهيونية الدينية “بتسلئيل سموتريتش”، ورئيس حزب عوتسما يهوديت ، “إيتمار بن غفير”، يبذلون قصاري جهدهما، لنيل حقائب وزارية يستطيعون من خلالها أن يمارسوا على أرض الواقع كل ما يجول في خواطرهم من نوايا عدوانية ضد الشعب الفلسطيني.
وأضاف البطة لـ “الاستقلال”، أن الحقائب التي يسعون للسيطرة عليها (الأمن والجيش)، وهي في غاية الحساسية والخطورة التي قد تنعكس ليس فقط على المنطقة، بل على الإقليم بأكمله، مستدلاً بذلك تهديد “ايتمار بن غفير” لرئيس الحركة العربية للتغيير أحمد طيبي، حينما قال له: “من كان مستشاراً لياسر عرفات يجب أن يكون في البرلمان السوري لا البرلمان الإسرائيلي”.
ويرى، أن حكومة “نتنياهو” المقبلة، ستكون الأقذر بتاريخ الحكومات المتعاقبة، في تاريخ الصراع العربي “الإسرائيلي”، لما تحمله من مخطط اجرامي ضد فلسطينيي الـ 48 بشكل عام، وضد منطقة النقب بشكل خاص.
وأوضح البطة، أن هناك محاولات من قبل حزب “الصهيونية الدينية” لتقليص هامش الإنجازات التي حققها الاسرى الفلسطينيون داخل سجون الاحتلال، من حصولهم على الحد الأدنى من حقوقهم في وجه إدارة مصلحة السجون، ما يؤشر إلى أننا سنكون أمام مشهد أكثر دموية.
خطورة الاستيطان
ولفت إلى أن الأحزاب الدينية المتطرفة تعمل على استباحة كل فلسطين سواء داخل أراضي الـ 48 أو الـ 67، مستذكراً حزب “الصهيونية الدينية” حينما افتتح الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة بعد حرب حزيران عام 1967.
وبين البطة، أن خطورة الاستيطان يكمن بأنه سيكون على بعد تلمودي توراتي صهيوني، ينافس البًعد “الكيبوتس” الذي أنشأه بن “غوريون” في البعد اليساري الذي يتواجد داخل مناطق الـ 48.
ويتوقع المختص، أن المرحلة المقبلة ستكون في غاية الخطورة، نتيجة أن تهويد القدس سيكون الأسوأ اذا استمرت هذه الحكومة 4 أعوام كاملة، ما يعني أن وضع المسجد الأقصى سيكون في أقصى درجات الخطورة في ظل أن “الصهيونية الدينية” تؤمن في الهيكل المزعوم.