عادت أروقة معرض الكويت الدولي للكتاب لاستقبال الزائرين من هواة القراءة والاطلاع والشغوفين بالأدب والعلوم مع انطلاق الدورة الـ45، الأربعاء الماضي، بعد انقطاع عامين بسبب جائحة كورونا.
وفي هذا الصدد، قال مدير إدارة معارض الكتاب بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب مدير معرض الكويت الدولي للكتاب الـ45 سعد العنزي، في تصريح لـ”المجتمع”: إن المعرض انطلق بمشاركة 29 دولة عربية وأجنبية، ومشاركة 520 دار نشر بشكل مباشر، و130 ألف عنوان تحت شعار “الكويت تقرأ”.
حدث ثقافي أدبي فكري
وأوضح العنزي أن معرض الكتاب الحدث الأبرز أو الأكبر ثقافياً في دولة الكويت، وعلى المستوى الإقليمي هو حدث ثقافي أدبي فكري حضاري؛ لذلك توليه الدولة أقصى اهتماماتها وتتعاضد كافة الوزارات لإنجاح هذه التظاهرة، مشيراً إلى أن المعرض يقام برعاية سمو الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، رئيس مجلس الوزراء، ويأتي بحلة جديدة بعد توقف دام سنتين بسبب جائحة كورونا.
وأشار العنزي إلى أن الاستعداد لهذه التظاهرة الثقافية بدأ منذ فبراير الماضي، حيث تم فتح باب التسجيل إلكترونياً لمدة 9 أشهر، مبيناً أن معرض الكويت قام بفتح أبوابه لجميع الكتَّاب والناشرين طالما توافرت فيهم الشروط، وعن الرقابة على الكتب قال العنزي: إن الرقابة أصبحت لاحقة؛ فأصبح المجتمع رقيب ذاته.
وقال النائب السابق في مجلس الأمة الكويتي د. محمد الدلال: إن عودة معرض الكتاب بعد انقطاع 3 سنوات بسبب جائحة كورونا مناسبة عزيزة ومهمة للشعب الكويتي عموماً، والقارئ والمثقف الكويتي الذي يتطلع لهذا المعرض سنوياً حتى يأخذ من الكتب والإصدارات الجديدة التي تعود بالفائدة على المجتمع.
واعتبر الدلال، في لقاء مع “المجتمع” خلال توقيع كتابه بعنوان “الإطار التشريعي للحوكمة في المؤسسات الرقابية في دولة الكويت المشرفة على النشاط المالي والتجاري”، أن معرض الكتاب بمثابة احتفال ثقافي معرفي مهم جداً للشعوب، مشيراً إلى أن النجاح في معارض الكتاب والتفاعل معها يكشف مدى تحضر المجتمع وزيادة الثقافة لديه.
وأعرب الدلال عن أمله في المستقبل أن يتطور المعرض لأن يكون تظاهرة ثقافية مؤثرة في الكويت وخارجها.
وأوضح الدلال أن كتابه عبارة عن رسالة دكتوراة في الجانب القانوني والحقوقي تتكلم عن الحوكمة في إطارها التشريعي والقانوني في القطاع العام والأجهزة الحكومية، وهو من المؤلفات القليلة على مستوى العالم التي تتناول الحوكمة على مستوى العالم العربي وبتركيز أكبر على مستوى الكويت.
وبيَّن أن كتابه موجه للمسؤولين في الدولة وللأجهزة محل الدراسة وأعضاء مجلس الأمة لاحتوائه مقترحات لتعديلات قانونية على قوانين قائمة، ولبعض منظمات المجتمع المدني التي تتابع هذه الأجهزة ومدى قيامها بأدوارها.
وأشار إلى أنه درس 4 حالات لأجهزة حكومية هي ديوان المحاسبة وهيئة مكافحة الفساد والبنك المركزي وهيئة أسواق المال حول مدى توفر الحوكمة في عمل وأداء هذه الأجهزة من الناحية القانونية.
وزاد أن الرسالة قيمت أجهزة الدولة بناء على 9 معايير وفقاً للمؤشر الدولي للحوكمة من حيث استقلالية عمل هذه الأجهزة وكيفية اختيار القيادة وقدرة الأجهزة على مكافحة الفساد والمساءلة ومدى التزامها بالمعايير الدولية.
وأشار إلى أنها اختتمت بمجموعة من النتائج والتوصيات بحيث تحاول هذه الأجهزة أن تطور من أعمالها وأدوارها حتى تكون بأفضل صورة من الناحية القانونية.
وأشاد الدلال بدور “المجتمع” في تغطية مثل هذه الفعاليات وحرصها على الثقافة والعلم والمعرفة واهتمامها بالجوانب القانونية، وقال: أشكر مجلة “المجتمع” لاهتمامها بمجالات الحياة المختلفة التي تتجاوز المجالات الشرعية والسياسية والاجتماعية إلى الثقافة والمعرفة بكل نواحيها وبالأخص المجال القانوني.
قانون المرئي والمسموع
وأكد الأكاديمي د. علي الكندري أن معرض الكتاب هذا العام يأتي بعد انقطاع عامين بسبب كورونا؛ ولذلك كان الإقبال جيداً، والعناوين الموجودة في المعرض كثيرة، متوجهاً بالشكر للدولة ولوزارة الإعلام بعد السماح لكل العناوين أن تدخل، وخاصة مع تعديل قانون المرئي والمسموع بإلغاء الرقابة السابقة وتركها فقط للاحقة، مؤكداً أن هذا الأمر في صالح الثقافة بالكويت، ويعطي نوعاً من التألق في هذا المجال، وإن شاء الله في قادم الأيام تكون الأمور أفضل وخاصة في مجال الثقافة والأدب.
وأضاف الكندري، في تصريح لـ”المجتمع”: أشارك خلال هذا المعرض بكتابين؛ الأول مؤلف، والثاني مترجم، أما الكتاب المترجم وهو بعنوان “الكويت تتحول إلى دولة نفطية” يطرح فكرة الدولة الريعية كمفهوم وطبق على الكويت، وناقش تاريخ الكويت إلى سنة 1991م، وقام بتغطية مواضيع مهمة في الثمانينيات، والمؤلف الثاني هو كتاب “تاريخ الإخوان المسلمين في الكويت”، وهو في الأصل رسالة دكتوراة، وهي دراسة اجتماعية سياسية فكرية لهذه الحركة منذ التأسيس إلى الغزو، وهو تيار عريض ومهم وموجود في الكويت، والكتابة فيه نادرة، وتوثيق هذا الموضوع مهم للمكتبة الكويتية والمكتبة الخليجية.
وأوضح الكندري أن معرض الكتاب هذا العام كان مميزاً في غياب مقص الرقيب السابق بعد تعديل قانون المرئي والمسموع، وهناك تطلعات أن تستمر هذه الأريحية في حرية النشر والكتابة، وهذا لا يعني القبول بأفكار تسبب الفتنة، مبيناً أن الرقابة اللاحقة كافية لضبط الجو العام، فلا نحتاج إلى رقابة سابقة خاصة في بلد مثل الكويت معروف عنها أنها بلد مفتوح، ونتمنى أن يستمر هذا الأمر في الأيام القادمة.
وفي رسالة وجهها الكندري إلى مجلة “المجتمع”، قال: أنا سعيد جداً بوجود مجلة “المجتمع”، وخاصة في حلتها الجديدة، وهذا ليس بغريب على المجلة، فهي من المجلات السباقة في هذا الأمر، ونتمنى لها الانتشار الأكثر من الأيام القادمة.
متحمسون أكثر من الأطفال
ومن جانبها، قالت منال النشمي، من مكتبة حزاية، لـ”المجتمع”: سعداء بعودة المعرض بعد انقطاع طويل، ومتحمسون أكثر من الأطفال، مبينة أن هناك العديد من الإصدارات الجديدة للأطفال إلى جانب مجموعة من الفعاليات المختلفة التي تناسب كل الأعمار لتوعية الأطفال بأهمية القراءة.
وبينت أن المعرض فرصة حتى يطلع الأطفال على الإصدارات المختلفة في الجانب العلمي والتربوي، مشيرة إلى أن المكتبة تقدم مجموعة من الإصدارات التي تتحدث عن بعض السلوكيات.
وقال أحد الأطفال، في حديثه لـ”المجتمع”: إن هناك العديد من القصص التي تلفت الانتباه في المعرض، ومنها “شاكر المغامر”، و”فكري وفخري والقراصنة”.. وغيرها، مشيراً إلى أن أكثر كتاب نال إعجابه هو “الشارع المسدود”.
ومن جانبها، أشادت إحدى رواد المعرض، في تصريح لـ”المجتمع”، بالمعرض والتنظيم والرعاية السامية من سمو رئيس الوزراء الشيخ أحمد النواف، مؤكدة أهمية الكتاب في التوعية الفكرية، مبينة أن هناك العديد من الكتب الدينية والثقافية والأدبية المتميزة في المعرض.