لا تزال أزمة نقص الأدوية في مستشفيات الكويت تراوح مكانها، رغم الجهود التي تقوم بها وزارة الصحة لسد العجز وتوفير ما تطلبه المراكز الصحية بالبلاد من خلال التعاقد مع شركات لتوريد الكميات المطلوبة.
وبدأ المواطن الكويتي يشعر بأزمة نقص الأدوية من خلال عدم توفرها بالمستشفيات ولجوئه إلى شرائها من الصيدليات التي قد لا يتوفر لديها أيضاً، وهو ما دفع نواباً بمجلس الأمة وأطباء لدعوة وزارة الصحة إلى حل الأزمة وتوفير الأدوية بأسرع وقت.
المخزون الإستراتيجي
وتنبهت وزارة الصحة الكويتية لأزمة نقص الأدوية مبكراً، حيث أكدت أنها تعتمد منهجية محددة للتغلب على التحديات التي فرضتها تداعيات جائحة “كورونا”، وما ترتب على ذلك من تأثر عمليات الإنتاج العالمي، وإغلاق بعض المصانع، واعتذار بعض الشركات بسبب قرارات سيادية في الدول المصنعة بمنع تصدير بعض الأدوية، فضلاً عن التأثر بالأحداث الجيوسياسية.
واعتمدت منهجية الوزارة، وفق بيان لها في يوليو الماضي، على توفير بدائل متطابقة لكل دواء في حال عدم توافره، حيث إن هذه البدائل تحوي التركيبة نفسها والمادة الفعالة، مع التركيز على معايير الجودة والأمان.
وتؤكد الوزارة أنها تولي توفير الأدوية أهمية قصوى، إضافة إلى أن المخزون الإستراتيجي من مختلف أنواعها والمستحضرات الطبية آمن.
تساؤلات نيابية وشعبية
مع ظهور أزمة الأدوية بالمستشفيات، سارع مجلس الأمة الكويتي إلى مناقشة القضية وإثارتها مع وزارة الصحة.
ولمعرفة أسباب الأزمة ووضع حلول لها، ناقشت لجنة الشؤون الصحية والعمل (الخميس 1 ديسمبر الجاري) قضية توفير الأدوية في المنشآت الصحية، بحضور وزير الصحة أحمد العوضي.
وخلال الاجتماع، وفق مقرر اللجنة النائب هاني شمس، تمت مناقشة نقص الأدوية وارتفاع أسعارها في الصيدليات الخاصة مقارنة بالدول المجاورة، ونقص بعض الأدوات في المختبرات.
وأكد شمس، في تصريح نقلته شبكة “الدستور” البرلمانية، أنه سيتم استكمال النقاش في الاجتماعات المقبلة بهدف إنجاز ما ينفع المواطنين، بإضافة بعض الفئات لبطاقة “عافية” وحل مشكلة النقص، ومراعاة مستويات الأسعار، وأن تكون مناسبة وفي متناول الجميع.
وإلى جانب اللجنة البرلمانية تعالت أصوات عدد من نواب مجلس الأمة مطالبة وزارة الصحة بحل الأزمة بشكل عاجل.
وقال النائب صالح عاشور، في تغريدة له على حسابه في موقع “تويتر”: إن “أزمة نقص الأدوية تتفاقم، والوضع الصحي سيئ في البلاد، نتيجة لسوء الإدارة. وعدمُ التحرك بجدية لحل هذه الأزمة سوف يحملك المسؤولية السياسية“.
صحة الناس لا تحتمل التقاعس والتقصير
كما طالب النائب حسن جوهر وزير الصحة باتخاذ إجراءات فورية لمعالجة نقص الأدوية الحيوية، معتبراً أن عدم التعامل مع هذا الملف بجدية سيؤدي إلى محاسبة الوزير.
وشدد جوهر، في تصريح بالمركز الإعلامي في مجلس الأمة (الأحد 4 ديسمبر الجاري)، على أن ما تعانيه وزارة الصحة من انقطاع لهذه الأدوية أمر لا يمكن السكوت عليه.
وقال: “تلك الأدوية تتعلق بأمراض القلب والسكر وضغط الدم والأدوية الخاصة بالعناية المركزة والأطفال“.
وأضاف: “لم تشهد وزارة الصحة اختلالاً بات يهدد حياة المواطن والمقيم على أرض الكويت مثلما يحدث اليوم بسبب انقطاع و(ليس نقص) لأكثر من 2000 صنف من الأدوية الحيوية التي قد تعتمد عليها حياة المريض“.
كما أكدت النائبة جنان بوشهري أن أكثر من نائب وجهوا أسئلة برلمانية إلى وزير الصحة بخصوص نقص الأدوية.
وأوضحت بوشهري في تغريدة لها في حسابها على موقع “تويتر” (الخميس 8 ديسمبر الجاري)، أنها وجهت رسالة لعرضها في جلسة الثلاثاء المقبل تطلب فيها معرفة الأسباب لهذا الوضع الحرج، مضيفة: “صحة الناس لا تحتمل التقاعس والتقصير“.
الأدوات الدستورية
ودعا النائب فيصل الكندري رئيس مجلس الوزراء، الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، إلى تشكيل لجنة تحقيق في شأن نقص الأدوية والمخالفات الموجودة في وزارة الصحة.
وقال الكندري، في تغريدة له على حسابه في موقع “تويتر”: “سننتظر النتائج قبل استخدام الأدوات الدستورية على اعتبار أن صحة الشعب وأموال الدولة تدخل في السياسة العامة للدولة“.
وطالب الكندري رئيس الوزراء بزيارة المخازن والمستشفيات والاستماع للمرضى الكويتيين وما “يواجهون من تعنت بعض الأطباء في وزارة الصحة في صرف الأدوية، حيث يجلس المريض في الانتظار لمدة ساعة وبعد أن يدخل على الطبيب يكتب له علاجاً غير موجود“.
أطباء: مشكلة نقص الأدوية في الكويت لها عدة أسباب
طالب أطباء وصيادلة ومواطنون كويتيون وزارة الصحة بضرورة الإسراع بإنهاء نقص الأدوية.
استشاري طب وجراحة العيون، رائد بهبهاني، اعتبر أن مشكلة نقص الأدوية في الكويت لها عدة أسباب؛ أبرزها: “طول الدورة المستندية البيروقراطية، ومعاملة الأدوية الحيوية وغير المهمة التي عادة لا تصرف ولا تدخل حتى ضمن الضمان الاجتماعي بنفس درجة الأولوية“.
وأوضح، في تغريدة له على حسابه في موقع “تويتر”، أن من الأسباب أيضاً، تضخم عدد المستشفيات مع المركزية يجعل متابعة الطلبات أمراً مستحيلاً، ونظام الوكيل المحلي.
فيما وجه د. يوسف شمس الدين رسالة إلى وزير الصحة وقال “ إلى السيد وزير الصحة د. أحمد العوضي
السكوت عن أزمة نقص الأدوية المتراكمة منذ عهد من سبقوك أو إنكارها أو محاولة التكتم على المشكلة، سيضيفك في إطارهم المتخبط السلبي مشيراً إلى أن بط الجربة وانشر غسيل من قبلك، وحط الحلول اللازمة وطبقها، تكسب الناس، وتسلم
ومع تفاقم الأزمة وزيادة الحديث عنها، أكد وزير الصحة أحمد العوضي، عدم وجود أي نقص في الأدوية الكيماوية لمرضى السرطان في الكويت، دون الحديث عن باقي الأدوية.
وشدد العوضي، في تصريح للصحافيين على هامش افتتاحه فعاليات المؤتمر الرابع لجراحة أورام الجهاز الهضمي، في بداية ديسمبر، أن الوزارة تدعم وجود أدوية المناعة والموجهة واستقطابها في ظل وجود التحديات العالمية والنقص العالمي في الأدوية.
لجنة تقصي حقائق
فيما قررت وزارة الصحة الكويتية تشكيل لجنة تقصي حقائق للبحث وبيان وجود نقص في مخزون بعض الأدوية واللوازم الطبية من عدمه، وتحديد الجهات والأشخاص المتسببين في ذلك.
وأكدت الوزارة في بيان لها، أن اللجنة ستكون برئاسة مستشار من إدارة الفتوى والتشريع، وعضوية أعضاء من الفتوى والتشريع ووزارة المالية، مشيرة إلى أنها “ستعمل على دراسة المعوقات التي تواجه إدارة المستودعات الطبية في أداء أعمالها والمتسببين بذلك“.
وقالت الوزارة: إنه “تم تشكيل لجنة فنية من ذوي الاختصاصات في وزارة الصحة للعمل على تعزيز المخزون الاستراتيجي من الأدوية واللوازم الدوائية، وتوجيه كافة قطاعات الوزارة بالتعاون والعمل مع اللجنة لتحقيق أهدافها“.
وأوضحت أنه شكلت لجنة مشتركة بين وزارة الصحة واتحاد مستوردي الأدوية والجهات المعنية لبحث ومراجعة ارتفاع أسعار الأدوية والمكملات الغذائية في الكويت مقارنة بالدول الأخرى.
وشددت على حرصها على تطوير المنظومة الدوائية والصحية في الكويت من خلال توفير كافة الأدوية وبدائلها، مع المحافظة على استقرار أسعارها، وتعزيز الأمن الدوائي والخدمات الصحية المتكاملة للمواطنين والمقيمين في دولة الكويت.
معالجة نقص الأدوية
فيما قال وزير المالية ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار عبدالوهاب الرشيد: إنه لم يتم رفض أي مخاطبة من وزارة الصحة لمعالجة نقص الأدوية، مشيراً إلى أن الوزارة لن تدخر جهداً في تسريع أي طلب من شأنه توفير الاحتياجات الضرورية لأي وزارة.
وذكر وزير المالية ان الوزارة حرصت على توفير جميع الاعتمادات وتعزيزها بتنسيق مستمر مع وزير الصحة وقيادات الوزارة، وإننا على استعداد تام لتذليل جميع العقبات والتعاون مع الجهات وفقاً لأحكام القانون وبما يحقق المصلحة العامة.
جاء ذلك في بيان تم نشره عبر الحساب الرسمي لمكتب وزير المالية ردا على ما أثير في وسائل التواصل الاجتماعي من ادعاءات حول توفير ميزانية خاصة لمعالجة نقص الأدوية وعدم تفاعل وزارة المالية مع هذا الأمر.
وأكدت «المالية» في البداية على أهمية رقابة الرأي العام الفاعلة واحترامنا المطلق لهذا الحق، وإيماننا بأن رقابة الرأي العام هي سبب في تصحيح ومعالجة أي اختلال في مؤسسات الدولة، واننا نستغل هذه الفرصة لتوضيح كل ما هو غير واضح، إلا أن ما تمت إثارته في وسائل التواصل الاجتماعي من ادعاءات على وزارة المالية والوزير لا أساس لها من الصحة.