أثبتت بطولة كأس العالم في قطر 2022 أنها نسخة استثنائية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فمنذ لحظة الافتتاح إلى الآن استطاعت هذه النسخة بأجواء مفعمة بالسعادة والتواصل بين الشعوب وتعزيز القيم الأصيلة المتجذرة من الإسلام، استطاعت أن تقلب الصورة النمطية التي غذاها الإعلام الغربي طيلة عقود في عقول وقلوب مجتمعه عن العرب والمسلمين.
فلأول مرة في تاريخ كأس العالم يبدأ حفل الافتتاح على “إستاد البيت” بآيات من القرآن الكريم، حيث قرأها الشاب القطري غانم المفتاح من سورة “الحجرات”: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات: 13)، إضافة إلى إقامة الفعاليات المتعددة التي أظهرت مدى التمسّك الكبير بالتراث والثقافة العربية الأصيلة.
أما التعريف بالإسلام وقيمه في هذه النسخة من كأس العالم فحدّث ولا حرج، حيث أبدعت الدولة المضيفة قطر واستغلت فرصاً ذكية، ومنها وضع بعض فنادق الدوحة “باركود” في غرفها للتعريف بالإسلام بكل لغات العالم، فضلاً عن جداريات نشرتها اللجنة المنظمة للبطولة على نطاق واسع تتضمن أحاديث نبوية عن الأخلاق والأعمال الصالحة، وغيرها الكثير.
رسائل عميقة
في سياق ذلك يقول الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين د. علي القره داغي معلقاً على صورة للاعب المغربي سفيان بوفال، وهو يحتضن والدته على أرض الملعب بعد فوز منتخبه على البرتغال: لقد نجحت قطر في إيصال رسائل عميقة للمجتمعات الأخرى وأصبحت محط اهتمام تلك الشعوب.
وأشار القره داغي إلى أن من هذه الرسائل التي أرادت الدولة المضيفة لكأس العالم إيصالها “أننا لا نحتفل بالفوز بفتح زجاجة خمر أو بمرافقة صديقة، وإنما نحتفل مع الأم مصدر بركتنا، ومع العائلة التي يريد الغرب تشتيتها في مجتمعاتنا لنصبح مشتتين مثلهم”.
وأثارت صورة بوفال مع والدته إعجاب الجماهير داخل الملعب وخارجه، وحصدت عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي مشاركة عاطفية واسعة.
ووصف الباحث المغربي عالم يحيى صورة اللاعب المغربي ووالدته بـ”الرائعة”، وقال على صفحته بـ”فيسبوك”: “يا للروعة! هذه ليست صورة وحسب، هذه كتلة مشاعر جميلة تفجرت من ينابيع المنتخب المغربي، لتعبر عن الروح التي تسكن المغرب والشرق الجميل”.
وأكد أن “هذه الصور بمثابة رموز حمالة لقيم ونزعة أخلاقية”، موضحاً أن “صور اللاعبين في حضن أمهاتهم وآبائهم بسمة قلب مفعم بالعطاء وفرح الروح المستبشرة بكل جميل”.
وأشار الداعية د. محمد العوضي إلى أنه في الوقت الذي ترتفع فيه أصوات نشاز تدعو لإباحة الخمور في مجتمعاتنا بتبريرات معطوبة أو نفعية ولو على حساب دين الناس وصحتهم وأمنهم الاجتماعي والأسري، نرى تصريحات الغربيين في مونديال قطر تؤيد منع الخمور لما رأوه من نتائج إيجابية على النفس والأسرة والمتعة الخالية من العنف والتخريب.
وفي رسالة أخرى، علق محمد سيف الدولة على صورة للاعبي المنتخب المغربي ساجدين بعد تحقيقهم عدة انتصارات في كأس العالم بقطر، قائلاً: الساجدون ما أروعه وأرقاه من وصف لهويتنا الحضارية!
أما سعد العجمي، فنقل إعجاب مذيع ألماني بصورة للاعبي المنتخب المغربي مع أمهاتهم، يقول فيه: “هم تعلموا الكرة منا، وتجاوزونا، وليتنا نتعلم الأخلاق منهم لننعم بدفء عائلي مع عائلاتنا ونرى لاعبينا يعانقون أمهاتهم في المدرجات”.
وفي تعليقه على إقبال زوار كأس العالم على المساجد، كتب أحمد بن سعيد، قائلاً: اكتشاف الحنيفية السمحاء في مونديال قطر حيث يستطيع غير المسلمين التعرّف على الإسلام بـ6 لغات، والاستماع إلى القرآن مع ترجمة بـ47 لغة.
ونقل الإعلامي عبدالصمد ناصر رسالة من عائلة كندية إلى أمير دولة قطر جاء فيها: مونديال قطر صديق العائلة.. احترم قيمك يحترمك العالم.