أثار قرار حركة “طالبان” في أفغانستان منع الفتيات من متابعة التعليم الجامعي موجة غضب واستنكار في العالمين العربي والإسلامي، مشيرة إلى أنه يتنافى مع الحقوق الشرعية للمرأة.
وجاء الإعلان عن حظر التعليم الجامعي للنساء في ساعة متأخرة، ليل الثلاثاء الماضي، على لسان وزير التعليم العالي الأفغاني ندا محمد نديم، الذي قال في رسالة موجّهة إلى كلّ الجامعات الحكومية والخاصة في البلد: “أبلغكم جميعاً بتنفيذ الأمر المذكور بوقف تعليم الإناث حتى إشعار آخر”.
وباشرت الحركة، كما يبدو، تطبيق قرارها فوراً؛ إذ منع حراس مسلحون مئات الطالبات من دخول حرم الجامعات، حسبما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية».
وذكرت تقارير إعلامية أفغانية أنَّ طلاب كلية الطب من الذكور في جامعة ننغرهار (شرقاً) تركوا دروسهم أمس، تضامناً مع زميلاتهم، بينما أعلن محاضران على الأقل من جامعتي كابل وقندوز استقالتهما.
يتنافى مع الحقوق الشرعية
بدوره، قال الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه: إن قرار “طالبان” يثير الفزع الشديد والقلق، داعياً سلطات كابل إلى التراجع عنه.
وأعربت وزارة الخارجية السعودية، في بيان، عن استغراب وأسف المملكة لقرار حكومة تصريف الأعمال الأفغانية بمنع الفتيات الأفغانيات من حق التعليم الجامعي.
ودعت المملكة أفغانستان إلى التراجع عن هذا القرار الذي يثير الاستغراب في جميع الدول الإسلامية، ويتنافى مع إعطاء المرأة الأفغانية حقوقها الشرعية الكاملة، وعلى رأسها حق التعليم.
كما أعربت قطر، في بيان لوزارة خارجيتها، عن قلقها البالغ وخيبة أملها من قرار حكومة تصريف الأعمال الأفغانية بتعليق دراسة الفتيات والنساء في جامعات أفغانستان حتى إشعار آخر.
وأكدت الخارجية القطرية أن هذه الممارسات السلبية سيكون لها بالغ الأثر على حقوق الإنسان والتنمية والاقتصاد في أفغانستان.
ودعت قطر حكومة تصريف الأعمال الأفغانية إلى مراجعة قرارها بما يتسق مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف فيما يتعلق بحقوق المرأة.
وشددت الخارجية القطرية على موقف بلادها الداعم لحصول الشعب الأفغاني بكافة أطيافه على جميع حقوقه وفي مقدمتها الحق في التعليم.
عمق الأزمة الفكرية
وقال المدير العام السابق لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) عبدالعزيز التويجري عبر حسابه على “تويتر”: إن قرار حكومة “طالبان” بمنع الفتيات من الدراسة في الجامعات ليس من الإسلام في شيء، بل هو نتاج عقليات منغلقة تجهل أنّ طلب العلم فريضة على الرجال والنّساء، وأنّ كثيراً من كبار علماء المسلمين وفقهائهم تتلمذوا على نساءٍ عالمات، وافتخروا بذلك.
واعتبر الباحث والمفكر الإسلامي مهنا الحبيل قرار “طالبان” بمنع الفتيات من الذهاب للجامعات دلالة على عمق الأزمة الفكرية لدى الحركة، وهو تخلف عن الإسلام ومنهجه السامي مع المرأة.
وأشار في تغريدة على حسابه في “تويتر” إلى أنه لا علاقة له بمعركتها مع الغرب التي تسعى لمصالح اقتصادية معهم، وهو دلالة على أن “طالبان” أبعد ما تكون عن مشروع الاستقرار السياسي والاجتماعي.
إدانة دولية
كما ندد مسؤولون غربيون بالقرار، وقال الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش: إنَّ الحرمان من التعليم لا ينتهك المساواة في الحقوق للنساء والفتيات فحسب، بل سيكون أثره مدمّراً على مستقبل البلاد.
وأدانت واشنطن القرار بأشد العبارات، وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، في بيان: لا يمكن لـ”طالبان” أن تتوقع أن تكون عضواً شرعياً في المجتمع الدولي حتى تحترم حقوق الجميع في أفغانستان، هذا القرار سيرتب على “طالبان” عواقب.
وقال مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك، في بيان: لنفكر بجميع الطبيبات والمحاميات والمعلمات اللواتي لم أو لن يشاركن في تنمية هذا البلد.
وأفاد بيان صادر عن وزارة الخارجية التركية أن التعليم حق أساسي من حقوق الإنسان يجب أن يتمتع به جميع الأفراد دون تمييز على أساس تكافؤ الفرص ولا ينبغي حرمانهم منه.
وأضاف البيان: وفقًا لتوقعات الشعب في أفغانستان، فإن الاعتراف بالحق في التعليم لجميع الفتيات دون استثناء مهم أيضًا لرفاهية البلاد ومستقبلها.
وأردف: في هذا السياق، نعرب عن توقعنا أن تتم مراجعة القرار واتخاذ الخطوات اللازمة في أقرب وقت ممكن.
ويأتي الحظر الجامعي بعد أسابيع من أداء الفتيات امتحانات الثانوية في المدارس، على الرغم من منعهن حضور الفصول الدراسية، منذ أن تولت حركة “طالبان” السلطة في أفغانستان في أغسطس 2021.