تستمر معاناة الروهنجيا منذ قيام الجيش في ميانمار ومليشيات بوذية في عام 2017 بحملة عسكرية ومجازر وحشية ضد الأقلية المسلمة في إقليم آراكان، ولجأ أكثر من 1.2 مليون منهم إلى منطقة كوكس بازار، جنوب شرقي بنجلاديش.
ولا يكاد يمر يوم إلا وتتناقل وسائل الإعلام عن معاناة جديدة تواجهها الأقلية المسلمة وسط صمت المجتمع الدولي.
ويخاطر الآلاف من الروهنجيا، ومعظمهم مسلمون ويتعرضون للاضطهاد في بورما ذات الأغلبية البوذية، بحياتهم كل عام في رحلات بحرية طويلة ومكلفة، وغالبًا في سفن متداعية في محاولة للوصول إلى ماليزيا أو إندونيسيا.
تيه في عرض البحر
في الساعات الأخيرة، وصل زورق متهالك يحمل 57 لاجئاً من الروهنجيا إلى الساحل الغربي لإندونيسيا بعد أن أمضوا شهرًا في البحر، وفق ما نقلت “وكالة الصحافة الفرنسية” عن مسؤول في شرطة أتشيه بإندونيسيا.
وقال المتحدث باسم شرطة المنطقة ويناردي: إن محرك القارب كان معطلًا، وحملت الرياح القارب إلى شاطئ قرية لادونغ، قالوا: إنهم كانوا تائهين في البحر منذ شهر.
وقال رئيس مكتب الهجرة المحلي تيلمايزول سياتري: إن اللاجئين سيتم إيواؤهم مؤقتًا في منشأة حكومية محلية، وأضاف: سننسق مع المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية حتى يمكن التعامل مع هذه القضية على نحو حسن.
هذا ثالث قارب ينقل لاجئين من الروهنجيا يصل إلى إندونيسيا في الأشهر الأخيرة، بعد قاربين حملا ما مجموعه 229 من الروهنجيا، ووصلا إلى أتشيه يومي 15 و16 نوفمبر الماضي، وفق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
ويأتي ذلك، فيما دعا سياسيون من جنوب شرق آسيا ومفوضية اللاجئين إلى إنقاذ سفينة أخرى تحمل ما يصل إلى 200 لاجئ من الروهنجيا، بينهم نساء وأطفال، تائهين في البحر منذ عدة أسابيع.
وقالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الأسبوع الماضي: إنها أبلغت عن القارب منذ أواخر نوفمبر، وإنها تلقت تقارير عن وفاة ما لا يقل عن 10 أشخاص على متنه، فيما من بقوا أحياء ليس لديهم طعام ولا ماء.
وفي 25 مايو الماضي، قُتل 17 شخصاً من أقلية الروهنجيا بينهم أطفال، إثر انقلاب قارب كان يقلهم، أثناء محاولتهم الفرار من ميانمار.
وفي يناير الماضي، وصل قارب يحمل على متنه أكثر من 100 شخص من مسلمي الروهنجيا إلى السواحل الإندونيسية بعد قضاء نحو شهر من التيه في البحر، وهو القارب الثاني الذي يصل إلى البلاد في أقل من 48 ساعة، بعد الأول الذي كان عليه 120 شخصاً.
إنفوجراف يوضح هجرة الروهنجيا من آراكان (المصدر: وكالة أنباء آراكان)
حملة قمع وحشية
وفي أغسطس 2017، أطلق جيش ميانمار ومليشيات بوذية متطرفة حملة عسكرية دامية بحق الروهنجيا، وصفتها الأمم المتحدة والولايات المتحدة آنذاك بأنها “تطهير عرقي”، وأسفرت عن مقتل الآلاف من الروهنجيا.
ووفقًا لمنظمة العفو الدولية، فإن أكثر من 750 ألف لاجئ من الروهنجيا، معظمهم من النساء والأطفال، عبروا إلى بنجلاديش بعد أن شنت قوات ميانمار حملة قمع وحشية ضد الأقلية المسلمة في أغسطس 2017، ليصل عدد المضطهدين في بنجلاديش إلى أكثر من 1.2 مليون.
وقالت “هيومن رايتس ووتش”: إن المسلمين الروهنجيا ما زالوا ينتظرون العدالة وحماية حقوقهم بعد خمس سنوات من بدء جيش ميانمار حملة كاسحة من المذابح، والاغتصاب، والحرائق المتعمدة في ولاية راخين الشمالية في 25 أغسطس 2017.
وأضافت المنظمة أن أكثر من 730 ألفا من الروهنجيا فروا إلى مخيمات متردية ومعرضة للفيضانات في بنجلاديش، بينما لا يزال حوالي 600 ألف تحت الحكم القمعي في ميانمار.
ويعد الروهنجيا، العرقية المسلمة التي تشكل السكان الأصليين لمملكة آراكان، التي أصبحت لاحقاً إحدى ولايات بورما، وكان الروهنجيا يمثلون العرقية الثانية في البلاد من حيث العدد قبل تصفية وجودهم.
ويتحدث الروهنجيا لغة واحدة تدعى اللغة الروهنجية، وهي لغة خليطة من عدة لغات تظهر فيها المفردات العربية والفارسية واللاتينية.
ويمثل المسلمون فيها نحو 15% على الأقل من تعداد ميانمار البالغ 60 مليون نسمة، بينما يعيش حوالي 1.1 مليون شخص من عرقية الروهنجيا في ولاية راخين لكنهم محرومون من المواطنة ويواجهون قيوداً حادة في السفر.
وتعتبر حكومة ميانمار الروهنجيا “مهاجرين غير نظاميين” من بنجلاديش، فيما تصنفهم الأمم المتحدة “الأقلية الأكثر اضطهاداً في العالم”.