استنكر نواب وأكاديميون ودعاة عبر موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” اعتقال السلطات التونسية للمقرئ الكويتي الشيخ محمود سيد الرفاعي خلال مشاركته في مسابقة لتحفيظ القرآن الكريم، في ولاية قفصة.
حيثيات القضية
من جهته، نشر النائب السابق د. وليد الطبطبائي سلسلة تغريدات عن تفاصيل القضية، موضحاً أن «السلطات الأمنية في تونس اعتقلت، يوم الخميس، المقرئ الكويتي الشيخ محمود الرفاعي مع 5 تونسيين، كانوا بصدد المشاركة في دورة لتحفيظ القرآن الكريم بمدينة قفصة بالجنوب التونسي».
وأضاف: «أصل القصة أنه في سنة 2016 تم تدشين مركز أولاد زيد للتأهيل والتدريب، الذي أنشِئ بتمويل كويتي، وهو مركز مجهز بأحدث التقنيات».
وأشار إلى أن «ذلك المركز كان يُستغل في العطل للدورات القرآنية، وأنشطة جمعيات أخرى، وأنه في عام 2017 تأسس مخيم أولاد زيد القرآني، وفيه نحو 120 طالباً من ولايات قفصة والقصرين وتوزر وسيدي بوزيد، وقبل عام 2019 تخرج في المخيم 28 حافظاً للقرآن الكريم كاملاً، وعدد آخر معظم القرآن، وكل ذلك بفضل الله أولاً ثم بفضل إطار كامل من المحفظين الأكفاء وبإشراف محمود الرفاعي».
وأضاف أن «دورة أولاد زيد، حاربها يساري متطرف حين كان نائباً في البرلمان وتم إيقافها عام 2018، ثم استرجعت في أواخر عام 2019، لكن شاء الله أن يُعاد إيقافها بسبب جائحة كورونا».
وأشار إلى أنه في وقت لاحق سعى القائمون على المشروع لإحيائه من جديد، وتمّ التنسيق مع الشيخ محمود الرفاعي، حيث تمت دعوته إلى تونس لتنظيم مسابقة قرآنية لطلاب الدورة، الغاية منها التمهيد لعودة المخيم القرآني في العطلة الصيفية، كما تم استدعاء جميع الطلاب وأوليائهم بفضاء خاص بقفصة لحضور حفل التكريم، يوم الأربعاء الماضي، لكن الحاضرين فوجئوا بوحدات أمنية تداهم المكان وتطلب من الجميع المغادرة بحجة تطبيق الأوامر، وتم اقتياد المشرفين على النشاط للبحث ثم إخلاء سبيلهم قبل إيقافهم مجدداً يوم الخميس، وهم 5 تونسيين ومعهم الرفاعي، وتمت إحالتهم للقطب القضائي لمكافحة الإرهاب بالعاصمة تونس للتحقيق معهم.
وختم الطبطبائي أن «الرابطة العالمية للحقوق والحريات، ومقرها جنيف، تطالب السلطات التونسية بسرعة الإفراج عن المحتجزين ورد الاعتبار إليهم، باعتبار ما قاموا به عملاً تعليمياً تربوياً يختص فقط بتحفيظ القرآن الكريم وليس لهم علاقة بالتهم الأخرى الملفقة».
من جهتها، أكدت المحامية التونسية حنان الخميري اعتقال المُقرئ الكويتي محمود الرفاعي، مشيرة إلى أن النيابة العامة في قفصة أحالته مع 5 أشخاص آخرين إلى «القطب القضائي لمكافحة الإرهاب» بتهم «إرهابية».
وأوضحت أن حيثيات القضية تعود إلى تنظيم مسابقة للأطفال من جهات عدة لتحفيظ القرآن الكريم، في فضاء خاص بولاية قفصة، يوم الخميس الماضي، من طرف مواطنين تونسيين أصيلي الجهة مقيمين في سويسرا، ويشرفون على جمعية لتحفيظ القرآن بقفصة واعتادوا على تنظيم هذه المسابقة في السنوات الماضية.
وشددت الخميري على أن موكليها، وهم منظمو المسابقة، أعلموا السلطات المحلية والجهوية بتنظيم حفل تكريم الأطفال الفائزين في المسابقة، لكنهم فوجئوا باقتحام الأمن الفضاء الخاص (قاعة أفراح)، والقبض عليهم وإحالتهم على القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، فيما يتوقع أن يتم نقلهم اليوم الإثنين إلى العاصمة تونس.
وقال الداعية د. محمد العوضي: أصاب الكويت وأهلها بالصدمة والذهول خبر توقيف الأمن في تونس للشيخ المقرئ محمود الرفاعي أثناء زيارته لمركز القرآن الذي تأسس بتمويل كويتي ويتردد عليه منذ 6 سنوات.
وتابع: كل الشكر لوزارة الخارجية وكل من بذل جهداً للإفراج عن الشيخ الفاضل الذي ما زال معتقلاً في سجون تونس دون ذنب.
وكتب أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية الشريعة جامعة الكويت د. عبدالمحسن المطيري: الشيخ الفاضل والأخ العزيز محمود الرفاعي من خيرة من عرفت أدباً وخلقاً واجتهاداً في تعليم القرآن، وقد فرغ نفسه لخدمة القرآن وأهله في كل مكان، لا يعرف إلا بالاعتدال وحب الخير للناس وهمّ نشر القرآن.
وقال المطيري: نرجو من إخواننا في “الخارجية” الاهتمام بموضوعه، وهو الظن بهم.
وطالب خالد العتيبي السلطات التونسية بسرعة إطلاق سراح الشيخ محمود الرفاعي.
وقال العتيبي للسلطات التونسية: تهمكم واهية ساقطة، الشيخ قارئ معروف مسند، من حفظة كتاب الله والمحفظين له، وله مراكز مباركة في تحفيظ القرآن الكريم منتشرة في محافظات الكويت تحبب كتاب الله للصغار والكبار، ليس له أي علاقة بالسياسة والإرهاب.
وقال القارئ الشيخ أحمد النفيس: الشيخ محمود نذر نفسه لخدمة القرآن وتخريج الحفظة المتقنين، والأمل بالله أولًا وأخيرًا أن يرده إلينا معززًا مكرمًا.
وقال عضو رابطة علماء الخليج د. يوسف السند: هذا زمان غريب! يُؤتمَن الخائن ويُخَوَّن الأمين وينطق الرويبضة ويُكَذَّب الصادق ويُهان حافظ ومعلم وعالم القرآن! ويكَرَّم الشاذون والإباحيون والمغنون والراقصون!
وأضاف: ليكن هناك الموقف الصلب الرافض للابتزاز والفوضى الأمنية التي تنال مقرئ القرآن وحافظه وكل إنسان مسالم بريء!
ودعا المحامي محمد الدوسري وزير الخارجية أن يحرك وزارته لإطلاق سراح الشيخ محمود الرفاعي.
وقال الدوسري: نعرف طبيعة هذه الأنظمة وعدم تقيدها بأي قانون، ولها مصالح كثيرة مع الكويت، فعليها ألا تساوم الكويت على مواطنيها.
وأشار أستاذ كلية الشريعة بجامعة الكويت د. علي الجعفري إلى أن الشيخ محمود الرفاعي خادم لكتاب الله ومعروف بالاتزان والوسطية والاعتدال في المنهج والحكمة في الدعوة، مضيفاً أنه ذهب لنشاط قرآني في تونس بدعوة رسمية وتحت علم السلطات الكويتية والتونسية واعتقاله الآن في تونس يثير الريبة.
وأكد الرئيس التنفيذي لنماء الخيرية سعد العتيبي أن هذا الإجراء من السلطات التونسية غير مقبول لاحتجاز أي عامل كويتي في العمل الخيري، خاصة أن كل أعمال الجمعيات الخيرية الكويتية تتم بطريقة قانونية وبموافقة السلطات في الكويت وتونس.
آخر التطورات
وكشف النائب د. حمد المطر عن آخر تطورات القضية، إذ أعلن أنه تبلّغ من وزير الخارجية الشيخ سالم الصباح، خلال مكالمة هاتفية، بأن سفارة الكويت في تونس «تتابع الموضوع، وكذلك محامي السفارة يتابع الأمر»، مطالباً «الأشقاء في تونس بالسماح بعودة المواطن لبلده».
وكان المطر ذكر، في وقت سابق، أن المواطن الكويتي اعتاد الذهاب إلى تونس منذ 6 سنوات، لإعطاء دورات في حفظ القرآن الكريم والتجويد بالمركز الكويتي الذي تأسس بأموال كويتية من بيت الزكاة بولاية قفصة في تونس، وفجأة اختفى.
وأضاف: «لدينا معلومات بوجوده لدى السلطات الأمنية هناك، ونطالب وزير الخارجية بالتدخل وسفارتنا بتونس لإخلاء سبيله حالاً».
من هو الرفاعي؟
الشيخ محمود سيد الرفاعي، من قارئي القرآن الكريم في دولة الكويت، حاصل على المركز الأول في مسابقة الكويت الكبرى العاشرة لحفظ القرآن الكريم وتجويده، التي أقيمت برعاية سمو الأمير المغفور له الشيخ صباح الأحمد رحمه الله بمسجد الدولة الكبير، وهو إمام مسجد محمد ناصر الهاجري في منطقة الزهراء.
وحصل على إجازة برواية حفص عن عاصم من الشاطبية، من الشيخ عبدالرافع رضوان الشرقاوي، عضو مجمع المصحف بالمدينة المنورة، وحصل أيضاً على إجازة برواية حفص من طريق الطيبة من الشيخ محمد أبورواش، مدير إدارة مراقبة النص في مجمع المصحف، وحالياً يدرس القراءات السبع، كما لديه دورات كثيرة في تصحيح التلاوة في وزارة الأوقاف.